تمكين الشباب.. هل تتعلم مصر من تجربة «كوكب الإمارات»؟
قد يستيقظ العالم ذات يوم ونحن نرى الإمارات أصبحت واحدة من أكثر الدول تقدما، بعد أن قررت الاعتماد على الشباب، وجعلهم جزءا أساسيا في صناعة القرار السياسي والاقتصادي، وبعد أن رأينا وزراء إماراتيين لا يتجاوز عمرهم الـ22 عاما؛ لتتفوق في هذه النقطة تحديدا على دول أوروبية كثيرة.
الخطة أطلقها رئيس الوزراء محمد بن راشد آل مكتوم، لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع حلول العام 2021 الذي يعتبر اليوبل الذهبي لاتحاد الإمارات.
وفي الوقت الذي تنطلق بمصر مؤتمرات ومبادرات لدعم الشباب.. ماذا يمكن أن تتعلمه مصر من الإمارات كبلد عربي يوصف بأنه دولة شبابية؟
السياسة
- وزراء شباب
في العام 2016 تفاجئ العالم العربي بالتعديلات الوزارية الجديدة التي أقرتها الإمارات، بتعيين 8 وزراء من الشباب.
متوسط أعمار هؤلاء الوزراء الشباب لا يتجاوز الـ38 عاما، بينهم 5 وزيرات نساء، أصغرهن شما المزروعي، التي لم تتعدَ وقتها الـ22 عاما، والتي تولت وزارة الشباب.
لم تسند الإمارات إلى هؤلاء الشباب وزارات بسيطة أو «سهلة» بل ابتكرت الدولة وزارة جديدة تماما وهي وزارة الذكاء الاصطناعي؛ التي أسندتها إلى عمر بن سلطان العلماء، الذي يبلغ من العمر 27 عاما.
كما أسندت وزارة العلوم المتقدمة لسارة يوسف أميري التي تبلغ 30 عاما.
رواندا.. قصة دولة أفريقية من المجاعة لواحة التنمية
- مؤشر رفاهية الشباب
ومن ضمن الوزارات الجديدة التي استحدثتها الدولة من أجل الشباب فقط، كانت هناك وزارة للسعادة، تولتها الشابة عهود الرومي، والتي تستهدف مراقبة سياسة الدولة وخططها وبرامجها والتأكد من أنها تعمل على تحقيق السعادة والرخاء للمجتمع.
وفي زمن تخوض فيه دول عربية كثيرة حروبا وثورات تجعلها لا تعرف الاستقرار مطلقا، عرفت الإمارات أن تحقيق خطتها لعام 2021 يعني إتاحة جو من السلام والاستقرار ليستطيع الشباب الإيمان بهذا المستقبل والقيام بدورهم دون إحباطات، فاستحدثت الدولة بوزارة التسامح التي أسندتها إلى لبنى القاسمي، التي ترسخ لقيم التعايش واحترام التعددية الثقافية والدينية.
وبينما كان العالم العربي ينظر بانبهار إلى هذه التجربة، اهتمت الإمارات بـ«مؤشر رفاهية الشباب» وهو عبارة عن دراسة استقصائية لتقييم وتحسين وضع الشباب واحتياجاتهم من الناحية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والصحية والأمن والسلامة، وظروف المعيشة والقيم والأخلاق وحتى قضاء وقت الفراغ ونسبة مشاركتهم في صنع القرار؛ وفقا لـ«موقع الحكومة الإماراتية».
كيف استطاعت الإمارات أن تفعل كل هذا؟
كان ذلك من خلال خطة مدروسة استهدفت تمكين الشباب في عدة محاور منها:
صناعة القرار
- مجلس الإمارات للشباب
أسست الدولة مجلس الإمارات للشباب ليكون حلقة الوصل بين الشباب والحكومة.
في مجلس الإمارات للشباب، ستجد شبابا تتراوح أعمارهم بين الـ22 عاما والـ30 عاما، من أبرز شباب الإمارات في مجالات مختلفة، مثل ريادة الأعمال والسياسة القانون والاقتصاد. يجتمع الأعضاء ليناقشون القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وليشرفوا بأنفسهم بعد ذلك على جميع المبادرات والمشاريع التي تقدم حلولا لمشاكل الشباب أو تقدم فرصا أفضل لمستقبلهم وطموحاتهم.
ليس هناك مجلس واحد للشباب في الإمارات، ففي كل إمارة مجلسها الخاص، الذي يستهدف تمكين الشباب والارتقاء بقدراتهم وحل مشاكلهم في الإمارة التي يتواجد فيها.
