احذر عدوى المشاعر.. قد تصيبك بالأفكار السلبية دون أن تعرف السبب

احذر عدوى المشاعر.. قد تصيبك بالأفكار السلبية دون أن تعرف السبب

حين تعرف أن صديقك مصاب بالبرد، تحرص بقدر الإمكان أن تبتعد عن مجال تنفسه، كي تتجنب انتقال العدوى إليك، وبالمثل يبعد صديقك وجهه عنك إذا عطست مثلاً. وبنفس الطريقة، يخبرنا علم النفس أن المشاعر والانفعالات الإنسانية تمامًا كالعدوى، تنتقل بين الناس وبعضهم، فكيف يحدث هذا؟ ولماذا؟

من شخص لآخر

نتيجة بحث الصور عن ‪emotional contagion‬‏
انتقال مشاعر الحزن والفرح من شخص لآخر

هل شعرت يومًا بأن مشاعرك غريبة عليك؟ مكتئب بلا سبب يدعو للاكتئاب، وحزين دون أي داع للحزن؟

استشاري الطب النفسي محمد طه، في كتابه «الخروج عن النص»، يحكي عدة مواقف تنتقل فيها المشاعر من شخص لآخر دون قصد.

الزوجة التي تتهم زوجها دائمًا بالخيانة، تشك في تأخيره كل يوم، وتفتش حقيبته وجيوبه، وفي النهاية يخونها الزوج بالفعل بعد تحمل طويل، لأن مشاعر الشك والخيانة أصابته.

الموقف الآخر بين طبيب ومريضته، المريضة تشعر أن الطبيب لا يريد استكمال علاجها، وفي كل استشارة يحاول أن يتهرب منها، وهذا ما يحدث بالفعل، ويعتذر الطبيب عن المتابعة.

وأبسط مثال هنا، حين تصيب الطلبة مشاعر الخوف من الامتحانات، بسبب مصاحبة أشخاص خائفين بالفعل، وهنا يأتي السؤال: كيف حدث هذا كله؟

سر العدوى

صورة ذات صلة

الغريب في المشاعر أنها في عقولنا فقط، بلا كتلة أو حجم أو كيان، إذن كيف تنتقل من شخص إلى آخر؟ الطبيب والباحث في علم النفس كيرلس بهجت في كتابه «التجربة الفكرية» يقسم أسباب الظاهرة إلى قسمين:

متلقي العدوى

أحيانًا يسعى الشخص نفسه كي تصيبه مشاعر غيره دون قصد، ورغبة منه في تجربة حالة شعورية معينة عند شخص معين، أو فهمها واكتشافها.

فحين ترى أحد المكتئبين مثلاً، قد تتساءل عن سبب اكتئابه، وعن شعوره، فتبدأ دون وعي في التصرف مثله، وتقمص حالته، وربما يكون غرضك في النهاية أن تشعر به حتى تساعده.

ناشر العدوى

وبعكس الحالة السابقة، قد يقصد البعض أن ينقلوا مشاعر معينة لغيرهم، كي يجرب الآخرون حالتهم، ويشاركونهم نفس المشاعر.

مثل الطالبة الخائفة من الامتحان، قد تعبر عن خوفها لصديقتها وتبالغ في إظهار الخوف، قد تبكي أو تصرخ، فينتهي الأمر بصديقتها وقد صارت خائفة مثلها أو أكثر.

على الإنترنت

صورة ذات صلة

حتى بدون تلاقي مباشر بين الشخصين، العدوى قد تصيبك من خلال القراءة أو المشاهدة على الشاشات، كما أجرى موقعfacebook  تجربة مهمة في سنة 2015، لقياس مدى انتقال المشاعر عبر التواصل الاجتماعي.

عن طريق التحكم في المحتوى الذي يصل إلى 689003 مستخدم، واختيار منشورات إيجابية لبعض المستخدمين ومشورات أخرى سلبية للباقين منهم، رغم أن التجربة لا أخلاقية في المجمل ووصفها موقع Forbes بالتلاعب، لكن نتائجها جاءت مؤكدة لفكرة عدوى المشاعر.

فالمستخدمين المتعرضين للمحتوى الإيجابي صاروا أكثر إيجابية على الموقع وظهر هذا في منشوراتهم وتعليقاتهم، بعكس الذين تعرضوا للمحتوى السلبي، فقد صاروا أكثر يأسًا وسوداوية.

الحل في الفلترة

صورة ذات صلة

ينصح استشاري الطب النفسي محمد طه بالحل البسيط لهذه المشكلة، وهو الانتقاء أو الفلترة، فكل منا له فلتر خاص يمكنه من إدراك طبيعة المشاعر، هل هي ملكه أم مدسوسة عليه من الخارج.

يوافقه دكتور كيرلس بهجت ويحذر من الاستسلام للعدوى، مع تأكيد الدراسات أن المشاعر السلبية أسرع وأقوى في الانتشار من الإيجابية.

وإليك هذه الخطوات في سبيل تحصين نفسك:

راجع يومك

حين تتفاجأ بمشاعر غريبة أصابتك دون سبب، عليك أن تسترجع ما حدث قبلها، فهل قابلت شخصًا ما؟ أو شاهدت شيئًا في التليفزيون أو الشارع؟فربما أصابتك العدوى في هذه الأثناء.

حين تكتشف سبب العدوى، تعرف كيف تستخدم الفلتر بداخلك، والتخلص من كل المشاعر الدخيلة وطردها بسهولة.

احترس من مرضى المشاعر

إذا كنت لا تستطيع التأقلم مع العدوى المستمرة، احترس من التواجد مع المرضى لوقت طويل، مكتئبين أو خائفين أو غاضبين، الآن أنت معرض ببساطة لتصبح مثلهم، لذا احذر في هذه الحالة.

وليس الأمر يعني أن تتجاهل معارفك وأصدقائك وتهجرهم، بل راعي هذه النقطة جيدًا حين تتواجد معهم، أنت سليم ولست مريضًا.

العدوى المفيدة

الآن عليك أن تتابع كل شخص إيجابي يستحق، فلو انتقلت عدوى الإيجابية منه إليك فهذا هو المطلوب، تابع المنشورات من هذا النوع على مواقع التواصل الاجتماعي، وتخير الصفحات المناسبة لك وطبعًا الأشخاص المناسبين كذلك.

المصدر

محمود حافظ

محمود حافظ

روائي وصحفي، مهتم بالسينما والأدب ومزجهما بالتاريخ والفلسفة