البنك الأهلي المصري في عام 1910
البنوك اليهودية في مصر.. بعضها مستمر حتى الآن
لم تكن سيطرة اليهود على الاقتصاد المصري قبل ثورة 23 يوليو 1952 أن تتحقق دون العبور من بوابة البنوك باعتبارها المحرك الرئيس للاقتصاد في أي مجتمع.
لذا اتجه اليهود إلي إنشاء عدد من البنوك التي تعاظمت أرباحها خلال سنوات قليلة، وقام بعضها بممارسات تجارية غير شرعية لخدمة الكيان الصهيوني في ذلك الوقت.
بنكان من البنوك التي أنشأها اليهود أو ساهموا في تأسيسها ما زالا يقومان بنشاطيهما ويحملان نفس اسميهما التأسيسيين رغم نقل ملكيتهما إلى مصر بعد التأميم.
«شبابيك» يستعرض الظروف التي أحاطت بنشأة هذه البنوك، ونشاطها، والدور الذي قام به بعضها لخدمة الكيان الصهيوني، وكذلك تلك التي ما زالت مستمرة حتى الآن.
علاقة تكاملية
كانت هناك ثمة علاقة تكاملية بين الشركات التي تسيطر عليها إدارياً الرأسمالية اليهودية والبنوك التي يشرف عليها الرأسمال اليهودي، حيث كانت الأخيرة تقوم بكافة الأعمال المصرفية لهذه الشركات، أي كان هناك تكامل بين حقل التمويل المصرفي وحقل النشاط الاستثماري.
وكانت العضوية اليهودية المشتركة العائلية والمستمرة هي الرابطة الضامنة لهذه العلاقة، فمثلاً أشرف «بنك موصيري» على الأعمال المالية لشركة فنادق مصر الكبرى، وشركة أسترا، والصالات المركزية بمصر، وغيرها، بينما أشرف «بنك زلخة» على الأعمال المصرفية لشركة التجارة والتمويل المصرية المساهمة.
أما البنك البلجيكي والدولي فكان يشرف على سكك حديد الفيوم، وأشرف «بنك سوارس» على الأعمال المصرفية لخطوط سكك حديد مصر العليا.
وأشرف البنك الأهلي على العديد من نشاط الشركات الرأسمالية اليهودية وخاصة في حقل التجارة والنقل مثل سكك حديد الإسكندرية والرمل، وسكك حديد الدلتا، وخطوط قنا وأسوان.
ورغم المشاركة اليهودية في بنك مصر إلا أن الشركات اليهودية لم تلجأ إلى البنك في تسوية أعمالها المصرفية وفضلت البنوك الأجنبية.
بنك زلخة
تأسس بالقاهرة في مارس 1944، وبدأ عمله برأسمال قدره 100 ألف جنيه، ثم زادت في العام 1945 إلى 400 ألف، وتنسب تسمية البنك إلى أسرة زلخة اليهودية العراقية.
عمل البنك في مجال العمليات المصرفية، وتحويل العملة، والخصم، والتسليف، والوساطة، سواء لحسابه أو لحساب الغير في مصر، وكذلك جميع العمليات المالية التي لها صلة بتجارة القطن بما فيها الاستيراد أو التصدير، كما كان يجوز له الاشتراك مع الغير في أي مشروع صناعي أو مالي وتجاري، وكان للبنك ثلاثة أفرع في قصر النيل، والموسكي، بينما كان الفرع الثالث بالإسكندرية.
قام البنك بجمع الأسلحة والمؤن وإرسالها إلى الصهاينة في فلسطين، وقدم وزير العراق المفوض في مصر تقريراً للحكومة المصرية يفيد أن وكيل هذه الشركة بالعراق وخليج البصرة هو التاجر والمحامي نسيم روبيني سليمان وهو يهودي، ونال هذا التوكيل عن طريق بنك زلخة بالقاهرة، وأخذ يسخّر هذه البواخر لمصلحته مما يسيء إلى سمعة مصر من نقل المؤن إلى حمل العتاد الحربي من المعسكرات ونقله إلى الصهاينة في فلسطين.
كما اشترى اليهود شحنة من صناديق السلاح الأمريكي في إيران بواسطة الوكالة اليهودية في إيران، وأرسلوها عن طريق هذا الوكيل بواسطة السفن المصرية إلى الصهاينة في فلسطين.
وفي عام 1952 أخطرت الحكومة العراقية المفوضية المصرية ببغداد بأن معلومات رسمية قد وصلت إلى علم الحكومة العراقية تفيد بأن بنك زلخة يزاول نشاطه في مصر بحرية تامة، وعلى أوسع نطاق، وأنه يقوم بكافة أعمال التحويل والتهريب بين فروعه في الشرق الأدنى، ووكلائه في أوروبا وأمريكا من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى.
وتنفيذاً لمقررات هيئة ضباط الاتصال لمكاتب المقاطعة فقد أغلقت فروع البنك المذكور في بغداد ودمشق لثبوت اتصالاته المباشرة وغير المباشرة بإسرائيل.
