رئيس التحرير أحمد متولي
 فيلم كارما.. دراما بنكهة الفانتازيا بين «أدهم» المسلم والقبطي الفقير

فيلم كارما.. دراما بنكهة الفانتازيا بين «أدهم» المسلم والقبطي الفقير

بعد غياب سبع سنوات، يعود خالد يوسف من جديد إلى نوعه المفضل من السينما، والذي يتناول العشوائيات والطبقات الفقيرة، لكنه يمزج الفكرة بالخيال الفانتازي هذه المرة في قصة من تأليفه.

الأحلام والهلاوس والألعاب النفسية حين تختلط بأجواء الحارة والفقر والفروق المجتمعية، كيف قدمها المخرج المثير للجدل؟ الأجابة تجدها في هذا التقرير من «شبابيك».

الغني والفقير

يعرض الفيلم منذ اللقطات الأولى حياة الثراء الفاحش لرجل الأعمال أدهم المصري (عمرو سعد)، والذي يخضع لأوامر السلطة حتى تسهل له صفقاته وأعماله.

«أدهم» الغني لا يبالي بالفقراء والمهمشين، ويفكر في طردهم من بيوتهم لإقامة مشروع سياحي على النيل، لكن الأحلام لا تتركه يهنأ بحياته، ليست كوابيس مرعبة بل شيء أعقد وأغرب.

يحلم «أدهم» بحياة كاملة لأحد الفقراء الأقباط يُدعى «وطني» (عمرو سعد أيضًا) ويسكن في حي شعبي بالقاهرة، الغريب أن الحلم متصل ومتتابع، فكلما نام «أدهم» شاهد فصلاً جديدًا من حياة «وطني».

على صعيد آخر يخبر «وطني» أهله بأنه يحلم دائمًا برجل أعمال غني يدعى «أدهم»، فيعتبرونه مجنونًا ملبوسًا من الجان، خاصة أنه عاطل ويقضي وقته في حفر المسجد المهجور المجاور لبيته سعيًا وراء كنز مدفون.

حياة «وطني» غارقة في الفقر والضياع والجهل، لكن من الذي يحلم بالآخر؟ «أدهم» الغني يحلم بـ«وطني» الفقير أم العكس؟ هذا السؤال سيبقى مع المتفرج حتى آخر أحداث الفيلم.

تبادل أدوار

بسبب نفوذ «أدهم» وسيطرته على الصفقات والسوق، يتعرض لأخطار عديدة ومحاولات اغتيال، تنقذه منها «جيلان» التي تصبح حبيبته بسرعة، لكن الأمور لا تسري بخير مع اضطراب «أدهم» النفسي وأحلامه المتتابعة.

في حياة «وطني» الفقير نرى العديد من المآسي، الأم تمرض وتعاني خطر الموت، والكنز الخفي لا يظهر، ويحضرون له دجالاً ليطرد الجان منه، وتضطر زوجته إلى طلب المساعدة من البلطجي الذي يراودها عن نفسها.

تصعب الأمور بشدة على «أدهم» و«وطني» مع اختلاف الحالة، وهنا يقرر «أدهم» أن يبحث عن المسجد الذي يحفره «وطني»، وبالفعل يجده في الواقع وفي لحظة ما يتبادل الاثنان الأدوار، الغني المسلم يصبح مكان القبطي الفقير.

الفرق شاسع

Image may contain: 1 person, text

بنفس المنطق الذي رأيناه في أكثر من عمل فني مثل «بكيزة وزغلول»، أو «نيللي وشريهان»، أو «صاحب الجلالة» وغيرهم، يعرف الغني معاناة الفقير، ويستخدم الفقير نفوذ الغني ببذخ.

يقول «أدهم»- الذي صار «وطني»- عن كل غني متجبر «لو كان داق الجوع كان حس بالموجوع» ويسعى في حل مشاكل الفقراء باستغلال مواهبهم وتنظيف شوراعهم، فهو يوجه رسالة بأن جزء من المشكلة يقع على عاتق الفقير نفسه.

