محمد الشناوي.. حكاية حارس انتصر على «المحسوبية»
من حارس شاب مفتول العضلات يمنى مرماه بثلاثة أهداف في مباراة شبه رسمية للأهلي بعد حسمه الدوري في موسم 2007/2008، إلى آخر عملاق تتسم ملامحه بالجدية والثقة يحمي عرين منتخب بلاده من كبار مهاجمي العالم في أول ظهور لها في كأس العالم بعد غياب 28 عاما.
تتلخص قصة حارس مرمى الأهلي ومنتخبنا القومي محمد الشناوي في هذين المشهدين. 10 سنوات كانت كفيلة بصناعة حارس من طراز المقاتلين، الذين آثروا ارتداء قفاز الاجتهاد في مواجهة احتكار جنرالات الحظ والموهبة والمحسوبية.
منذ ظهوره الأول إمام إنبي في مايو 2008، يبحث الشناوي عن لقب الحارس الأول في مصر، لذا خاض رحلة طويلة مليئة بالتحديات صنعت منه حارسا ثقيلا قادرا على ملء الخشبات الثلاث دون أن يشعرك بأي خوف.
الظهور الأول
بدأ الشناوي علاقته بالكرة مع فريق الحامول في كفر الشيخ، حتى نجح في اختبارات الأهلي ومكث داخل جدراته 9 أعوام كاملة، لم تسمع عنه الجماهير إلا في المباراة التي لعبها أمام إنبي في نهاية دوري 2007/2008. مني الحارس الشاب بثلاثية لكنه قدم مردودا إيجابيا بأنه حارس له مستقبل.
بزغ نجم الشناوي مبكرا فطُلب للاحتراف في فريق ستاندارد ليج البلجيكي بعد مشاركته في كأس الأمم الأفريقية للشباب، لكن احترافه تعثر هذه المرة بسبب مغالاة الأهلي في مطالبه المالية.
حينها، رفض أحمد ناجي مدرب حراس الأهلي، آنذاك، الموافقة على احترافه، لحاجته الشديدة لحارس موهوب مثله.. علاقة قديمة ساهمت في احتواء الحارس الشاب إلى أن وجد نفسه بعد 10 سنوات حارسا لمنتخب مصر في كأس العالم تحت قيادة أحمد ناجي أيضا.
الخروج من الأهلي
خرج الشناوي من الأهلي معارا بعد تأكده من صعوبة الاعتماد عليه في حراسة الأهلي في ظل وجود أمير عبدالحميد وأحمد عادل عبدالمنعم.
كحال أبناء الأهلي الذين يتألقون خارجه فور الاستغناء عنه، شق الحارس طريقه اعتمادا على موهبته وشخصيته القوية فلعب بقميص طلائع الجيش 3 سنوات، ثم حرس الحدود الذي لعب معهم عاما وحدا.
إلا أن الانطلاقة الحقيقة كانت مع بتروجت، بدءا من موسم 2013/2014 تحت قيادة مختار مختار، ولمدة 3 مواسم، وهناك أيضا افتكر حلمه القديم بأن يصيح الحارس الأول في مصر. حتى جاء الاستدعاء من مدربه القديم أحمد ناجي في جهاز كوبر الذي تولي الإدارة الفنية في 2015.
لعب الشناوي 88 مباراة، وأهتزت شباكه 101 مرة، وخرج بشباك نظيفة في 26 مباراة.
لم يشارك الشناوي في أي مباراة رسمية مع المنتخب الأول، فكان ترتيبه ثانيا في حضور أحمد الشناوي حارس الزمالك وعصام الحضري، فيما كان ترتيبه ثالثا في حضور شريف إكرامي.
ساهم توهجه في هذه المرحلة في ترشيحه للاحتراف في أوروبا من جديد، لكن الأهلي كان له رأيا آخر وعاد ليستقدم أبنائه من جديد في موسم 2016.
بدابة جديدة
عاد الحارس الواثق إلى بيته في مناخ مواتي للتألق وإثبات الذات في ظل الانتقادات المستمرة لشريف إكرامي، بعدما تسبب في خروج الفريق من دوري المجموعات الأفريقية بأخطاء ساذجة.
إلا أن طموحاته تحطمت على صخرة حسام البدري الذي فضل الاعتماد على إكرامي في مستهل ولايته الثالثة مع المارد الأحمر، فوجد نفسه ملازما لمقاعد البدلاء فترة طويلة.
لم ييأس الشناوي من ملازمة مقاعد البدلاء التي كلفته الخروج من قائمة المنتخب الوطني، حاول أن يتمسك بالفرصة في المباراة القليلة التي أتيحت له بعد حسم الدوري أو في كأس مصر، إلى أن قبض عليها بعد السقوط المتواصل لإكرامي.
كتب الشناوي بداية تألقه في مباراة الإنتاج الحربي التي شارك فيها أساسيا عقب خسارة الأهلي دوري أبطال إفريقيا، حينها تصدى لتسديدة قوية من داخل منطقة الجزاء. مباراة تلو الأخرى حتى وجد نفسه واقفا بين الخشبات الثلاثة دون تغيير.
«محمد الشناوي أصبح الحارس رقم 1 في الأهلي بفضل اجتهاده وتركيزه وتمسكه بالفرصة التي حصل عليها».. هكذا تحدث مدرب حراس مرمى الأهلي طارق سليمان عن الحارس المقاتل.
استمر الشناوي في تألقه حتى استدعاه ناجي مجددا، لكن هذه المرة ليس حارسا بديلا بل كحارس عرين بطل الدوري.
يتمتع الشناوي بثقة، لا تصل إلى حد الغرور، وجرأة كبيرة في التصدي للانفرادات والعرضيات، قادته إلى حراسة عرين المنتخب في مونديال روسيا.
يجسد محمد الشناوي قصة كفاح حارس مقاتل قاوم المحسوبية ومنظومة أبناء العاملين في كرة القدم، التي تمثلت في حالة شريف إكرامي مع الأهلي، لكن زأر في وجه الجميع في النهاية معلنا انتصار المجتهدين حتى لو بنصف موهبة.