وحرصاً على تنفيذ الحكومة المصرية مقررات جامعة الدول العربية القاضية بأحكام المقاطعة الاقتصادية على هذا العدو المشترك الرابض في قلب الوطن العربي، ولما كان وجود المصارف اليهودية في البلاد العرية وما تقوم به من أعمال شأنها إضعاف هذه المقاطعة فتوجد ثغرة ينفذ منها العدو ليبدد الخناق الاقتصادي المضروب عليه من قبل الدول العربية فإن وزارة الخارجية العراقية طلبت من المفوضية المصرية ببغداد أن تستعمل نفوذها لدى الجهات المصرية المختصة لإغلاق فروع البنك في مصر وتصفية أعمالها المصرفية والتجارية. وقد تم فرض الحراسة على «بنك» زلخة بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.
بنك سوارس
أسسته عائلة سوارس بالإسكندرية في 10 أغسطس 1936، ووصل رأسماله في يوليو 1943 إلى 100 ألف جنيه، وبلغ عدد أعضاء مجلس إدارة البنك عام 1950 خمسة أفراد من بينهم ثلاثة من اليهود.
نشط البنك في تجارة القطن، وشركات التأمين والملاحة، وتولى رئاسته جاك نجار وكان أبرز أعضائه كارلوس سوارس، وفريدي ساكس، ويوسف قطاوي.
كان للبنك ثلاثة فروع في الإسكندرية، والقاهرة، وطنطا، وفي عام 1946 بلغ صافي أرباحه 1091 جنيها، وفي عام 1948 بلغت أرباحه 2005 جنيه، ولحقت به خسارة في عام 1949 بلغت 7402 جنيه، وفي عام 1950ارتفعت الخسارة إلى 10508 جنيه.
تلاعب البنك في فوائد القروض التي كان يقدمها للمقترضين، ففي حين كان يحتسب البنك الفائدة بواقع 4% سنوياً، إلا أنه كان يستكتب المقترضين أوراقاً ليتمكن من رفع الفائدة إلى 11%.
بنك موصيري
أسسته أسرة موصيري الإيطالية اليهودية في القاهرة في 30 سبتمبر عام 1880، وحقق أرباحاً طائلة، ففي عام 1935 بلغ صافي أرباحه 3661 جنيها، وفي عام 1948 حقق 4021 جنيها، وفي عام 1950 حقق 3219 جنيها.
مارس البنك كافة الأنشطة والمعاملات المالية والتجارية وكان من أعضائه البارزين موريس نسيم موصيري، وفيتا إبراهام فرحات، وفليكس موصيري.
خالف البنك القانون المصري خاصة فيما يتعلق باشتراط تعيين نسبة معينة من المصريين في البنوك الأجنبية، إذ أصر مسئولوه على توظيف العمالة الأجنبية مفضلاً إياها على المصريين.
البنك البلجيكي الدولي
تأسس في عام 1912، وأعيد تأسيسه في شكل شركة مساهمة عام 1929 عبر عدد من البنوك والشركات المالية البلجيكية والبنك التجاري السويسري إضافة إلى عائلتي «رولو» و«عدس» اليهوديتين المصريتين وبلغ رأسماله 500 ألف جنيه مصري.
كان مركزه الرئيسي بالقاهرة، إضافة إلى فروع في أخرى بها أيضاً وكذلك في الإسكندرية. وكان من أبرز الشخصيات في مجلس إدارته أميل نسيم عدس، وسير روبير رولو.
البنك التجاري المصري
تم تأسيسه عام 1905 باسم «بنك التسليف الفرنسي»، ثم تحول إلى شركة مساهمة مصرية باسم البنك التجاري المصري عام 1920، وأسهم في تأسيسه عائلتا «سوارس» و«قطاوي».
صادف تأسيس البنك ظروفا اقتصادية سيئة أثرت على أعماله في الثلاثينيات، ولكن تحسنت أوضاعه المالية ابتداء من العام 1944، وكان من أبرز أعضاء مجلس إدارته جاك سوارس، وجوزيف قطاوي.
ومن البنوك التي أسسها اليهود وما زالت مستمرة حتى الآن باسمها:
البنك العقاري المصري
تأسس في أول يناير 1880 عبر ثلاث عائلات يهودية هي «سوارس» و«قطاوي» و«رولو» إضافة إلى أحد البنوك الفرنسية العالمية وهو بنك «الكريدي لونيه» وهو البنك الرئيسي لصندوق الدين في عهد الخديوي إسماعيل.
لعب البنك دوراً خطيراً في الاقتصاد الزراعي المصري. وحتى عام 1901 بلغت جملة الأراضي التي يتحكم فيها ما يقرب من مليون فدان نتيجة القروض الهائلة التي كان يقدمها للفلاحين.
تولى إدارة البنك «روبير رولو» الذي أنعمت عليه الحكومة البريطانية بلقب «سير» نتيجة جهوده العظيمة في خدمة مصالحها.
البنك الأهلي المصري
تأسس عام 1898 برأسمال قدره 3 ملايين جنيه إنجليزي ومبلغ مماثل كاحتياطي، ويلاحظ أن هذا البنك تحول إلى بنك مركزي عام 1951 وزاول إصدار أوراق البنكنوت بمقتضى امتياز ممنوح له وتم تأسيس البنك على يد روفائيل سوارس، وأرنست كاسل، وميشيل سلفاجو، وأسهمت عائلات «سوارس» و«هراري» و«رولو» في تمويل وإدارة هذا البنك.