ماذا تفعل لو طفلك بيحب زميلته؟

ماذا تفعل لو طفلك بيحب زميلته؟

في الطفولة البريئة، يوجه الإنسان حبه أولاً إلى أمه التي أرضعته وتحنو عليه، ووالده الذي يشاركه اللعب والمرح، كما يحب ألعابه وشخصيات الكارتون الخيالية التي يشاهدها على التليفزيون.

لكن في وقت ما، قد يفاجأ الوالدان بطفلهما يحب زميلته في الفصل أو النادي أو حتى جارته. كيف ينبغي التصرف وقتها؟ إليك الإجابة في هذا التقرير من «شبابيك» كما يشرحها أساتذة علم نفس الأطفال.

حب الأطفال.. ليس كما نفهمه

الحب عند الأطفال غامض أكثر من الكبار

هل الحب بين الأطفال هو نفسه الحب بين الكبار؟ أستاذ أصول تربية الطب بجامعة المنصورة وليد جبريل يرى أن أكبر مشكلة في الحكم على الأطفال هي أن الكبار يظنون أن حياة الأطفال شبيهة بحياتهم.

فالطفل في مرحلة الحضانة وحتى الصف الثالث الابتدائي، لا يعرف الفرق الحقيقي بين الجنسين كذكر وأنثى وفق «جبريل» فكيف يعامله الكبار على أساس أنه يحب ويشتهي مثلهم؟

دوافع الحب عند الأطفال

مشاعر الحب في الطفولة أمر طبيعي

ما الذي يجعل الطفل يبدي مشاعر حب تجاه الجنس الآخر إذن طالما أنه لا يفهم الحب كالكبار؟ الإجابة في نقطتين أساسيين:

الاستكشاف والفضول

في المرحلة العمرية المبكرة للأطفال، يكون اهتمامهم الأكبر هو الاستكشاف، ويصف «جبريل» هذا الاهتمام بأنه احتياج للطفل لا يستغني عنه.

ولهذا السبب يهتم الطفل بالاختلاف بينه وبين زميلته في كل شيء، في طول شعرها، وصوتها الناعم، وألعابها الأكثر رقة من لعبه، هذا الشغف يظهر على أنه «حب» أحيانًا في نظر الكبار.

التقليد

أخصائية الأطفال النفسية مي محمد حسن تشير إلى سعي الطفل في هذا الوقت إلى تقليد الأبوين أو الأهل أو أبطال الأفلام في قصص الحب والعشق، وهذا ما يُسمى بـ«النمذجة»، ومعناها أن يتخذ الطفل الكبار من حوله كنماذج يقتدي بها.

وهكذا حين يقلد الطفل بطل الفيلم الرومانسي، فهو لا يوجه مشاعر شهوة وحب حقيقية، فهو بطبيعة الحال يملك ميلاً طبيعيًا نحو الجنس الآخر ويوجه طاقة حبه لما حوله، وفق الدكتورة «مي».

كيف ينبغي التصرف هنا؟

احتواء طفلك أمر هام

يلاحظ بعض مشرفي الحضانة أو المدرسة أن الطفل يحضن زميلته مثلاً، ويصاب أولياء الأمور بصدمة حين يعرفون الأمر، وقد يظهر الأمر عن طريق رسائل الطفل لزميلته على الانترنت مثلاً، بعدما كانت الجوابات هي الطريقة المتبعة في الماضي. التعامل المثالي في هذا الموقف كالتالي:

الهدوء أولا

ينبغي هنا التعامل بهدوء شديد بحسب الدكتورة «مي»، فالطفل لا يدرك ما يفعل في العموم، وإذا رأى انزعاج أهله المفاجئ قد يشعر بفضول أكبر تجاه «علاقته» مع زميلته.

في نفس الوقت، على الأهل ألا ينفجروا في الضحك والسخرية من طفلهم، فهذا يغري الطفل بتكرار ما فعل حتى يحصل على المزيد من الانتباه.

