كواليس خطب السادات الشهيرة.. من «أزمة البابا شنودة» إلى «زيارة إسرائيل»
موسى صبري أحد الكتاب الصحفيين الذين استعان بهم الرئيس الراحل محمد أنور السادات في كتابة خُطبه التي كان يلقيها في المناسبات المختلفة، وتضمنت جملاً شهيرة عرف بها المصريون الرئيس الأسبق.
وبحسب ما ذكره الدكتور عماد عبداللطيف في كتابه «الخطابة السياسية في العصر الحديث» كتب «صبري» خطبة السادات في أثناء الأزمة مع البابا شنودة في 1976، وخطبته في 9 نوفمبر 1977 المعروفة بـ«خطبة المبادرة» والتي أعلن فيها استعداده للسفر إلى إسرائيل، وخطبته في أول مايو 1979، وخطبته في عيد الصحافة في 1980، أما خطبته في الكينست الإسرائيلي في 20 نوفمبر 1977 فقد اشترك في كتابتها مع أسامة الباز.
طقوس الكتابة
في كتابه «السادات. الحقيقة والأسطورة» يصف «صبري» طقوس كتابته لخطب الرئيس الراحل قائلاً: «كان السادات يدعوني إلى الاجتماع به، ثم يشرح لي الأفكار التي يريد إبرازها، ثم أتصل به بعد أيام عندما أنتهي من كتابة الخطاب، ويحدد لي موعداً، وأذهب إليه لكي أقرأ ما كتبت. ويظل منصتاً وناظراً إلى ساعة يده ليعرف كم من الوقت يستغرق الخطاب».
ويضيف: «أحيانا كان يبدي إعجابه بما كتبت، وأحياناً كان يترك موضوع الخطاب إلى مناقشات في موضوعات عامة ثم يعكف بعد أن أنصرف على دراسة الخطاب لليلة إلقائه، وكثيراً ما كان يختصر بعض الفقرات، ويضيف جملاً جديدة بقلمه».
وبحسب «صبري»: «وفي بعض الأحوال كان السادات يعدل عن الخطاب كله مكتفياً بالمقدمة والخاتمة، ويرتجل خطاباً آخر فيه أفكار أخرى تكون قد طرأت على فكره ليلة إلقاء الخطاب بسبب أحداث لا أعرفها أو بسبب أحداث طارئة معلنة. وفي أحيان كان يقرأ فقرات الخطاب، ثم يتوقف ويرتجل ليشرح ويضيف ويعود إلى أحداث سابقة. وكان في معظم الأحوال يختار آية قرآنية يختتم بها الخطاب».
السادات والبابا
ويروي «صبري» أن السادات طلب منه كتابة خطبته التي تناول فيها خلافه مع البابا شنودة في منتصف السبعينات، وطلب منه أن يكون الحديث متوازناً، ثم طلب منه بعذ ذلك أن يكون الحديث عن موقف البابا تصعيدياً، وأخيراً طلب منه– بعد أن كتب الخطبة– أن يخفف من نبرتها، قائلاً: «أنا رجل أعمل بالسياسة وما دامت الأزمة في طريقها إلى الحل من جانب البابا شنودة فلا داعي للتصعيد»، ويقول «صبري»: «فعلاً خففت من كلمات الخطاب».
السفر لإسرائيل
أما الخطاب الذي أعلن فيه الرئيس الراحل استعداده للسفر إلى إسرائيل فقد قال عنه «صبري»: «السادات استدعاني إلى لقائه بالقناطر، وناقشني في موضوع خطاب سيلقيه في مجلس الشعب، وأملى عليّ نقاط الخطاب، ثم قال لي: (وهناك مفاجأة هامة في الخطاب. اترك لها مكاناً، وسأصرح لك بها عند مراجعة الخطاب معك قبل إلقائه). وراجعت معه الخطاب، ولكنه لم يصرح بالمفاجأة».
الجماعات الإسلامية
كان «صبري» يغلق باب مكتبه عليه أثناء كتابة خطل الرئيس الراحل. وروى أنه أثناء تكليف السادات له بكتابة خطبته في مجلس الشعب إثر اعتقالات سبتمبر 1981 كان متخوفاً من أن يعرف الناس أنه هو الذي سيكتب الخطبة التي يدافع فيها السادات عن اعتقال أعضاء الجماعات الإسلامية.
ويبدو أن «صبري» كان يشعر بحرج عقدي بسبب ذلك، لكونه مسيحياً. يقول «شعرت بحرج شديد عندما أبلغني الرئيس من المعمورة أنه يعد لي مواد الخطاب، ولم أعترض بكلمة. ولكنني سافرت في اليوم التالي إلى القاهرة، وأمضيت في مكتبي الأسبوع كله، وباب المكتب مفتوحا حتى يعرف جميع المحررين أنني غير مشغول بكتابة خطاب الرئيس الذي أعلن عن موعد إلقائه».
وهكذا استطاع «صبري» أن يموه على أنه بصدد كتابة خطبة السادات من خلال تغيير طقس من طقوس كتابته للخطب السابقة، وهو إغلاق باب مكتبه عليه.