جاردن سيتي.. حي الهوانم الذي سيطرت عليه الوزارات والسفارات

جاردن سيتي.. حي الهوانم الذي سيطرت عليه الوزارات والسفارات

عندما تقودك قدماك إلى شوارع حي جادرن سيتي الهادئة ستخطف أنظارك القصور والفيللات بطرازها المعماري المختلف وحدائقها الخلابة، والتي ما تزال صامدة في وجه حركة التجريف التي طالت مثيلاتها في الحي بعد أن تحول الكثير منها إلى مقار لهيئات ومصالح حكومية. الدكتور أيمن فؤاد سيد، روى قصة الحي الهادئ في كتابه «القاهرة.. خططها وتطورها العمراني».

النمط الإنجليزي

بدأ حي جاردن سيتي في الظهور عام 1906، بعد أن جرى تقسيم الأراضي وبيعها في منطقة قصر الدوبارة على إثر إقامة القنصلية البريطانية التي تضم مجموعة من الدور المطلة على النيل مباشرة، وبعد ذلك شُيدت العديد من الدور الجميلة وسط الحدائق على طول شوارع ذات تصميم مستدير على النمط الإنجليزي.

بدأ حي جاردن سيتي في الظهور عام 1906، بعد أن جرى تقسيم الأراضي وبيعها في منطقة قصر الدوبارة على إثر إقامة القنصلية البريطانية التي تضم مجموعة من الدور المطلة على النيل مباشرة، وبعد ذلك شُيدت العديد من الدور الجميلة وسط الحدائق على طول شوارع ذات تصميم مستدير على النمط الإنجليزي.

كان يشغل هذه المنطقة، المعروفة بـ«بستان الخشّاب» والمحصورة بين شاطئ النيل غرباً، والطريق الواصل بين بولاق ومصر القديمة شرقاً (شارع القصر العيني الآن) قصر بناه في الأصل إبراهيم باشا بن محمد علي عقب عودته من حرب الشام أمام الطرف الشمالي لجزيرة الروضة، وهو بذلك أول من فكر في الإقامة على شاطئ نيل القاهرة بعد إزالة تل العقارب المتاخم له من جهة الجنوب.

وبعد وفاة إبراهيم باشا سنة 1848 آل هذا القصر إلى نجله إسماعيل، فغيّر أكثر رسومه الأصلية ووضعه في قالب عجيب مزخرف ونقش حوائطه وسقوفه بالذهب المُصّنع، وعلّق فيه النجف البلّور المثُمن وفرشه بأفخر أنواع الفرش ثم باعه إلى والي مصر سعيد باشا سنة 1855 فزاد في زخرفته وبنى له فناءً أمامه من الجهة الشرقية.

استرد إسماعيل القصر بعد توليه السلطة ووهبه لوالدته خوشيار هانم مع الأراضي المحيطة بما فيها من المباني ومصنع السكر سنة 1863، وأعاد تجديد القصر بعد حصوله على لقب «خديو» ونقش عليه الحرفان الأولان من اسمه ki، وأجريت فيه بعد ذلك مراسم أفراح أنجاله محمد توفيق، وحسين، وحسن، والأميرة فاطمة هانم. وظل القصر بيد خوشيار هانم، وعُرف لذلك بـ«قصر الوالدة باشا»، إلى أن عاد إلى ملكية الحكومة سنة 1880.

سفارات ومقرات حكومية

أقيم على مدخل كوبري الإسماعيلية القديم (كوبري قصر النيل الآن) فندق سميراميس القديم، وهو بذلك أول فندق يُقام على نيل القاهرة، فقد كانت فنادق القاهرة الكبرى قبل ذلك مثل شبرد القديم وسافوي تقع في ميدان الأوبرا أو عند أطراف حديقة الأزبكية أو في ميدان سليمان باشا.

وفي سنة 1906 باعت الدائرة السنية القصر إلى شركة شارل باكوس، فقامت بهدمه وقسمت أراضيه وباعت أنقاضه وأثاثه الفاخر وتحفه الثمينة إلى كبار الأعيان، أما واجهة القصر فقد نقلت بالكامل إلى حوش عائلة الوقاد بقرافة المماليك، وما تزال عليها الأحرف الأولى من اسم الخديوي، بينما أخذت السفارة البريطانية الموضع الواقع على النيل مباشرة المعروف بقصر الدوبارة وأقامت مقرها عليه.

وفي العام نفسه أقيم على مدخل كوبري الإسماعيلية القديم (كوبري قصر النيل الآن) فندق سميراميس القديم، وهو بذلك أول فندق يُقام على نيل القاهرة، فقد كانت فنادق القاهرة الكبرى قبل ذلك مثل شبرد القديم وسافوي تقع في ميدان الأوبرا أو عند أطراف حديقة الأزبكية أو في ميدان سليمان باشا.