التعليم في سنغافورة.. هنا يختار الطلاب مناهجهم
- الشباب ومركز الابتكار الحكومي
اعتبرت الإمارات أن العام 2015 هو عام الابتكار وأنشأت مركز محمد بن راشد آل مكتوم للابتكار الحكومي، المعني بتقديم حلول واقعية ومبتكرة للمشكلات التي تقابلها الدولة.
لكن ماذا يعني ذلك بالنسبة للشباب؟
المركز يعمل بالتوزاي مع مجلس الشباب بالإمارات، حيث يجتمع أعضاء مجلس الشباب في جلسات عصف ذهني وورش عمل، لتقديم حلول مبتكرة وقابلة للتنفيذ على أرض الواقع للمشاكل التي يعانيها الشباب.
لا تقف أهداف مركز الابتكار عند حدود مشاركة الشباب برؤيتهم وقراراتهم فقط، ولكن بتأهيل الشباب وتدريبهم على التفكير الإبداعي والابتكار من خلال مبادرات وطنية وحاضنات للابتكار، بالإضافة إلى تخصيص دبلوم متكامل لدراسة علم الابتكار، وتدريب الشباب على التفكير الإبداعي وتقديم حلول غير تقليدية.
التعليم
- دعم الشباب في التعليم
عندما نأخذ شما المزروع،ي كوزيرة للشباب لم تتعدً الـ22 عاما، سنعلم أنها نموذج طبقت من خلاله الإمارات خطتها لتمكيم الشباب.
حصلت «شما» على الماجستير من جامعة أكسفورد البريطانية في السياسات العامة، وحصلت على البكالوريوس من جامعة نيويورك؛ وكانت أول إماراتية تحصل على منحة «رودس» التي تمكن الطلاب الإماراتيين من استكمال دراستهم العليا بالخارج.
فالإمارات المعروفة بكثرة مبادراتها التعليمية، ركزت على دور المنح الدراسية في بناء كوادرها الشبابية، فهناك المنح الداخلية التي تعفي الطلاب المتميزين من المصروفات الدراسية في الجامعات الخاصة بداخل دولة الإمارات وفي مجالات مثل الطب والعلوم الصحية، العلوم الهندسية، العلوم البيئية، وعلوم الطاقة.
وهناك المنح الخارجية التي توفرها الدولة في مجالات مثل الابتكار،علوم الفضاء، الطب والعلوم الصحية، مصادر المياه والتحلية، الطاقة المتجددة والبديلة، الزراعة والأنظمة الغذائية، وسائل المواصلات والبنية التحتية؛ وتكون هذه المنح مدفوعة بالكامل حتى تكاليف شراء الكتب والتأمين الصحي.
بـ«التعليم المرح» اليابان في الصدارة .. طب إزاي؟
الجانب الاجتماعي
- منحة الزواج
دعم الدولة للشباب لا يقتصر على الأدوار الكبيرة التي تحتاجها الحكومة، فقد أطلقت الإمارات منحة الزواج لدعم الشباب محدودي الدخل في تكاليف الزواج.
أطلقت الإمارات «صندوق الزواج» الذي يدعم كافة الشباب من أصحاب الدخل المحدود أو الشباب أصحاب الدخل المتوسط الذين يعيلون آبائهم أو أحد أقاربهم؛ والذين تتجاوز أعمارهم الـ21 عاما، وأن يتزوجوا من مواطنات إماراتيات.
وبجانب الدعم المادي يقدم الصندوق التوعية للشباب قبل الزواج ومساعدتهم في العثور على شريك الحياة المناسب ومساعدتهم في إيجاد صالات للزفاف، وتقديم الإرشاد في حياتهم الزوجية بعد الزوج.
الاقتصاد
- الشباب والمشروعات الصغيرة
في الإمارات ستجد الكثير من المبادرات التي تدعم المشروعات الشبابية؛ فخطة 2021 تستهدف بشكل أساسي التنمية الاقتصادية، ولهذا اتجهت الدولة لدعم الشباب من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
فمع قدوم العام 2015 قررت الحكومة الإماراتية تخصيص 10% من ميزانيتها لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإعفاء الشركات المملوكة للشباب الإماراتي من رسوم التسجيل لأول عامين.
لم يقتصر الأمر على المشروعات الناشئة، بل قررت الحكومة أيضا دعم المشروعات الشبابية المتعثرة، بتوفير التدريب والخبرات والاستشارات، مع الدعم المادي والحوافز؛ بالإضافة إلى تخصيص مبادرات لدعم الفتيات في مجال ريادة الأعمال.
الدعم الذي تقدمه الحكومة يستهدف في الأساس أن تصبح المشروعات الصغيرة والمتوسطة تمثل 70% من الناتج المحلي غير النفطي.. هذا يعني أن هذه النسبة الكبيرة سيكون المتحكم فيها هم الشباب فقط.