تعلّق الفتاة بالأهل قد يفسد حياتها.. الحل هنا

تعلّق الفتاة بالأهل قد يفسد حياتها.. الحل هنا

بعد أن تقدم لها شاب يحبها «بجنون» ظلت منة ناصر ترفض الارتباط أو الزواج حتى لا تبتعد عن أهلها. كان الشاب يعمل ويعيش في محافظة تبعد ساعتين عن القاهرة، وكانت «منة» على استعداد للتضحية بهذا الحب الكبير مقابل أن تظل قريبة من أهلها باستمرار، كما تقول في حديثها لـ«شبابيك».

تقول «منة»: «أنا متعلقة بوالدي أوي، ومينفعش أبعد عن أهلي حتى لو بيني وبين الشاب اللي متقدم لي حب متبادل». هناك سبب آخر؛ فأي فتاة تحتاج لوالدتها بعد الزواج لترعاها اثناء الحمل والولادة، وهذا ما يدفع «منة» لرفض الزواج بعيدا عنها. تقول: «ليه أبعد وأمرمطهم جنبي»؟

حالة «منة» هي مشكلة تقع فيها فتيات كثيرات دون أن يشعرن وهي التعلق بالأهل، والذي يعيق استمرار الحياة الخاصة ورفض الزواج تماما، أو إذا حدث، فسيمتلئ بالمشكلات بسبب اعتمادها عليهم في كل صغيرة وكبيرة. فما هي أسباب تعلق الفتاة بأهلها وكيف نعالجها؟

أسباب تعلق الفتاة بأهلها

  • قلق الانفصال

بعض الشخصيات تصاب باضطراب شائع جدا اسمه «قلق الانفصال» فيصبحون خائفين من الانفصال من كل شيء اعتادوا عليه.

ولا يقتصر الأمر على مشاعر الخوف فقط، بل يصل إلى اضطرابات قلق شديدة وعدم قدرة على التصرف في مواقف مثل الانفصال عن الأهل، أو الانفصال عن البلد، أو حتى مكان العمل الذي اعتادوا عليه، كما تشرح استشارية العلاقات الأسرية والصحة النفسية، زينب مهدي في حديثها لـ«شبابيك».

قلق الانفصال له عوامل كثيرة مثل تعرض الفتاة لمشكلة كبرى، ولم تجد بجانبها غير أهلها، أو أنها لم تعتد على الانفصال عن أهلها حتى ولو بمجرد خروجات الأصدقاء وتحمل مسئولية نفسها.

المرور بتجارب فاشلة

تدخل الفتاة في علاقة عاطفية تثبت لها أن لا أحد سيحبها أكثر من أهلها، يعدها الشاب بالحب غير المشروط والأمان، ثم لا يستطيع الوفاة بوعوده. تنغلق الفتاة على نفسها وتمر السنوات، وتدخل في علاقة جديدة على أساس أن «الرجالة مش زي بعض» وتفشل هذه العلاقة هي الأخرى.

تقول «مهدي» إن هذه التجارب ترسخ في ذهن الفتاة أن الأهل هم المعنى المطلق للحب، وأن ما ستعطيه لهم من مشاعر سيترد لها أضعاف مضاعفة، وعلى عكس الزواج الذي يتطلب الأخذ والعطاء من الطرفين، لكن أهلها لا يريدون منها إلا أن تكون سعيدة فقط.

  •  الاستماع للتجارب الفاشلة

لا يشترط دخول الفتاة في علاقات عاطفية حتى تصل لهذه الدرجة من التعلق المرضي بالأهل، فيكفي أن تستمع من صديقاتها عن تكرار التجارب الفاشلة، التي تشعرها بالقلق من الزواج.

التجارب الفاشلة ستؤثر على الفتاة إذا كانت شخصيتها مذبذبة أو لم تكن تستمع لتجارب إيجابية إطلاقًا، فتشعر أن الأهل هم وسيلة مضمونة ومستمرة لمشاعر الحب والأمان.

  • فهم خاطئ للدين

الأهل يجب أن يكونوا أولوية في حياة كل منا، هكذا ينصحنا الدين، ولكن هذا لا يعني ألا نتزوج ونؤسس أسرة.

تقول استشارية الصحة النفسية إن فهم الفتاة الخاطئ للدين بأن حب الأهل لنا هو أصدق حب وأنهم أولوية فوق كل شيء، يجعلنا نكتفي بتوجيه مشاعر الحب والاهتمام لهم فقط، وتظن أن هذا سيتعارض مع تأسيس أسرة وقيامها بواجباتها تجاه زوجها.