توالى بعد ذلك إنشاء القصور والفيللات في حي جاردن سيتي وما حوله، وتحول العديد منها خلال القرن العشرين إلى مبان للوزارات أو مبان للإدارات الحكومية المهمة، مثل قصر الأمير كمال الدين حسين الذي تحول إلى متحف لوزارة الخارجية الآن أمام جامعة الدول العربية وقصر الأميرة نعمت توفيق الذي آل بعد ذلك إلى هانم الدمرداشية وأزيل عند حفر نفق كمال الدين صلاح أمام كوبري قصر النيل سنة 1964.

أما قصر الأميرة عفت حسن فآل إلى الأميرة شويكار إبراهيم وزوجها سيف الله يسري باشا وشغلته لفترة قصيرة السفارة التركية (1926 – 1940) قبل أن يتحول في سنة 1949 إلى مقر لرئاسة مجلس الوزراء (بشارع مجلس الشعب الآن).

وتحول قصر الأميرة توحيدة ابنة الخديو إسماعيل وزوجها منصور باشا يكن المعروف بقصر الإنشا (بشارع إسماعيل أباطة في مواجهة الواجهة الجنوبية لضريح سعد زغلول باشا) ليكون أولاً مقراً لوزارة الحربية ثم اعتباراً من عام 1964 مقراً لوزارة الإنتاج الحربي، بينما أصبح قصر الأميرة فايقة ابنة إسماعيل بالتبني المواجه له بشارع الفلكي مقراً لوزارة المعارف العمومية منذ سنة 1931 (التربية والتعليم الآن)، أما قصر الأميرة جميلة إسماعيل الواقع إلى الغرب من قصر الأميرة فايقة فانتهى مصيره إلى مقر لوزارة الإسكان. وهذه القصور الثلاثة أعيد بناؤها سنة 1900.

مجمع التحرير

واتخذ قصر الأميرة منيرة هانم (بشارع علي يوسف الآن) مقراً للمعهد الفرنسي للآثار الشرقية منذ عام 1907، وكان يطل على ميدان الإسماعيلية (القسم الجنوبي من ميدان التحرير الآن) سراي الإسماعيلية التي شيدها إسماعيل باشا سنة 1877، وأصبحت بعد ذلك مقر إقامة أحمد مختار باشا المندوب العثماني في مصر (1883- 1909)، وحل محلها بين سنتي 1950 – 1952 مبنى مجمع التحرير.

تحول قصر إسماعيل صِديق، المطل على ميدان لاظوغلي وشارع نوبار وشاعر منصور وهو عبارة عن ثلاثة قصور متداخلة على الطراز الفرنسي يتخللها حدائق أولاً إلى مقر لدواوين المالية، والدخلية، والحقانية، ثم مقراً لوزارتي المالية والاقتصاد حتى سنة 1985.

وكان إلى الجنوب الغربي من سراي الإسماعيلية فيلا تُعرف بفيلا القازداغلي، بنيت في مطلع القرن العشرين ربما لحساب فيلكس سوارس ثم آلت بعد وفاته سنة 1909 إلى شخص إنجليزي يدعى إيمانويل قازداغلي، وشغلت هذه الفيلا بعد ذلك السفارة الأمريكية حتى الحرب العالمية الثانية، ثم تحولت عند منتصف القرن العشرين إلى مدرسة تُعرف بـ«مدرسة علي عبداللطيف الإبتدائية».

وتحول قصر إسماعيل صِديق المفتش ناظر المالية، المطل على ميدان لاظوغلي وشارع نوبار وشاعر منصور وهو عبارة عن ثلاثة قصور متداخلة على الطراز الفرنسي يتخللها حدائق أولاً إلى مقر لدواوين المالية، والدخلية، والحقانية، ثم مقراً لوزارتي المالية والاقتصاد حتى سنة 1985.

أما ملحقات القصر الواقعة إلى الجنوب منه فشغلتها الإدارات التابعة لوزارة المالية.

ومن قصور جاردن سيتي المهمة كذلك قصر عدلي باشا يكن الذي آل بعد ذلك إلى شريف صبري باشا شقيق الملكة نازلي، وحل محله بعد هدمه في مطلع القرن الحادي والعشرين فندق «فور سيزون».   

بدأ حي جاردن سيتي في الظهور عام 1906

المصدر

  • كتاب «القاهرة. خططها وتطورها العمراني». الدكتور أيمن فؤاد سيد.

محمد أحمد

محمد أحمد

صحفي يكتب في التراث والثقافة الشعبية