«الحركة الخضراء» في إيران.. هل تقف تظاهرات 2009 وراء احتجاجات اليوم؟

«الحركة الخضراء» في إيران.. هل تقف تظاهرات 2009 وراء احتجاجات اليوم؟

كان العام هو 2009، عندما أصبح الحدث الأبرز في الصحف الإيرانية هو فوز أحمدي نجاد بالانتخابات الرئاسية لفترة ثانية؛ ثم اندلاع  تظاهرات مكثفة ضد مزاعم تزوير الانتخابات، بعد أن خسر مرشح المعارضة مير حسن موسوي.

«أين صوتي؟».. و«من سرق صوتي أيها الديكتاتور».. هكذا هتف المتظاهرون الذين ملئوا شوارع العاصمة طهران وهم يحملون لافتات خضراء التي كانت شعارًا لحملة «موسوي» الانتخابية، لتلتصق بهم هذه التسمية للأبد ويصبحون «الحركة الخضراء».

الحركة الخضراء قادت المظاهرات الأوسع في تاريخ إيران آنذاك، منذ الثورة الإسلامية عام 1979 .. عشرات الآلاف امتلئت بهم المدن الكبرى بخلاف العاصمة طهران، مثل أصفهان وشيراز.. وتطورت الهتافات من التنديد بتزوير الانتخابات إلى المطالبة بإسقاط النظام بالكامل.

فتيات إيرانيات في تظاهرات الحركة الخضراء عام 2009
تظاهرات الحركة الخضراء عام 2009

النظام يرد بقسوة

ولم يقف النظام متفرجًا أمام هذه التظاهرات التي توشك أن تتحول لثورة جامحة؛ بعد أن نجحت الحركة في استغلال مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر» في المزيد من الحشد.

قوبلت التظاهرات برد فعل «قاسي» من النظام، كما تصف شبكة «دويتشه فيله» الألمانية.. بدأ الأمر بحملات اعتقالات واسعة للمتظاهرين وكذلك الحقوقيين والصحفيين الذين أيدوا التظاهرات.. اشتبك الأمن مع المتظاهرين وحدث الكثير من أعمال الشغب؛ ثم التعذيب داخل السجون، وتردد أنباء عن اغتصاب المعتقلين أيضا؛ ووصل الأمر إلى دعوة بعض أعضاء الحكومة  لتنفيذ حكم الإعدام في المتظاهرين المعادين للسلطة!

أغلقت الصحف المعارضة، وراقبت الحكومة مواقع التواصل الاجتماعي قبل أن تتخذ قرارها بحظر «فيس بوك» في إيران كلها.

أوتوبيس يحترق في أعمال شغب بتظاهرات الحركة الخضراء عام 2009
أعمال عنف في تظاهرات الحركة الخضراء عام 2009

المرجعية الفكرية للحركة

في ذلك الوقت كان يقود الحركة الخضراء، المرشح الخاسر «مير حسن موسوي» صاحب الفكر اليساري، و«مهدي كروبي» وهو رجل دين وسياسي من اليسار الإسلامي، وهو ما جعل للحركة قاعدة شعبية عريضة في بدايتها، خصوصًا مع طرحها عدة قضايا حساسة للغاية مثل إعادة النظر في ولاية الفقيه، ومناقشة علاقة النظام الحالي بحزب الله وحركة حماس، وإعادة تقييم علاقات إيران الخارجية بعيدًا عن مبادئ الثورة الإسلامية؛ مع بناء علاقات مع منظمات دولية لحقوق الإنسان ومراقبة الشفافية السياسية.

المعارض الإيراني اليساري مير حسن موسوي
المعارض الإيراني اليساري مير حسن موسوي

ورغم إخماد التظاهرات لكن هذين الرجلين كانا يشكلان مصدر قلق للنظام؛ لذلك تم وضعهما تحت الإقامة الجبرية منذ العام 2011؛ دون محاكمة أو توجيه تهم بعينها، كما تذكر شبكة «بي بي سي».

تراجع الحركة الخضراء

لم يُوضع قائدي الحركة تحت الإقامة الجبرية بعد تظاهرات 2009 مباشرة، فقد مر عامين هدأت فيهما الحركة كثيرًا بعد حملة الاعتقالات، حتى اللحظة التي دعا فيها «موسوي» و«كروبي» الشعب للخروج في تظاهرات ضد النظام في العام 2011، على غرار ثورات الربيع العربي؛ وفقًا لموقع «المونيتور».

