مصر لم تغير في قوانين كرة القدم.. إليك الحقيقة ولا تسأل «الخبرة شوبير»
«اسأل حتى الخبرة شوبير.. ده الفيفا اخترعوله قانون».. هكذا يغني نجوم منتخبنا الوطني الذي لعب كأس العالم 1990 في إعلان لإحدى الشركات الراعية للمنتخب المصري في مونديال 2018.
«مصر غيرت قانونا في كأس العالم» رواية تناقلتها وصدرتها وسائل الاعلام المصرية للرأي العام، خاصة مع صعود الفراعنة لمونديال روسيا.
تقول الرواية إن حارس عرين منتخبنا الوطني آنذاك أحمد شوبير كان السبب في تغير قواعد اللعبة، حيث منع قانون الفيفا إمساك الحارس الكرة العائدة له من أحد زملائه في الفريق، بعدما تعمد لاعبو منتخبنا الوطني في كأس العالم 1990 تضييع الوقت من خلال إرجاع الكرة لـ«شوبير» مرارا وتكرارا.
بالفعل اعتمد محمود الجوهري المدير الفني للمنتخب آنذاك على طريقة لعب دفاعية من الطراز الأول، وقد يكون اللاعبون حاولوا فعلا إضاعة الوقت حتى لا يعطوا الفرصة للفريق المنافس تسجيل أكبر عدد من الأهداف في شباك المنتخب، ولكن هل كان منتخبنا حقا سببا في قانون إعادة الكرة للحارس «Back pass Rules» أم ذلك «كذبة وصدقناها»؟
كرة القدم السلبية
في البداية يجب أن نعرف أن «كرة القدم السلبية» كان هو الوصف الذي تم إطلاقه على كأس العالم 1990 بسبب قلة عدد الأهداف التي تم تسجيلها على مدار البطولة، وهو ما أضفى روح من الرتابة والملل على المباريات التي تزيدها الأهداف تحدي وإثارة وتزيد من متعة تلك الساحرة المستديرة وكانت البطولة تفتقد كثيرًا من روح اللعبة التي كان من أهم أهدافها المتعة.
عند البحث عن السبب في إصدار قانون إعادة الكرة للحارس «Back pass Rules» وجدنا أن غالبية التقارير الصحفية الأجنبية تشير إلى أن الحارس الأيرلندي الضخم «باكي بونير» كان من له دور في سن ذلك القانون الذي يسلب من حارس المرمي ذلك الحق الذي جعله يتحكم في مسار المباريات وتسجيل الأهداف بهذا الشكل.
تقول صحيفة «sportskeeda» في تقرير لها عن قانون إعادة الكرة للحارس «تمت إعادة التفكير بشكل عام في قوانين اللعبة بالترويج لسلبية نهائيات كأس العالم 1990 وبصورة خاصة ما حدث في مباراة وأيرلندا ومصر في دور المجموعات، والتي قام فيها الحارس الإيرلندي باكي بونر بالاستحواذ على الكرة لمدة ست دقائق تقريبًا دون إطلاقها»!
أما سكاي سبورتس فتقول :«كانت كرة القدم مملة في كأس العالم 1990، حيث معدل 2.2 هدف في كل مباراة متواضعًا، وكانت هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات لضمان تحسين مستويات الإثارة، وبعد عامين، تم اعتبار تغيير القواعد على نطاق واسع بأنه الأكثر نجاحاً على الإطلاق»
وذكر موقع «the18» أن قانون منع التمرير الخلفى لحارس المرمى بعد «كأس العالم 1990 البغيض» كان ضروريا، مشيرا إلى «استخدام الدنمارك دون خجل للتمريرة الخلفية لإهدار الوقت في الفوز على ألمانيا 2-0 في نهائي كأس الأمم الأوروبية عام 1992».. وكانت تلك البطولة الكبرى الأخيرة التي سُمح فيها بإعادة الكرة للحارس.
من هنا يتضح أن تردى الوضع في كأس العالم 1990 ككل، حيث وصل معدل التهديف وقتها إلى 2.2 هدفًا لكل مبارة، وزيادة الأمر سوءًا في يورو 1992، بسبب ما لجأ إليه الكثير من المنتخبات أدى لإصدار قانون إعادة الكرة للحارس «Back pass Rules».
يذكر أن فريق ليفربول خلال فترة هيمنته القومية والأوروبية في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، كان سيئ السمعة بشكل خاص في هذا الأمر (إعادة الكرة للحارس)، حيث كان لاعبوه يقدمون «مباريات مملة» لضمان فوزهم، وفق صحيفة فاينانشال تايمز الإنجليزية.
ما بعد القانون
شكل القانون الذي يمنع الحراس من مسك الكرة باليد إذا أعادها المدافعون بالقدم، حتى تستمر الكرة فى الملعب أطول فترة ممكنة، الذعر في نفوس حراس المرمى الذين لا يجدون سوى ركل الكرة العائدة إليهم دون الإمساك بها مثلما تعودوا في السابق، وكانت تلك الكرات الخلفية تظهر الارتباك على الحارس والذي لم يتعود على قانون اللعب الجديد الذي يتناسب مع الإيقاع السريع للعب والذي يزيده جمالًا، إلى أن أصبح ركل الكرة العائدة للحارس أمر طبيعي يقوم به الجميع والمخالف يتعرض للعقاب.
جاء كأس العالم 1994 في صورة مغايرة عما سبق بعد ذلك القانون وارتفع معدل التهديف إلى 2.71 هدف لكل مبارة، وعادت الأهداف تخترق الشبك من جديد وازدادت المباريات سحرًا ومتعة.
قصة أول هدف بسبب تمريرة خلفية
لم يتوقف الأمر على رتابة المباريات وقلة عدد الأهداف فقط، بل تسبب التمرير الخلفي لحارس المرمي في دخول أهداف على سبيل الخطأ وتغير مسار المباراة بأكملها، كما حدث في نهائيات أولمبياد 1992 الذي خسرت فيه الولايات المتحدة 2-1 أمام إيطاليا. كان الأمريكي جو ماكس مور أول من سجل هدفاً من ركلة حرة غير مباشرة تم احتسابها بسبب إمساك الحارس الإيطالي الكرة التي مررها لها أحد زملاءه في الفريق، ليصبح ذلك الهدف هو الأول الناجم عن خطأ التمرير الخلفي للكرة.
بحسب صحيفة الجارديان، يقول جوناثان ويلسون، صحفي إنجليزي في كتابه The Outsider: «عندما تم إدخال قانون الرحل الخلفي في عام 1992، تسبب في حالة من الذعر»، لافتا إلى «عدم ارتياح معظم الحارسين للكرة التي تتقاطر نحوهم ولا خيار أمامهم سوى الركلة: هل سيقطعها، هل سيضربها إلى الأمام، هل سيفتقدها تماماً؟»