الحب أنواع

يوصي الدكتور «جبريل» بضرورة التفرقة بين أنواع الحب أولاً، فالطفل يحب والده ووالدته وأخوته، فلو قال الطفل ببساطة أنه يحب صاحبته، فقد يعني حب كأي حب بريء آخر.

أما بالنسبة لـ«حب الأفلام» لو ذكره الطفل، فهنا يوجهه الوالدان إلى الاتجاه الصحيح ببساطة دون عصبية، فلا يجب عليك أن تنهره وتحذره من مجرد الكلام والحديث مع البنات زميلاته، لأنه بطبيعة الحال يبقى معها في نفس الفصل، بل الأهم أن يعرف كيف يتصرف وأن الزمالة لا تشمل أفعالاً معينة ليس هذا وقتها.

الموقف أساس التربية

الأساس في تربية الطفل كما يوضحه «جبريل» هو «الموقف» الذي يتعرض له الطفل، كأن يرى مشهدًا خارجًا في أحد الأفلام مثلاً، وهنا يترتب على تصرف الأبوين نفسية الطفل كلها.

لا يجب على الأبوين تغيير المشهد بسرعة وصراخ كأنها فضيحة وكارثة، بل ينبغي الهدوء التام وتغيير القناة كالمعتاد مع تعليق الأب أو الأم أن هذا المشهد لا يجوز، بكل بساطة وهدوء وبشكل غير مباشر.

من سن 9 حتى البلوغ

يتخذ الحب منحنى أعلى عند الاقتراب من البلوغ

في هذه المرحلة تظل أسباب الحب السابقة موجودة، لكنها الآن حقيقية بشكل أكبر، بسبب النمو العاطفي والعقلي والهرموني، خاصة عند الاقتراب من البلوغ، وهنا تصف الأخصائية النفسية الأمر بالتحدي الكبير، لأن الطفل أو الطفلة يحب بالفعل.

هذا التحدي يأتي بسبب صعوبة سيطرة الطفل على مشاعره القوية، والأصعب منها السيطرة على رغباته، كما أن الابتعاد عن الطرف الذي يحبه قد يكون صعبًا بالفعل.

للتعامل مع هذا الحب شبه الحقيقي، على الآباء أن يتصرفوا بهذا الشكل وفق الدكتورة «مي»:

تعاطف أولاً

مشاعر الطفل تبقى طبيعية، فلا تقابلها بالثورة والغضب، بل عليك أن تتعاطف مع طفلك وتخبره أنك تتفهم شعوره وحالته، فقد عشته من قبل حين كنتُ في مثل عمرك.

ادعمه فكريًا
دعم المراهق ومحاورته كثيرًا هو الأهم

الصداقة هنا مع طفلك مطلوبة، قل له أنك تدعمه فكريًا على الدوام، كي يحضر إليك ويطلب رأيك دائمًا في كل وقت، بدلاً من اللجوء لجهات أخرى قد تضره، وحتى تكون على علم بحالته.

لا تيأس من التكرار

عليك أن تتحاور مع طفلك بخصوص حقيقة الحب وطبيعة مشاعره المتحمسة وضرورة الاهتمام بتطوير نفسه ودراسته وخلافه، وأن الحب الحقيقي بالقلب وليس بالنظرة والابتسامة، لكن يجب أن تتحمل تكرار هذه الحوارات طويلاً دون ملل أو تعب لأنه لن يستوعبها من المرة الأولى.

الاهتمام به أكثر

لجوء الطفل لحب جديد في حياته قد يكون دليلاً على افتقاده للحب الأسري، ولذا على الأبوين دعمه نفسيًا بما يحب من الأنشطة والنزهات والبقاء مع الأصدقاء الإيجابيين.

قد تلجأ بعض الأسر لتشجيع الطفل على المذاكرة والرياضة كي «يكبر» في عين حبيبته فتحبه أكثر، ولكن هذا يعني أنه يتعب ويذاكر من أجل الفتاة لا من أجل نفسه، والحب أصلاً في هذه المرحلة ليس بحقيقي لدرجة بذل الجهود من أجله.

محمود حافظ

محمود حافظ

روائي وصحفي، مهتم بالسينما والأدب ومزجهما بالتاريخ والفلسفة