حرب كرموز.. الأكشن «المُسّلي» في أفضل صورة ولكن
ضابط مصري شريف، قوي وشجاع ومغامر، لا يستسلم بسهولة للاحتلال والفساد الحاكم، يدافع عن المظلوم حتى آخر نفس، ولا يهدر قطرة دم دون فائدة، هكذا يقدم أمير كرارة بطولته الأولى في فيلم «حرب كرموز».
كيف تحولت هذه الفكرة المثالية لفيلم حركة وأكشن ينافس بقوة على صدارة الإيرادات في عيد الفطر؟، رغم ظهور «كرارة» بالرداء الميري في ثلاثة مواسم متتالية؟
الاحتلال يغتصب
تدور القصة في حقبة الحكم الملكي لمصر، في وجود العدو الأكبر المتمثل في الاحتلال الإنجليزي وما يرتبكه من جرائم في حق الوطن، تحت ستارة من الحكم الفاسد كما صوره الفيلم.
تبدأ الأحداث بمشهد ليلي يبرز وحشية جنود التاج البريطاني، فهم يقتلون العزل من السلاح ويغتصبون عذراء مصرية، يتحفز المشاهدون ضد هذا الظلم، وتبدأ عقدة الفيلم في الظهور.
لن يرضى الاحتلال بمحاكمة هؤلاء القتلة والمغتصبين بالعدل وحقوق المظلومين ستضيع حتمًا، لكن الضابط الشريف يوسف المصري (أمير كرارة) يظهر في الصورة ويقرر احتجاز الجندي المذنب في قسم كرموز بالأسكندرية.
يحاول أحد أعضاء مجلس النواب التفاهم مع الضابط لكنه يرفض تسريح المذنب.. يهدده الجنرال الإنجليزي المخضرم ويحذره من الوقوف أمام الإمبراطورية البريطانية بأسرها، فيصر الضابط قائلاً: «أنا الجنرال يوسف المصري»
حرب دفاعية
لا مفر إذن أمام هذا الضابط الانتحاري، فتصدر الأوامر بتحريك قوات هائلة من الجيش الإنجليزي نحو قسم كرموز لاسترجاع الجندي المحتجز، وتبدأ المعارك بين الفريقين، الضابط في القسم والجنرال الإنجليزي في الخارج.
يدافع الضابط عن القسم بكل طاقته ويضغط على العدو بأكثر من طريقة، وعلى طريقة فيلم «الإرهاب والكباب» يعاونه المحتجزون داخل القسم أيضًا، وبطبيعة الحال لا يحتوي القسم سوى على القتلة واللصوص والعاهرات.
هذه الفئات كانت خير معين للضابط، فهناك اللص الخبير في تسلق المواسير والقفز فوق الأسطح، والقاتل مجرم الحرب المخضرم المحبوس ظلمًا، والعاهرة الشريفة في قلبها، مع الكثير من الكوميديا والوطنية، هؤلاء المجرمين ظهر معدنهم الحقيقي في الحرب.
هل يتصدى البطل إذن لكتائب جيش الأعداء في حربه الدفاعية داخل القسم؟، يحارب المدافع والسيارات وقطع الإمدادات وتحالف الحكومة الفاسدة مع العدو والتهديد بقتل أختيه؟، يفعل كل هذا كي يسلم المجرم للعدالة؟
هناك تهديد آخر لا يستهان به، حضر خصيصًا كي يلاقي بطل الفيلم وجهًا لوجه، ضابط بريطاني خبير في الفنون القتالية يسعى للانتقام من المصريين جميعًا، فيصنع للبطل جحيمًا من نوع آخر.
القصة والإخراج
الفيلم كما ظهر في إعلانه تمامًا، يحتوي كمية وافرة ومرضية من الأكشن والحركة بكل أشكالها، انفجارات ونيران وطلقات رصاص، مطاردات بالسيارات وانقلابات، ركلات وصفعات ودماء، حتى الأبطال لم يبخلوا بالصراخ والصياح وفي أكثر من مشهد يؤكد البطل «هتبقى حرب».
يحمل أفيش الفيلم للمرة الأولى اسم محمد السبكي في خانة التأليف إلى جانب الإنتاج، فيما تولى الطبيب بيتر ميمي السيناريو والحوار والإخراج بعد أكثر من عمل ناجح من حيث نسب المشاهدة مثل مسلسل «الأب الروحي» و«كلبش» بجزئيه، رغم تحفظات نقاد وجمهور.
البطولة المطلقة لأمير كرارة، مع عدد من الممثلين تفاوت ظهورهم على الشاشة، بعضهم سانده في مشاهد عديدة مثل محمود حميدة وغادة عبد الرازق ومصطفى خاطر، لكن الباقين ظهروا كضيوف شرف ليس إلا.
النجم العالمي خبير القتال «سكوت آدكنز» الشهير بـ«بويكا» شارك بحضور قوي ومؤثر، لم يقتصد في استعراض القدرات ومهارات المصارعة الاستثنائية، فظهر أكثر إقناعًا من «كرارة» الذي جعل جنديًا بريطانيًا يطير رأسًا على عقب بحركة من ذراعه.
بعد شهر من العرض.. هل عرفت من هم «الأصليين»؟!
الشناوي: فيلم «مُسلي» بجدارة وينقصه العمق الفكري
الناقد السينمائي طارق الشناوي أكّد أن «حرب كرموز» فيلم تجاري لتسلية المشاهد بكل ما تعنيه الكلمة في موسم العيد، كل مشهد يحاول الفوز بإعجاب الجمهور، ولا شك أن «كرارة» صار نجم الشباك المنتظر.
ما ينقص الفيلم في رأي «الشناوي» هو العمق الفكري، خاصة في التعاون بين ضابط الشرطة وضابط الجيش، خاصة أن خلفية كل منهما لم تتضح بالشكل الكافي، والأحداث انتهت بخيوط كثيرة مفتوحة لم يفسرها السناريو.
تمثيل «كرارة» كبطل كان موفقًا، وإن يظل «ممثل عضلات» بحد وصف الناقد، فهو الضابط الشريف الوطني وحسب كما ظهر في «كلبش»، رغم أن قدراته التمثيلية أقوى من هذا الدور الثابت، وعليه من الآن أن يسعى لتغيير جلده.
المونتاج (تقطيع المشاهد وترتيبها) في الفيلم راعى الإيقاع السريع الذي يجذب المتفرج، فيبقى لاهثًا ينتظر المشهد التالي والتالي، وإن أشار «الشناوي» لعيوب في مونتاج المشاهد الخاصة بلص المواسير، فقد ظهر الدوبلير واضحًا، كما أن الممثل نفسه - مصطفى خاطر- لا يناسب الدور جسمانيًا.