رئيسة كرواتيا.. «كوليندا غرابار» وقصة الصعود من محل الجزارة للرئاسة
بحرارة تهنئ لاعبي منتخب بلادها بعد هزيمتهم أمام المنتخب الفرنسي في نهائي مونديال روسيا 2018، دموع خسارة اللقب قابلتها كوليندا غرابار كيتاروفيتش، رئيسة دولة كرواتيا بابتسامة لفتت أنظار العالم نحو السيدة الخمسينية التي تدعم أبناء منتخبها بالرغم من الخسارة، وترسل في نفوسهم الثقة، لتبعث رسالة سلام للعالم أجمع.
تدرج وظيفي وحياة مهنية مليئة بالإنجازات أهلتها للجلوس على مقعد رئيس دولة كرواتيا الحديثة نسبيًا، حيث يبلغ عمرها 28 عام كدولة مستقلة يحكمها رئيس مدني، وذلك بعد أن انفصلت كرواتيا عن جمهورية يوغسلافيا الاشتراكية الاتحادية عام 1990، فكانت أول امرأة تحظى بذلك اللقب وسبقها خمسة رؤساء.
المولد والدراسة
ولدت «غرابار» بقرية ريبيكا التي كانت تتبع يوغوسلافيا آن ذاك، انتمت إلى عائلة ريفية تمتلك متجر جزارة ومزرعة، شبت في خضم الطبيعة حتى المرحلة الثانوية ذهبت إلى الولايات المتحدة الأمريكية تستكمل تعليمها، ولكنها سرعان ما عادت إلى يوغسلافيا والتحقت بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، والتي كان لها سبب رئيسي في تشكيل اهتماماتها.
حصلت على بكالوريوس الآداب في اللغة والأدب الإنجليزي والإسباني عام 1993، ثم سافرت إلى فيينا لتحصل على الدبلوم في الأكاديمية الدبلوماسية، ومن وقتها وجهت جهودها صوب السلك الدبلوماسي والعلاقات الدولية، عادت مجددًا إلى أرض الوطن لتحصل على درجة الماجيستير في العلاقات الدولية من كلية العلوم السياسية في جامعة زغرب.
لم تكتف بهذا القدر من العلم، واستكملت بعد أن عينت كباحثة في برنامج فولبرايت في جامعة واشنطن، وحصلت على زمالة لوكيسيك في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، وكانت باحثة زائرة في كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جونز هوبكيز، وكللت جهودها بالحصول على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية بكلية زغرب للعلوم السياسية.
الألقاب والمناصب
مستشارة لقسم التعاون الدولي في وزارة العلوم والتكنولوجيا، كان أول لقب تحصل عليه «غرابار»، ومنها إلى وزارة الخارجية لتنصب رئيس قسم أمريكا الشمالية لمدة عاميين متتاليين، انتقلت إلى كندا وعملت كمستشارة دبلوماسية، وأثناء الحراك حول انفصال كرواتيا ووصول الحزب الديمقراطي الاجتماعي الكرواتي إلى السلطة، عادت لبلادها.
تم انتخابها للبرلمان الكرواتي من الدائرة الانتخابية السابعة كعضو في الاتحاد الديمقراطي الكرواتي عام 2003، أصبحت بعد ذلك وزيرة للتكامل الأوربي وبدأت مفاوضتها بشأن انضمام كرواتيا إلى الاتحاد الأوربي وحلف شمال الأطلسي، وفي عام 2005 كانت «غرابار» أول إمرأة تعين رئيسة لمعاهدة أوتوا، وهي اتفاقية حظر الألغام للأفراد التابعة لدول الجوار.
من دولة إلى أخرى تتنقل بين المناصب الدبلوماسية الهامة، إلى أن رشحها الاتحاد الديمقراطي الكرواتي للانتخابات الرئاسية، لتنافس الرئيس إيفويجوسيبوفيتش، ومرشحين آخرين، وفازت «غرابار» في الجولة الثانية بعد حصولها على أكثر من 50 % من الأصوات.
ثلاثة سنوات منذ توليها للمنصب تحمل على عاتقها عدد من القضايا الهامة التي تشغل الرأي العام، وكانت أول تلك القضايا أزمة المهاجرين إلى أوروبا، والتي استغرقت وقت طويل لحل تلك العقبة التي واجهتها في الأيام الأولى بعد جلوسها على مقعد الرئاسة.
«غرابار» إمرأة سياسية بالدرجة الأولى تحل المعضلات التي تعصف بالدول، ولكن ذلك جعلها تهتم أيضًا بالسياسة الاجتماعية التي تشغل الرأي العام في بلادها، فاهتمت بقضايا المثليين بالرغم من أن زواج المثليين غير مصرح به في كرواتيا، فيما اهتمت بقضايا الإجهاض، وغيرها من القضايا التي تكفل حرية الفرد في اختيار حياته.
البيئة الخضراء التي تتمتع بها دولة كرواتيا جعلتها تهتم بالقضايا البيئية التي تهدد البيئة مثل تغير المناخ، وودعمت المبادرات الشابة التي تهتم بالبيئة ونشر المساحات الخضراء والحد من تلوث الهواء ووفرت لهم الدعم المادي والمعنوي، مما جعلها تحرز تقدم ملحوظ في في مجال البيئة زاد من السياحة الداخلية والخارجية للبلاد.
بالرغم من انشغالها بالعمل العام من صغرها إلا أنها تولى اهتمام بأسرتها الصغيرة، وترعى اهتمامات طفليها الرياضية والفنية وتشجعهم على العمل التطوعي والعام لتشركهم في رسم مستقبل أفضل لبلادهم.