فن البساطة على الطريقة اليابانية.. هكذا تعيش حياة أقل استهلاكا وأكثر قيمة وثراء
فن البساطة هو أسلوب حياة ابتكره اليابانيون للعيش ببساطة وبأقل التكاليف دون أن تفتقد حياتهم الجمال والحيوية، على عكس المجتمعات العربية التي تسيطر عليها القيم المادية والاستهلاكية.
ووفقا للتجربة اليابانية فهناك خطوات للتخلص من سيطرة الماديات والتمتع بحياة يومية أكثر قيمة وثراء في نفس الوقت، وتلخصها الكاتبة الفرنسية دومينك لورو في كتابها «فن البساطة». «لورو» عاشت في اليابان 20 عامًا، وانبهرت بقدرة اليابانيين على التمتع بحياة تركز على الإشباع النفسي والروحي بدلا من النهم الشديد للماديات والإنفاق على أشياء غير ضرورية.
-
لن تحتاج كل ما تشتريه
نعيش في مجتمع استهلاكي، هذا لا ينطبق على مجتمعاتنا الشرقية فقط، بل الغربية أيضا. فكل شيء حولك يدفعك لشراء أشياء لست في حاجة حقيقية إليها.
هذه الثقافة التي تشعرك طوال الوقت أن قيمة الإنسان في امتلاكه الكثير من الأشياء الفاخرة، أو تناول القهوة والطعام في الكافيهات والمطاعم الغالية.
ولكن هذا السلوك يعكس مشكلة روحية عميقة، وخواء كبير بداخل الشخص الذي يحدد هويته وقيمة نفسه بناء على كثرة الأشياء المادية التي يمتلكها أو قدرته على دفع الكثير من الأموال.
«نحن نقتني الكثير من الأشياء التي تزيد عن حاجتنا، ولكننا لا ندرك ذلك إلا عندما نُحرم منها. فنحن نستخدمها لأننا نمتلكها وليس لأنها ضرورية لنا» .
-
الكراكيب تهدر أموالك
البعض منا لديه هواية غريبة في شراء أشياء لا معنى لها، وملء المنزل بالكثير من التحف والأثاث الضخم، أو تكديس الكتب بشكل غير منظم، أو الاحتفاظ بمقتنيات غير ضرورية اعتقادًا منا أننا سنحتاجها يومًا ما.
مشكلة هذا التكديس أنه لا يعد إهدارا للمال فقط، ولكن ازدحام المنزل وعشوائيته وامتلائه بالـ«كراكيب»، ما يسبب شعورًا نفسيا بالضيق والتوتر، ويقف عائقًا أمام تصفية الذهن والروح، بدون وعي منك لسبب المشكلة.
في المقابل ستجد البيوت اليابانية تحتوي على أقل قدر ممكن من الأثاث البسيط، مع الاهتمام بالأدراج والأرفف الجدارية لتخزين المقتنيات الضرورية.
الأمر ليس له علاقة بالترف أو الفقر؛ فاليابانيون يؤمنون بمقولة تنقلها الكاتبة وهي أن بعض الأشخاص «يقتنون صناديق وصناديق من أشياء بانتظار يوم قد يحتاجون فيه إليها ومع ذلك كان يبدو عليهم الفقر».
-
البساطة ضرورية للراحة النفسية
عندما تتخلص من هذه الطبيعة الاستهلاكية، فالمنزل البسيط يصبح مسكنًا للروح وللجسد معًا. المنزل النظيف والهادئ والذي يشمل مساحة جيدة من الفراغات، سيساعدك على التحرك بحرية وعدم الشعور بالتقييد.
كما أن بساطة المنزل وهدوءه يعطيان شعورًا كبيرًا بالاسترخاء؛ فيصبح المنزل الملاذ الآمن الذي تتخلص فيه من التوتر ومن ضغوط اليوم، بدلا من أن يصبح وسيلة تضيف إليك مزيدًا من الضغوط والتوتر.
احذر.. منزلك بدون «فينج شواي» قد يصيبك بالاكتئاب
-
كيف تختار مكونات منزلك؟
الإمكانيات المادية البسيطة وقلة مساحة المنزل، ليست عائقًا لتحصل على منزل جميل ومريح نفسيًا.
عليك أن تختار الأثاث البسيط الذي يسهل تحريكه وتنظيفه، فلا داعي لقطع الأثاث الضخمة الثقيلة والمفروشات الكثيرة التي تصيب الإنسان بالتعب كلما فكر في تنظيفها.
فإذا كانت الغرفة بسيطة ستظهر فيها القطع الجمالية الصغيرة والتي لا تتطلب الكثير من البهرجة والتكلفة؛ فإصيص من الزهور في ركن الغرفة، أو إضاءة خافتة أو مكتبة بسيطة هي أكثر جمالا من المفروشات والتحف التي تدفع فيها الأموال وتخلق زحاما بالمنزل ويصعب تنظيفها.
-
فن البساطة في الطعام
تناول الطعام في الأماكن الفاخرة، أو شراء الوجبات الجاهزة، قد يعطيك إحساسا بالوجاهة الاجتماعية؛ لكنه ليس جيدًا سواء ماديا، أو صحيا، أو نفسيًا كذلك.
فالاقتصاد في تناول الطعام، مع التركيز على الوجبات ذات القيمة الغذائية سيشعرنا بالحيوية وخفة الجسد والقدرة على بذل المجهود، وبالتالي ينعكس هذا كله على صحتك النفسية؛ بخلاف الوجبات الدسمة التي تشعرك بسعادة مؤقتة.
ولتعويض هذا الشعور بالسعادة، تنصحك مؤلفة الكتاب بأن تهتم جيدا بمكان تناول الطعام وطريقة تقديمه، فهذا يمحنك إحساسا بالهدوء والراحة النفسية.
فمقارنة بالشعوب الأخرى فاليابانيون لا يأكلون الطعام، ولكن يتذوقونه باستثناء الأرز الذين يأكلونه حتى الإشباع وبكميات محددة أيضًا؛ وفي المقابل يهتمون بجودة الطعام ومكوناته وتنوع النكهات الصحية.
كيف تصبح غنيا مع البساطة؟
ليس من البذخ أن تكون حسن الثياب؛ فالبساطة والاكتفاء بالقليل لا تعني أنك ستعيش حياة متقشفة، أو الحرمان.
هنا سيحكمك شيئان وهما الجودة، والجمال، والمقصود به الجمال البسيط، فمثلا بدلا من شراء كل ما يعجبك من الملابس وتدفع الكثير من الأموال في خامات رديئة لن تستخدمها، يمكنك توفير كل هذه الأموال لتشتري عددا أقل وأكثر جودة.
ورغم أنك ستشعر في البداية أنك تدفع الكثير من الأموال في مقابل الجودة، لكن الملابس الأكثر جودة، تحتفظ بشكلها وتدوم معك عمرًا أطول، كما أن جودة الخامات في حد ذاتها تعطي مظهرا أكثر فخامة، على بساطتها من الأشياء المبهرجة.
لتحميل كتاب «فن البساطة» لدومينيك لورو؛ من «هنا».