قصة النزاع على كنز البحر المتوسط.. حقول الغاز بين مصر وقبرص وإسرائيل
شركة تدعى «دولفينوس» مملوكة لمجموعة من رجال الأعمال؛ أثارت الكثير من الجدل بعد أن عقدت صفقة لاستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل بقيمة 15 مليون دولار؛ والذي يتم استخراجه من حقل «تمار» في شرق البحر المتوسط بعد أن سيطرت عليه إسرائيل.
«تمار» ضمن حقول غاز أخرى أثارت الكثير من الجدل قبل ذلك، فالبعض يزعم بتبعية الحقل الضخم للحدود البحرية المصرية قبل أن تستحوذ إسرائيل عليه.
ترسيم الحدود بين مصر وقبرص
في عام 2004 عقدت مصر وقبرص اتفاقية لترسيم الحدود البحرية، تقضي بتحديد خط منتصف مهمته هي توزيع الموارد الاقتصادية الواقعة في مياه البحر المتوسط بين الطرفين بالتساوي.
ونصت الاتفاقية على أن ظهور أي موارد اقتصادية لها امتداد في حدود الطرف الآخر، تتعاون الدولتان لكيفية استغلال هذه الموارد.
وبعد هذا الخط المرسوم الذي يفصل حدود مصر وقبرص البحرية بالتساوي، كان لابد من وجود بند آخر، وهو أن أي طرف في هذه الاتفاقية يرغب في إعادة ترسيم حدوده البحرية مع دولة أخرى، عليه أن يرجع للطرف الآخر أولا.
العمل بهذه الاتفاقية ظل ساريا دون مشاكل تذكر حتى اكتشفت هيئة البحث الجيولوجي الأمريكية حقول غاز طبيعي ضخمة في أعماق البحر المتوسط.
سارعت قبرص إلى إعادة تقسيم حدودها البحرية مع دولة مجاورة وهي إسرائيل عام 2010، لضمان سيطرتها على الحقول البترولية المكتشفة؛ ودون الرجوع إلى مصر.
المشكلة الأخرى أن إسرائيل لم تكن ضمن الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي تحدد المبادئ العامة لاستغلال الموارد البحرية والاقتصادية.
منتجات إسرائيل في السوق المصري.. أكل وملابس وجنس
ترسيم الحدود بين إسرائيل وقبرص
وبموجب هذه الاتفاقية الجديدة سيطرت إسرائيل على حقل غاز تمار الذي اكتشف عام 2009، واعتبر بالنسبة لها «حقل الأحلام» كما تصف جريدة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
فقبل العام 2009 كانت إسرائيل تعد دولة فقيرة في إنتاج الغاز الطبيعي، لكن الأمر تغير تمامًا، فـ«تمار» كان أكبر حقل غاز طبيعي اكتشف في العالم في ذلك الوقت؛ وقد تبعه عمليات تنقيب كثيرة في مياه البحر المتوسط.
ولم يمر عام واحد حتى تضائلت أهمية «تمار» مقارنة باكتشاف حقل «ليفياثان» عام 2010 الذي اعتبر أضخم حقل غاز طبيعي يكتشف في العقد الأخير، والذي يبعد عن الحقل الأول عشرين ميلا فقط.
وبذلك بدأت إسرائيل تتحول إلى دولة مصدرة للغاز الطبيعي وتخفض تكاليف إنتاج الطاقة، بتوفير احتياطي الغاز الطبيعي لمدة ثلاثة عقود.
سيطرة إسرائيل على هذه الحقول وامتلاكها كمية كبيرة من احتياطي الغاز الطبيعي فجأة، انعكس بالتأكيد على سياستها الخارجية، فبينما كانت متخوفة في البداية من أن تكون حقول الغاز مستهدفة من مقبل أعداء إسرائيل الكثيرون في المنطقة؛ اتجهت للتفكير بشكل مختلف وهو أن يكون تصديرها للغاز الطبيعي وسيلة لكسب الحلفاء المتعطشين للطاقة، كما تقول الجريدة البريطانية.
وكانت الأردن أولى هذه الدول التي أعلنت عن اتفاقية لاستيراد الغاز من إسرائيل في العام 2015 بقيمة تبلغ 15 مليار دولار، ولمدة 15 عاما.
ثم جاءت مصر لتكون ثاني هذه الدول في عام 2018، بعد أن وقعت شركة «دولفينوس» عقدًا باستيراد الغاز من إسرائيل لمدة 15 عامًا.
معلومات تلخص لك صفقة استيراد الغاز من إسرائيل
دعوى قضائية ضد الاتفاقية
وكان السفير السابق إبراهيم يسري قد أقام دعوى قضائية لإلغاء اتفاقية مصر وقبرص لعام 2004، قائلا أنه ترتب عليها سيطرة إسرائيل وقبرص على حقول ضخمة للغاز الطبيعي يقع بعضها داخل الحدود المصرية، فحقل تمار يقع على بعد 200 كليو متر من دمياط، و230 كليو مترا من إسرائيل، كما جاء في الدعوى. وبعكس ما تروج له إسرائيل بأن الحقل يقع على بعد 130 كليومترا من حيفا، و190 كليومترا فقط من دمياط.
هذه الدعوى تقول أيضا أن قبرص نفسها قد سيطرت على حقل أفروديت للغاز الطبيعي والذي يدخل ضمن الحدود المصرية أيضا، كما يوضح رئيس قسم هندسة البتروكيماويات، بجامعة فاروس بالأسكندرية الدكتور رمضان أبو العلا، في حوار لـ«المصري اليوم».
ورفضت محكمة القضاء الإداري الدعوى وقالت أنها ليست من اختصاصات القضاء، ولكن تدخل تحت بند السيادة.
قمة بين مصر وقبرص واليونان
وفي العام 2014 عقدت مصر قمة مع قبرص واليونان للتعاون في استغلال واكتشاف حقول النفط في شرق المتوسط.
وبعد عام واحد فقط اكتشف حقل «ظهر» للغاز الطبيعي والذي يقع تحت السيطرة المصرية، ويعد أكبر حقل غاز في مصر حتى الآن.
لكن حتى الآن لم يتخذ أي قرار بشأن حقوق الغاز الطبيعي تمار و لفياثان التي سيطرت عليهما إسرائيل، وحقل قبرص الذي سيطرت عليه اليونان؛ في الوقت التي تؤكد فيه الحكومة على امتلاكها الوثائق والخرائط التي تثبت صحة موقفها القانوني وعدم تفريطها في مياهها الإقليمية؛ وفقا لاتفاقية 2004.