هناك عامل آخر جعل هذه الحركة تنحسر، فقد عكست هذه الحركة الصراع القائم في المجتمع الإيراني، منذ الثورة الإسلامية؛ بين الإصلاحيين والمحافظين؛ خصوصًا أن مؤيدي الحركة كانوا من الطبقة المتوسطة والمتوسطة الميسورة، والذين لم يطرحوا حلولًا جذرية للمشاكل الاقتصادية، في مقابل الطبقات الشعبية من أصحاب الدخل المحدود الذي يؤيدون النظام الإيراني المحافظ؛ وفقًا لـ«المونيتور».

السياسي ورجل الدين الإيراني مهدي كروبي يدلي بصوته في انتخابات 2009
السياسي ورجل الدين الإيراني مهدي كروبي

بعض السياسيين الإيرانيين يرون أن انحسار شعبية هذه الحركة، كان بسبب استخدام النظام مجموعات «معادية للثورة» لتصدر للشعب أن هذه الحركة تريد إحداث الاضطرابات في البلاد، مع تراجه الحكومة عن السياسات التقشفية ورفع الأسعار؛ وفقًا لصحيفة الحياة اللندنية.

عودة التظاهرات من جديد

رغم انحسار الحركة والهجوم الدائم في وسائل الإعلام الرسمية، لكنها كانت تستغل كل مناسبة لتطل برأسها من جديد، ولتعلن أنها لا تزال حاضرة؛ مثل دعوتها لتظاهرات بعد أن أصيب «موسوي» بنوبة قلبية خلال إقامته الجبرية، أو خروج بعد أعضائها بلافتاتهم الخضراء ضد الحملات الانتخابية للرئيس الحالي «حسن روحاني» إضافة إلى توعد بعض النشطاء السياسسن بمواقع التواصل الاجتماعي بتكرار تظاهرات 2009 من جديد.

  • تظاهرات ضد الأزمة الاقتصادية

يبدو أن الحركة الخضراء كانت تنتظر اللحظة المناسبة لتعلن عن نفسها من جديد؛ فمنذ أيام قليلة ومع نهاية العام 2017 تصاعدت احتجاجات عنيفة في عدة مدن إيرانية، لكن هذه التظاهرات تختلف كثيرا عن احتجاجات 2009، في تنديد بتردي الأوضاع الاقتصادية مثل ارتفاع معدل البطالة وارتفاع الأسعار.

ولم تمضِ أيام حتى تحولت هذه التظاهرات إلى احتجاجات عنيفة صحبها الكثير من أعمال العنف من قبل المتظاهرين.. اقتحام مراكز الشرطة، إحراق للسيارات، واشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن؛ وتوسعت الهتافات لتندد بالريس حسن روحاني وعدم قدرته على مواجهة الفساد، وضد قائد الثورة آية الله خامنئي.

سيدة تقف في مرمى قنابل الغاز في احتجاجات إيران 2017-2018
أعمال شغب في احتجاجات إيران 2017 - 2018

لكن هذه التظاهرات تختلف كثيرا عن احتجاجات 2009، فهي تندد بتردي الأوضاع الاقتصادية مثل ارتفاع معدل البطالة وارتفاع الأسعار

ومرة أخرى تتوعد الحكومة الإيرانية ما وصفتهم بأنهم «مثيري الشغب» وأنه يتبعون «أجندات خارجية» خصوصًا بعد أن حظيت هذه التظاهرات باهتمام دولي، وعلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن «الشعب الإيراني جائع للحرية» وفقًا لـ«بي بي سي».

هل للحركة الخضراء علاقة بالتظاهرات؟

«الاحتجاجات المناهضة للنظام الإيراني ليست إلا بداية حركة كبيرة يفوق مداها تظاهرات 2009».. كانت هذه تصريحات المحامية الإيرانية شيرين عبادي، في حورا مع صحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية.

العبادي ترى موجة الغضب التي تم قمها في العام 2009، لها دور خفي في تظاهرات اليوم؛ رغم أن شبكة مثل «سكاي نيوز» تقول أن التظاهرتين مختلفتان في الهدف تمامًا، فالأولى كانت ضد تزوير الانتخابات، والثانية نتيجة غضب شعبي لتردي الحالة الاقتصادية.

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال