القافية.. المبارزة لا تنتهي على مقاهي القاهرة
من على مقاعد مقاهي القاهرة قديماً ولد فن فكاهي اعتمد في الأساس على سرعة البديهة وقوة الرد ووضوح الكلمة وطرافتها سمي بـ«القافية».
والقافية من الفنون القولية الارتجالية المعروفة في المقاهي بمباريات كلامية بين اثنين، وأحياناً يكون لها حكم للاحتكام إليه، ويشترط فيها التراضي والتغاضي والرضا بالمزاح.
ولأن الهزل يكون بديلاً عن الجد غالباً في أصول هذه اللعبة، لذا فإن من أنواع الاعتذارات التي يقبلها العامة في مسألة المزاح أن يُقال له على سبيل الاعتذار: «أصل القافية حكمت»، لأنهم جميعاً يعتبرون «القافية» فناً تمثيلياً قولياً مزاحياَ ارتجالياً له قوانينه التي تعتمد على المفاجأة القولية، وتسري على الجميع.
بداية المباراة
تبدأ المباراة بقولة متكررة: «تدخل لي في قافية»، فيقول الأول كلاماً لاذعاً فيرد عليه الثاني بقوله: «إشمعنى» بمعنى «ماذا تقصد بقولك هذا؟»، فيرد عليه الأول رداً لاذعاً غالباَ ما يثير الضحك حتى للثاني.
وأحياناً كثيرة تكون القافية معنونة بعنوان يلتزم الطرفان بسياق هذا العنوان، فمثلا قافية الرياضة أو التعليم أو الطب أو المشروبات أو المكيفات أو الغناء.. إلخ.
5 مقاهي تُعيدك إلى الماضي.. «فاروق» زار واحدة منهم
الإذاعة والمسرح
اشتهرت مقاهي خاصة بمباريات القافية تلك، منها مقهى «المضحكخانة» بالسيدة زينب الذي ذكره جمال الغيطاني في كتاب «القاهرة في ألف عام».
ولكن هذا الفن تطور وأصبح فناً مسرحياً وإذاعياً وانتقل إلى المجلات الفكاهية التي اشتهرت في الجيل الماضي. ومن أشهر مبارياتها الإذاعية تلك التي كانت بين «الفار» و«الجزار»، وكذا بين «الخواجة بيجو» و«أبو لمعة»، وكان من أشهر كتابه الزجال الفكاهي حسين شفيق المصري.
ومن الشخصيات الفكاهية التي احترفت فن القافية في مقهى الفيشاوي شخصية «عم إبراهيم». ووصفه «الغيطاني» بأنه كان رجلاً قصيراً، ضريراً يتاجر في الكتب، وكان سريع النكتة.
في ليالي الثلاثينات كان «إبراهيم» يجلس إلى عدد كبير من الرواد، ويبادلهم هذا الشكل الفكاهي من الحوار، وكان يرد عليهم كلهم ويهزمهم. من هؤلاء الرواد كان نجيب محفوظ نفسه.
ورغم أن «القافية» من الفنون الفكاهية القديمة إلا أن مقهى «أفتر إيت» بوسط البلد مازال شهيراً بأنه مكان يلتقي فيه محبو عقد جلسات القافية والإفيهات.