بينما كانت زوجة «وطني» تلومه بشدة لتقصيره في الحب بعد زيادة الهموم، وصارت الآن تسعى إلى خلق أجواء مناسبة لطبعه الجديد، حتى لو سرقت الشموع من الكنيسة لأجل الرومانسية.

المعضلة هنا أن دين «أدهم» و«وطني» ليس واحدًا، وطريقة تبادل الدورين غامضة، فصار المسيحي يصوم رمضان، بينما يضع المسلم تمثال العذراء، لذا تتجه نحوهما الشكوك بأن كلاً منهما بدّل دينه فجأة.

قانون الـ«كارما»

Image may contain: sky and outdoor

يعشق «أدهم» قانون «الكارما» المنتشر في الديانات غير السماوية مثل البوزية والهندوسية وغيرهما، وينص القانون على الثواب والعقاب في الدنيا بحسب أفعال الإنسان الطيبة أو السيئة، كأنها مقولة «كما تدين تدان».

يرتبط القانون باعتقاد آخر في هذه الأديان هو تناسخ الأرواح والولادة الجديدة، بمعنى أن الإنسان بعدما يموت تنتقل حياته في جسد جديد كأنه ولد مرة أخرى بروح منسوخة من روحه القديمة.

كما أن نوم الإنسان يعتبر «ميتة صغرى» تنتقل فيها روحه من جسد لآخر، وهذا الخيط التقطه خالد يوسف لتقديم فكرته، فهل حياة «أدهم» هي الحقيقية أم حياة «وطني» أم أن كلاهما حقيقي؟

هل أفعال كلاً منهما سببت هذه الحياة المختلفة للآخر؟! وكأن قانون «الكارما» تحقق في الحلم وليس بعد الموت؟ هذه الأسئلة تبقى للجمهور حتى يجيبها وبقدر ما تبدو الإجابة سهلة بقدر ما تحمل قدرًا كبيرًا من الصعوبة.

تتوتر حياة الغني والفقير حين تكثر علامات الاستفهام حول تغيير الديانة، وتتطور الأمور إلى سجن وقتل ومطاردات، مع تفسيرات عديدة لحالة أدهم و«وطني» عن طريق علم النفس تارة وعن طريق العلوم الصوفية تارة أخرى.

بعيدًا عن طلاسم الفيلم، ظهرت الرسالة واضحة، على الأغنياء أن يقدروا معاناة الفقراء، وعلى الفقراء أن يسعوا ليصيروا أغنياء، بهذا تنضبط كفة الميزان قليلاً، أما التسامح الديني فأمر مفروغ منه ويذكره الفيلم بكلمات واضحة في الختام.

ناقد فني: عودة غير موفقة

Image may contain: 1 person, text and close-up

الناقد الفني سامح فتحي قال، لـ «شبابيك»، إن عودة خالد يوسف لم تكن موفقة أو مقبولة، فالسيناريو ضعيف وفائق الطول، ساعتان ونصف بلا أي جديد في مسيرته.

بالنسبة للتمثيل يرى «فتحي» أن عمرو سعد تميز في شخصية «وطني» الفقير الشعبي، لكنه في دور رجل الأعمال الغني لم يكون موفقًا ومبدعًا كباقي أدواره الأقدم في أفلام مثل «مولانا»، و«حين ميسرة»، أما الممثلة «زينة» في دور زوجة البطل فكانت أفضل الجميع تمثيلاً بحسب الناقد.

يشير الناقد أيضًا إلى الكوميديا في الفيلم على أنها تحمل من «الاستظراف» أكثر من اللازم، فلم يقدم خالد يوسف كمخرج ومؤلف ما يصلح للضحك الحقيقي، وربما لهذا كله يستحق «كارما» مكانته في ذيل قائمة إيرادات موسم عيد الفطر.

محمود حافظ

محمود حافظ

روائي وصحفي، مهتم بالسينما والأدب ومزجهما بالتاريخ والفلسفة