إذا تعرّض طفلك لاعتداء جنسي.. الحل يبدأ من هنا

إذا تعرّض طفلك لاعتداء جنسي.. الحل يبدأ من هنا

يتعرض كثير من الأطفال للاعتداء الجنسي الذي تتبدل معه حياتهم وتتوقف. يمتد تأثير الجريمة حتى مرحلة المراهقة والشباب إذا لم يتعرضوا لطبيب نفسي. فكيف للأم والأب أن يعالج طفله من آثار ما يحدث من اعتداء جنسي؟

علاج «زهرة» بالموسيقى 

كان عمر «زهرة» أربع سنوات عندما تعرضت لاعتداء جنسي من أحد جيرانها، أفصحت الصغيرة لوالدتها التي لم تصدق لولا الآثار على جسد الطفلة.

تحولت حياة «أمنية» (اسم مستعار) إلى جحيم بعدما عرفت ما حدث لصغيرتها، وسرعان ما عرضت ابنتها على طبيب مختص للتأكد من سلامة الطفلة وأنها لم تتعرض لضرر، والذي نصحها بالاستعانة بطبيب نفسي مختص للتأكد إلى أي مدى تأثرت الصغيرة وليساعدها في إعادة تأهيلها من جديد، خاصة وأن «زهرة» أصيبت بتبول لا إرادي بعد الواقعة، والذي أكد الطبيب أنه بسبب نفسي.

تقول الأم: «كنت خايفة أصارح جوزي.. مكنتش عارفة إيه هيبقى رد فعله»، ولكنها لم تستطع تحمل أعباء الموقف بمفردها وأخبرته بما حدث، والذي رفض اللجوء للشرطة خاصة وأن الطبيب أخبرها أن الصغيرة لم تتأذى ولا يوجد علامات واضحة تؤكد حدوث ذلك.

لجأ الأب للشجار مع ذلك الجار وطرده من العمارة، بينما تابعت «أمنية» العلاج النفسي مع صغيرتها، التي ظلت تخضع لجلسات متواصلة لمدة عام كامل ولكنها لم تتحسن كثيرًا، ولازالت تتبول على نفسها والأمر أصبح يعرضها للإحراج مما دفعها للعزوف عن التجمعات.

ما دفع الأم للتدخل بصورة مغايرة وتعليم ابنتها الموسيقى وفقًا لحديث طبيبها المعالج، تحسنت حالة «زهرة» واستعادة نشاطها وحيويتها، ولازالت تتابع على فترات متباعدة جلسات نفسية وتشارك في أنشطة فنية في دار الأوبرا، فالوضع مستقر الآن ولكن هل ستبقى «زهرة» في أمان؟

كيف أعرف أن طفلي تعرض للاعتداء الجنسي؟

هناك مجموعة من الأعراض الجسدية والعلامات النفسية والسلوكيات المفاجئة التي تظهر على الأطفال الذين تعرضوا للتحرش أو الاعتداء الجنسي، فالصغار عادة لا يستطيعون التعبير بالكلام عن تعرضهم لاعتداء، فهناك مؤشرات جسدية وأخرى نفسية، تشير إليها أستاذ التربية وعلم النفس بكلية التربية بجامعة نجران السعودية الدكتورة رحمة الغامدي في كتابها «كيف نحمي أطفالنا من التحرش الجنسي؟»

المؤشرات الجسدية

- صعوبة المشي أو الجلوس.

- يشتكي الطفل من ألم في عظام الحوض أو الظهر أو العضلات بشكل عام.

- ملابسه ممزقة.

- ملابسه الداخلية متسخة أو بها بقع دماء.

- الإحساس بألم أو الرغبة في هرش الأعضاء التناسلية.

- الأمراض التناسلية خاصة قبل سن المراهقة.

المؤشرات النفسية والسلوكية

- خوف غير طبيعي أو مبالغ فيه من مكان معين أو شخص بعينه.

- العزلة والانطواء المفاجئ مع الصمت والتفكير الطويل.

- اضطرابات النوم، والخوف من النوم منفردًا.

- الأحلام المزعجة.

- يصبح الطفل عدوانيًا وشرسًا.

- رسومات الطفل مخيفة أو يكثر بها اللون الأسود والأحمر.

- تعمد جرح النفس وإيذائها لأنه يلوم نفسه.

- تلفظ الطفل بكلمات خارجة عن الأدب.

- القيام ببعض التصرفات التي تحمل طابع جنسي.

- محاولة دفع طفل آخر لممارسة أفعال جنسية.

- القيام بتصرفات لا تناسب عمره كمص الأصابع أو التبول اللا إرادي.

- إظهار العواطف بشكل مبالغ فيه أو غير معهود على الطفل.

بماذا يشعر الطفل الذي تعرض للاعتداء؟

الأطفال الذين تعرضوا للتحرش الجنسي يحملون مجموعة من المشاعر والأفكار والسلوكيات تختلف فيما بينهم، وحتى نتمكن من التعامل بطريقة صحيحة يجب علينا أولا معرفة بماذا يشعر الطفل؟ هكذا تقول «الغامدي»، وتشير إلى أن هناك من الأطفال من يشعر أنه سيئ وأن حياته بلا قيمة.

