الحب.. عن الشعور الذي يحميك من الأمراض ويبني مستقبلك
حاجة الإنسان للحب هي احتياج أساسي مثل الطعام والشراب، فشعور الإنسان بالتقبل والحب غير المشروط بجميع أنواعه بدءا من الأسرة وحتى مقر العمل، يحميه من الاضطرابات النفسية والأمراض الجسدية ويشكّل مستقبله أيضا.
الشعور بالحب والتقبل يرتبط باحتياجات الإنسان اللازمة لاستمراره في الحياة، مثل حاجته للطعام والشراب وكذلك احتياجه للأمان وإثبات الذات، فكيف يحقق الحب كل ذلك؟
صور الاحتياج للحب والقبول
-
التقبل في المجتمع
«الإنسان كائن اجتماعي بطبعه»، لطالما ترددت هذه الجملة كثيرًا، ولكن ما هو معناها وأصلها وعلاقتها بحاجة الإنسان للحب والقبول؟
في قديم الزمان كان الإنسان يعيش حياة بدائية في مجموعات صغيرة، وارتبط بها توفير الأمان من المفترسات، والتقلبات الطبيعية، وتوفر الطعام والشراب وفرصة للتزواج واستمرار النوع؛ وفقًا لموقع «Paired life».
تطورت الحضارات وتطورت معها احتياجات الإنسان النفسية، وأصبح احتياج الإنسان للشعور بالانتماء والتقبل غير المشروط، يعني توفير الأمان النفسي، وتقديم الحب والدعم، وفرصة لإثبات نفسه وتحقيق طموحه في المجتمع.
-
الاحتياج للحب في الطفولة
الاحتياج البدائي للانتماء والقبول يشبه إلى حد كبير حاجة الطفل للشعور بالرعاية والحب، الذي تترجم في ذهنه إلى تلبية احتياجاته الأساسية، وقدرته على النمو والاستمرار في الحياة؛ فاهتمام الأبوان بالطفل يعني توفير حاجته للدفء والأمان والطعام والمأوى.
وعندما يهمل الأبوان رعاية الطفل، يصبح عرضة للكثير من الاضطرابات النفسية مثل استجداء الحب وفعل أي شيء لإرضاء الآخرين حتى يشعر بالقبول والحب وسطهم، وهذا يدفعه للتعلق المرضي ببعض الناس أو التعلق المرضي بالحبيب بعد نضوجه؛ وفقا لموقع «صحتك» الطبي.
-
الاحتياج لحب الجنس الآخر
في الطفولة يمر الإنسان بمراحل متعددة من التطور النفسي؛ المرحلة الأول تبدأ من لحظة للولادة حتى عمر 9 سنوات وتسمى مرحلة «نفس الجنس» كما يوضح استشاري الطب النفسي الدكتور جمال فرويز في حديثه لـ«شبابيك».
فالطفل يميل للعب وتكوين الأصدقاء من نفس جنسه؛ ,تفضل البنت اللعب مع أصدقائها البنات، ويحزن الطفل الذكر لأن ليس لديه إخوة أو أصدقاء ذكور يلعب معهم.
إذا زادت هذه المرحلة عن حدها فإنها تعد نوعًا من الاضطرابات النفسية، التي يجب الانتباه لها ومعالجتها فورًا، حتى لا تؤدي للشذوذ الجنسي في الكِبر.
بعد ذلك تأتي المرحلة الثانية ويبدأ الطفل يميل للعب وعقد صداقات مع الجنس الآخر، حتى يصل لسن 14 عامًا ويدخل في مرحلة المراهقة والبلوغ، ويبادل الآخر مشاعر الحب الذي تعطيه الطاقة الإيجابية والثقة في النفس.
«اللي مكسل في الشغل بعد ما يحب بيشتغل ويثبت ذاته، واللي مبيذاكرش بيذاكر والعيان بيخف»، هكذا يتابع «فرويز» في حديثه لـ«شبابيك».
-
القبول في بيئة العمل
عندما يجد الفرد نفسه وسط فريق عمل تجمعه علاقات جيدة بين أعضاءه؛ فهذا الشعور سيترجم لطاقة إيجابية تجعله أكثر إنتاجية في العمل؛ وفقا لموقع «Potential» المتخصص في ريادة الأعمال.
القبول والاحترام الذي يقدمه أعضاء فريق العمل لبعضهم، يزيد فرص التعاون بينهم وتبادل الخبرات وتطوير مهاراتهم، والتشجيع وفرصة ليظهر كل منهم مهاراته ويثبت نفسه، دون خوف مقارنة ببيئة عمل يشوبها توتر العلاقات أو الغيرة.
التفسير العلمي لاحتياج الحب
شعور الإنسان بالحب والقبول غير المشروط يزيد من إفراز الهرمونات المسئولة عن حالة الهدوء والسكينة والسعادة وتقليل آثار الصدمات النفسية، مثل السيروتونين والدوبامين وهرمون «5HD».
وفي المقابل يقل إفراز هرمون «نورأدرنالين» الذي يحدث انقباض في الأوعية الدموية ويزيد ضربات القلب ويرفع من ضغط الدم، فيصبح الإنسان أكثر توترا وسلبية وعرضة للكثير من الأمراض النفسية والبدنية.
«في كثير من التجارب على مرضى السرطان، كلما زادت هرمونات السعادة قل ضخ الدم إلى الخلايا السرطانية وأصبحت مقاومة المرض أسهل، ولهذا إحاطة المريض بحالة من الحب والرعاية والإيجابية يزيد من نسبة العلاج»، هكذا يتابع «فرويز».
كما توضح الكثير من الدراسات أن الإنسان يصبح أكثر تماسكا وسط ضغوط الحياة أو الصدمات النفسية، عندما يكون محاطًا بمجموعة تقدم له الحب والدعم الحقيقي.
«من المهد إلى اللحد» يحتاج الإنسان لهذا الحب والتقبل في مختلف صوره، سواء كان شعورا بالتقبل وسط المجتمع أو الأسرة أو في بيئة العمل أو وسط الأصدقاء الحقيقيين، أو في العلاقات العاطفية؛ كما يتابع استشاري الطب النفسي.
الهرمونات نفسها تُفرز عندما يأخذ الطفل الوليد مشاعر الحب والرعاية من والدته، أو عندما يشعر الشاب بالقبول والاحترام من المجتمع المحيط به.
وإذا لم يشبع الإنسان حاجته للحب بأي صورة كانت، يصبح عرضة للكثير من الاضطرابات النفسية مثل اضطرابات القلق والتوتر والاكتئاب والانعزالية؛ وينتج عن هذه الاضطرابات النفسية أمراضا جسمانية شائعة مثل الصداع المزمن وآلام المعدة والقولون العصبي وارتفاع ضغط الدم.
وإذا وصل الفرد لهذه المرحلة، فسيحتاج لاستشارة الطبيب المختص في العلاج النفسي والسلوكي، كما يؤكد «فرويز» لأنها لن تصبح مجرد أمراض ولكن ستعيق تقدمه في الحياة وتؤثر أيضا على عمله وطموحه وإثباته لنفسه وثقته فيها ورؤيته للحياة ككل.