«الشلة» حب وصداقة، لكنها قد تسبب هذه المشاكل الخطيرة
لم يتوقع محمد شعرواي أن تصبح شلة أصدقائه مصدر إزعاج وتعاسة، رغم أن معرفتهم بدأت من المدرسة الثانوية واستمرت في أول سنين الجامعة بعدد كبير من أصحابه المقربين، إلا أن العلاقة الطيبة لم تستمر.
عانى من مؤامرات صديقين من الشلة، ينفصلان عنها بعض الأوقات ويتبادلان أسرار الباقين خاصة ما يرتبط بـ«محمد» الذي اكتشف في رعب أن أسراره تُذاع على العام، وعلاقته بالزملاء الآخرين تفسد دون أسباب.
مع الوقت أصابه القلق الدائم بارتفاع ضغط الدم في هذه السن الصغيرة، وحين انكشفت حقيقة الصديقين كانت القطيعة والانفصال التام عنهما، يقول «كرّهوني في نفسي وجابولي المرض، وهما ناس مريضة عاوزة تتعالج نفسيًا أصلاً».
الشلة ضرووة إنسانية
استشاري العلاقات الاجتماعية والأسرية عزة حامد زيان، ترى أن انتماء الإنسان لجماعة أمر طبيعي ومن الضرورات الإنسانية، فهو كائن اجتماعي بطبعه ولن يستطيع التخلي عن الانضمام لشلة طيلة عمره.
الفيصل في مشاكل الشلة هو الأسرة نفسها التي تربي الشخص على التعامل في الجماعة بشكل معين، وبحسب قوة شخصيته أو عقده يظهر سلوكه المعبر عن تربيته، وتساهم المدرسة ووسائل الإعلام كذلك في هذه التربية.
من أخطر العلاقات
في كتابه «علاقات خطرة»، يصف استشاري الطب النفسي محمد طه علاقة الفرد بالمجموعة أو الشلة بأخطر العلاقات البشرية الممكنة، حتى أن أطباء النفس خصصوا فرعًا كاملاً من مناهجهم يُسمى «سيكولوجية المجموعة Group Psychology». في كل شلة أو جماعة، قد تظهر الأخطار والمشاكل وفق «طه» كالتالي:
تقديس الزعيم
ربما يختار الأفراد أحدهم ليكون بمثابة الزعيم، أو الأب الروحي للشلة، سواء بإرادتهم أو بشكل لا إرادي، لأن هذا الزعيم يتميز بصفة معينة لا تتوافر فيهم، مثل قدرته على التفكير السليم أو قوته العضلية أو نفوذه وماله.
المشكلة هنا هي تقديس هذا الزعيم وتأليهه، وكأن الشلة كلها بلا فائدة من دونه، وبالتالي يتواكل باقي الأفراد عليه وتصيبهم السلبية لأنه المنقذ الوحيد والقائد الفريد.
مع الوقت يحمل هذا الزعيم المختار مشاكل الجماعة كلها، ورغم مهاراته الفريدة إلا أن قدرته على التحمل تقل ثم تنهار، وبهذا يضطر باقي أفراد الشلة السلبيون إلى إحضار قائد جديد يعتمدون عليه وتستمر الدائرة.
الشخصية الضعيفة
بعكس الحالة الأولى، كما اختارت الشلة زعيمهم الحكيم، فهم يختارون نقيضه ليكون «كبش الفداء» الذي يتحمل كل مشاكل الشلة على رأسه، بل يخرج فيه الجميع عقدهم النفسية وتنمرهم وكأنه كيس رمل للتدريب.
المشكلة أن يقتنع هذا الشخص بأنه سيئ ويستحق هذه المعاملة فعلاً، لأنه في الغالب يكون أكثر المجموعة سذاجة وطيبة، بل إنه يتطبع بالصفات السيئة التي يعامله الجميع على أساسها.
أنت «ميسي الشلة».. احصل على اللقب من 5 فيديوهات
الانفصال عن العالم
الشلة مهما كانت صغيرة تعتبر مجتمع مُغلق، وقد يبالغ أفرادها في الحياة داخل مجتمعهم وينفصلون عن العالم، بل يشعرون بتهديد من خارج شلتهم على الدوام، ويسعون للاحتفاظ بسريتهم وخصوصيتهم.
مع الوقت لا يعيش أفراد الشلة حياتهم الطبيعية، ولا يشعرون بالمسؤولية تجاه أنفسهم، فيستمرون في التقوقع والاجتماع بسرية، مما يؤدي إلى انفصالهم عن عائلاتهم وزوجاتهم.
أحيانًا تتخذ الشلة شكل «جروب Group» على موقع «فيس بوك» أو أي وسيلة أخرى شبيهة، وهذا يساعد أكثر على الانفصال في العالم الافتراضي والتعليقات والمحادثات بعيدًا عن الواقع.
شلة داخل الشلة
أحيانًا ينفصل اثنان أو أكثر من أفراد الشلة لتكوين شلة أخرى منفصلة، وتخطط الشلة الجديدة لنفسها ضد أصحابهم القدامى، كما في حالة محمد شعراوي التي شرحناها في بداية موضوعنا، بل أحيانًا تبارك الشلة الأصلية هذا الانفصال وتوافق عليه.
في كل شلة.. هتلاقي الشخصية دي (مقال)
شلة بالاسم فقط
الأصحاب في النهاية قد يمثلون على بعضهم، فتكون الشلة بالاسم فقط، بينما يسعى كل فرد منهم إلى مصلحته الشخصية وهكذا ينتفي الغرض أصلاً من معرفتهم ببعضهم، فلا يساعد أحدهم الآخر ولا يلجأ المكتئب منهم إلى الآخرين.
الذوبان التام
التناسق والتقارب الفكري في أي جماعة مطلوب، لكن المشكلة لو زاد التقارب إلى درجة ذوبان الأفراد التام في شكل واحد، فيصيرون نسخة واحدة لها نفس طريقة الكلام ونفس الملابس، مما يمنع عنهم التميز والإبداع ويلغي شخصيتهم الحقيقة.
الشللية والشلة
أحيانًا يظن الشخص أن من واجبه تجاه شلته أن يسند إليهم المهام بحُكم الصداقة، فيرشحهم في عمل أو وظيفة أو أي خدمة أخرى بما يسمى «الشللية»، رغم عدم صلاحية الأصحاب للعمل.
لكن الدكتورة عزة حامد زيان ترى أن مساعدة الصديق ليست مشكلة ولكن تغليب المصلحة الخاصة على العامة هو ما يؤدي للمشاكل والصدام فيما بعد، عند اختيار الصديق عديم الكفاءة.