  • الأهل هم السبب


 

هل تذكرون فيلم «عريس من جهة أمنية»؟ كان الأب الذي يؤدي دوره الفنان «عادل إمام» يحب ابنته كثيرًا ويرفض أن تتزوج وتتركه وحيدا في شيخوخته.

تضرب «مهدي» المثل بهذا الفيلم لأن الأهل أنفسهم يصبحون في حالات معينة سببا لتعلق الفتاة المرضي بهم، فبعض الآباء والأمهات يحبون أبنائهم بطريقة مبالغ فيها ويغدقون عليهم مشاعر الاهتمام ويلبون كل احتياجاتهم حتى يظلون بجانبهم.

شريحة معينة من هؤلاء الأهل تعمل على «تطفيش» أي عريس يتقدم لابنتهم حرفيّا، سواء بطريقة مباشرة بإعطاءه إيحاءات بأنه أقل من مستواهم المادي أو لن يستطيع تلبية احتياجيات الفتاة؛ أو بطريقة غير مباشرة بإعطاء الفتاة نصائح تفسد علاقاتها بخطيبها مثلا.

  • تسلط الأهل

مرة أخرى يصبح الأهل سببا في تعلق ابنتهم بهم، من خلال التربية المتسلطة، التي تحول الفتاة لشخصية اعتمادية لا تستطيع تحمل المسئولية أو التصرف وحدها في أي موقف.

  • ظروف قهرية

هناك حالات من ظاهرها يبدو أن الفتاة لديها تعلق بالأهل، ولكن بسبب ظروف خارجة عن إرادتها كأن تكون والدتها مريضة جدا وليس لها إخوة يعتنون بها إذا تزوجت، وفي نفس الوقت لا تجد من الشباب من يتفهم ظروفها ويوافق على الزواج منها وهي تعتني بوالدتها المريضة.

هذه الفتاة محقة في تعلقها بوالدها في تلك الحالة، ولا يمكن أن نصنفها بالتعلق المرضي، لأن الخطأ هنا في الشباب الذين لا يتفهمون ظروفها؛ كما توضح «مهدي».

ما علاج تعلق الفتاة بالأهل؟

  • تحديد المشكلة


 

«اعرفي أن الحياة مش بتدوم لحد»، فعندما تمر السنوات وترى الفتاة نفسها وهي تتقدم في العمر ولم تتزوج مثل باقي صديقاتها، تدرك أن تعلقها الشديد بالأهل تسبب في خسارتها لحياتها المستقبلية.

لكن معرفة الحقيقية وإدراكها يعتبر 50% من علاج هذه المشكلة، أما النصف الآخر فيعالج بأخذ خطوات فعلية تخرج الفتاة من حالة التعلق المرضي بالأهل.

  • تحمل المسئولية

بعد أن تقرر الفتاة كسر هذه الدائرة، لن تكون أول خطوة هي القبول بأي عريس يطرق بابها، ولكن عليها أولًا أن تتعلم كيف تنفصل عن أهلها تدريجيا، من خلال التعامل في الحياة وتحمل المسئوليات وتكوين دوائر من الأصدقاء، بحيث يكون لها حياتها وعالمها الخاص، تماما مثل الطفل الذي يتعلم الانفصال عن والدته والاعتماد على نفسه في الحياة بكل تفاصيلها.

«اتعلمي تمشي في دايرة الحياة، هتتخبطي وتتخربشي بس هتقفي على رجلك بعد كدا»، هكذا تنصح استشارية الصحة النفسية كل فتاة في حديثها لـ«شبابيك».

  • تحليل الشخصيات

وقد تكون الفتاة شخصية مسئولة ولديها حياتها الخاصة، ولكن لديها مشكلة ثقة في الآخر، بسبب بعض الصدمات العاطفية أو التجارب السيئة أمامها.

هذه الفتاة عليها أن توسع دائرة تعاملها مع الآخرين، مع تركيزها على تحليل المواقف التي تقابلها، فإذا تعرضت للخداع من قبل شخصية كذابة، فلا يصح أن تقول «كل الرجالة كذابين» ولكن تحلل المشكلة وأسباب الوقوع فيها وكيفية التصرف في المواقف القادمة، وتنمي لديها مهارة التمييز بين الجيد والرديء.

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال