جمال خاشقجي ليس الأول.. معارضون وأمراء سعوديون اختفوا في ظروف غامضة
الغموض الذي يكتنف اختفاء الكاتب السعودي جمال خاشقجي ليس الأول في تاريخ المملكة العربية السعودية، فهناك حالات اختفاء أخرى في ظروف غامضة لمعارضين بل وأمراء أبدوا آراء مغايرة ومعارضة لتوجهات السلطة الحاكمة.
ناصر السعيد
يُعتبر أول معارض لنظام حكم آل سعود منذ نشأت المملكة عام 1932. ولد السعيد في مدينة حائل شمال وسط الجزيرة العربية عام 1923، أي بعد سقوط المدينة بيد عبد العزيز آل سعود بعام واحد.
عاش السعيد حياة نضالية قاد خلالها سلسلة من الإضرابات العمالية للمطالبة بتحسين الأحوال المعيشية ودعم القضية الفلسطينية، ما قاده في عام 1953 إلى الاعتقال في سجن العبيد في الإحساء لكن أفرج عنه لاحقاً.
لكن الحدث الفيصل في حياته كان بعد وفاة الملك عبد العزيز. أقيم حفل استقبال للملك الجديد سعود في مدينة حائل، فألقى فيه ناصر السعيد خطاباً طالب فيه بإعلان دستور للبلاد وبإصلاح وتنظيم الموارد المالية للدولة وحماية الحقوق السياسية وحقوق حرية التعبير للمواطنين، وفي عام 1956 غادر من حائل إلى مصر بعدما علم بصدور أمر بالقبض عليه وإعدامه.
في القاهرة أشرف السعيد على برامج إذاعية معارضة لحكم آل سعود في إذاعة صوت العرب، ثم انتقل إلى اليمن الجنوبي عام 1963 وأنشأ مكتب للمعارضة، وهناك التقى مع أحد العسكريين الشباب المنشقين وهو المعارض السعودي عبدالكريم مقبل القحطاني حيث اشتركا في تأسيس تنظيم اتحاد شعب الجزيرة من القاهرة منتصف الستينيات.
انتقل السعيد إلى دمشق بعد موت الرئيس جمال عبد الناصر، وفي زيارة إلى بيروت اختطف فيها في 17 ديسمبر 1979 بتعليمات من ياسر عرفات والعقيد عطا الله عطا الله أبو الزعيم لصالح أسرة آل سعود، حيث استدرجه أحد أصدقائه من قادة منظمة فتح إلى فخ منصوب له بحجه إجراء بعض المقابلات مع صحف أوروبية، وسُلم بعدها للمخابرات السعودية واغتيل لاحقاً.
الأمير سلطان بن تركي
هو من أوائل من طالبوا بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة في السعودية. فقد طالب في عام 2003 بالشفافية ومكافحة الفساد، ودعا إلى توسيع نطاق المشاركة السياسية واستقلال القضاء وغيرها من الإصلاحات. وبسبب هذه المطالب جرى اختطافه من جنيف ونقله بعد تخديره، ثم وضع رهن الإقامة الجبرية بمنزله في الرياض.
وبحسب فيلم وثائقي بثته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» عن أمراء آل سعود المختطفين، فإن الأمير سلطان اختطف في الأول من فبراير 2016، وكان برفقة 20 من أفراد حاشيته الذين يحملون جنسيات غربية.
ويوضح اثنان من الحاشية، أنهم كانوا برفقة الأمير على متن طائرة متجهة إلى القاهرة، إلا أنه تم تحويل مسار الطائرة ليجدوا أنفسهم في الرياض، وأفادا بأن الأمير راح يصيح في وجه طاقم الطائرة الذين قاموا بدورهم بإشهار أسلحتهم للسيطرة عليه وعلى باقي أفراد الحاشية، بينما كانت الطائرة تهبط.
وبمجرد هبوط طائرة الأمير إلى أرض المطار أحيطت بعشرات المركبات العسكرية والجنود المسلحين، وعلى الفور تم سحب الأمير من داخل الطائرة إلى سيارة عسكرية، رغم محاولته مقاومة القوات وصيحاته لأفراد حاشيته بأنهم مختطفون وأن عليهم إبلاغ سفارات بلادهم فورًا، ومنذ ذلك الحين لم يظهر الأمير.
الأمير تركي بن بندر
وكشف فيلم BBC عن تفاصيل اختطاف أمير ثانٍ هو تركي بن بندر. كان ضابط شرطة سابقاً، وتمثلت إحدى مهامه في تأمين العائلة الملكية، ويظهر في الفيلم الوثائقي أحد أصدقاء الأمير بن بندر، يقول إن الأمير أرسله له قبل أن يختفي في 2015، ليعرب له عن خوفه من أن تقوم الحكومة السعودية باختطافه وقتله، على حد زعمه.
ووفقاً لصحيفة الصباح المغربية إنه في نوفمبر، تم إلقاء القبض على الأمير بن بندر في المغرب بينما كان يحاول مغادرتها إلى فرنسا، ثم تم ترحيله إلى السعودية بعدها بأيام بناء على طلب السلطات السعودية.
الأمير سعود بن سيف النصر
الفيلم ذاته ألقى الضوء على أمير سعودي ثالث اختفى في ظروف غامضة هو سعود بن سيف النصر. قال صديق للأمير استضافه الفيلم إن سعود قال له قبل اختفائه أنه يتوقع بأن يتم اختطافه أو قتله بسبب أنشطته المتعلقة بالمعارضة.
وفي 2015 دخل الأمير سعود بن سيف النصر في شراكة مع اتحاد الأعمال الروسي الإيطالي، وبعد أن استقل طائرة خاصة متوجهاً إلى إيطاليا لحضور اجتماع عمل وتوقيع العقد، لم يره أو يسمع أحد عنه بعدها.