ومنهم من يعتقد أن لا أحد يريده أو يحبه إلا مقابل إقامة علاقة سيئة معه، خاصة إذا كانت الأسرة تنتهج مبدأ خطأ في التربية وهو افعل كذا من أجل أن يحبك الناس، وهناك من يشعر أنه المسؤول عما حدث له إما أنه لم يستطع الرفض أو لم يخبر أحدا، أو يعتقد أنه لم يكن مجبرًا على فعل ذلك.

وهناك من الأطفال من يشعر أن والديه هم السبب لأنه لم يحموه، ولكنه لا يستطيع البوح بذلك، لذلك فإن الأفكار والمشاعر التي يشعر بها الطفل بعد الاعتداء عليه من الواجب مراعاتها والاهتمام بها لأنها مفتاح العلاج وتصحيحها يوجه السلوك للأفضل. وتقول «الغامدي» إن هذا من أهم لبنات العلاج المعرفي السلوكي الذي يسير عليه المعالج النفسي ويجب على الأهل اتباعه.

ماذا بعد الاعتداء الجنسي على الطفل؟

إذا تعرض الطفل للاعتداء الجنسي يجب على الأبوين تصديق روايته، لأن الطفل الخيالي لا يذهب إلى تلك المناطق والحكايات الجنسية بالتحديد لأنه لا يكون على دراية بها، هكذا تقول «درويس خزام»، الاخصائية النفسية والحاصلة على شهادة من مدرسة ميزارباك الدنماركية، في تخصص الإساءات الجنسية.

وتشير  إلى أن الطفل حتى إذا أنقص أو أزاد في التفاصيل، فإن الواقعة صحيحة خاصة إذا كان عمر الطفل لم يتعدَ الست سنوات، ويجب التقصي أيضُا من حديث الطفل عن طريق العلامات التي تظهر عليه والسالف ذكرها، وعلى الأبوين القيام بالآتي مع مراعاة عمر الطفل واختيار الطريقة المناسبة لتوصيل المعلومة.

افعل

- فحص الطفل جيدًا للتأكد من سلامته من الالتهابات ومعالجتها في أسرع وقت.

- عرض الطفل على طبيب نفسي مختص لمساعدته في التخلص من الآثار الناتجة عن الاعتداء.

- إشغال الطفل بأنشطة مختلفة لكي نبعد عنه التفكير في الحادث.

- مشاركة الطفل العديد من الأنشطة والخروج معًا.

- مساعدة الطفل في تحقيق إنجاز ما سواء على مستوى مزاولة رياضة جديدة والنجاح بها، أو تقدم في الدراسة أو حتى إنجاز مهام يوميه، وذلك حتى تعود ثقة الطفل في نفسه من جديد.

- التعبير للطفل عن حبهم له بصورة مادية عن طريق الهدايا والمكافآت، أو معنوية عن طريق الكلام الإيجابي.

- تعزيز الصورة الذاتية للطفل وصورته عن نفسه أو شكله، وذلك بالحديث الدائم مع الطفل.

- مصادقة الطفل حتى يشعر بالأمان والشجاعة في حكي الموقف ذاته أو إذا تعرض لمواقف شبيهة.

​​​​​​​
لا تفعل

- لا تتصرف بسلبية واسعي لعقاب الجاني، وذلك لحماية الأطفال الآخرين من أي اعتداء محتمل، وكذلك لكي يعي طفلك قدر الخطأ الذي ارتكبه الجاني.

- تجنب الاستهزاء بالطفل وإطلاق الصفات التي قد تحطم شخصيته، كوصفه بأنه ضعيف وجبان.

- لا تشعره بالذنب لأنه قد يكون يعاني من ذلك الشعور في الأساس، وعدم تحميله مسؤولية الخطأ، أو شعوره أنه لم يستطع التصرف بطريقة صحية كالصراخ أو الهروب من الموقف.

- عدم رواية الواقعة لأحد أمام الطفل، حتى لا يشعر بالخزي من نفسه.

- لا تدكّر الطفل بالواقعة عند أي موقف أو تصرف خطأ يقوم به.

- عدم الحديث معه عن الواقعة مرارًا وحكاية تفاصيلها أكثر من مرة.

- عدم تخويف الطفل من الآخرين، وإشعاره أن الدنيا غير آمنه حتى لا يصاب بالرهاب، بل مساعدته على الاندماج مجددًا بالمجتمع.

- لا للتوبيخ ومحاولة إنكار ما حدث، ذلك يدفع الطفل لفقد الثقه في أبويه.

هل هناك فرق بين تأثّر البنت والولد بالاعتداءات الجنسية؟

لا فرق في الاعتداءات الجنسية على الأولاد عن البنات فكلاهما تعرض لاعتداء جنسي وانتهاك جسدي ونفسي. الذكور يتعرضون لتحرش واعتداء جنسي بشكل كبير، على عكس الشائع من أن الفتيات فقط هن من يتعرضن لذلك، وهو ما يدفع بعض الآباء لعدم التصديق.

لكن يختلف التأثير من طفل لآخر وطبيعة استجابته للحادث ولا يتدخل النوع في ذلك، ولكن الذكور الذين يتعرضون للاعتداءات الجنسية في الصغر عادة ما يتجهون إلى انحرافات جنسية في سن المراهقة وأحيانًا تمتد إلى الشباب، ويظهر ذلك على الفتيات أيضًا ولكن بصورة أقل من الذكور.

ندى سامي

ندى سامي

صحفية مهتمة بشؤون المرأة والمجتمع