أحمد حلمي ممثّل الصدفة.. «العربجي الساقط» يحكي ذكرياته مع الماضي دون خجل
حقق الممثل أحمد حلمي نجاحًا لافتًا منذ بدأ مشوراه الفني عام 1993 حتى الآن، ونالت أفلامه «لف ودوران» و«آسف على الإزعاج» مركزًا متقدما في قائمة أعلى الأفلام المصرية تحقيقًا للإيرادات.
يقول عنه الناقد السينمائي طارق الشناوي: «لكل فنان شفرة، وشفرة حلمي أنه استطاع أن يقهر العدو الشرس الرابض بداخله، والذي يقول له أنت لا تحتاج إلى كاتب أو مخرج» في إشارة لتحرر «حلمي» من الغرور.
كيف كانت رحلة أحمد حلمي من الفشل إلى النجاح كما حكاها بنفسه في كتابه «28 حرف»؟ هيا تعرف عليها.
الطفولة.. عاوز أطلع عربجي
يعبر أحمد حلمي عن حبه الكبير لمهنة «العربجي» في طفولته، خاصة حين يركب «الحنطور» بجوار السائق الممسك بالكرباج فيبدو في عينه جالسًا على العرش كأنه أحد فتوات الحرافيش، مليئًا بالهيبة والعظمة.
وبالتالي كانت إجابة أحمد حلمي حين يسأله أحدهم عن المهنة التي سيعمل فيها حين يكبر هي «عايز أطلع عربجي» ليفاجأ بعاصفة من الاستنكار والسخرية، فصار يغير المهنة إلى «مهندس» ولكنه اكتشف أنها إجابة تقليدية لا تلفت إليه الأنظار فعاد إلى أمنيته القديمة «العربجة».
الثانوية العامة.. ساقط 3 سنين متتالية
يصف أحمد حلمي نفسه بالـ«سقيط» لأنه رسب في الثانوية العامة 3 سنوات متتالية، ويحكي عن البكاء الشديد والندم لأنه لا يعرف السبب في هذا الفشل الدائم، ثم فطن فجأة إلى أنه «لا يذاكر» ببساطة.
قرر أخيرًا أن يذاكر ويغير طلاء غرفته إلى كل الألوان الممكنة كي تساعده على التركيز بلا فائدة، ثم عانى من النحس والكسل، فحين صعد للمذاكرة فوق سطح البيت أغراه اللعب مع الدجاج، وعندما ذهب إلى النادي ليذاكر جذبه اللعب بالكرة مع الشباب.
ظل على هذا الحال حتى حصل على 45% فقط في الثانوية، وهذا يعني الرسوب من جديد، إلا أن معيشة «حلمي» في السعودية لفترة من الوقت أعفته من امتحان اللغة الفرنسية ليصير مجموعه الكلي 50% أي النجاح بالكاد، فلم يجد كلية أو معهد ليقبله.
ممثل بالصدفة.. بسبب ميت
هنا تتدخل المصادفة العجيبة في حياته، ويموت أحد أقاربه، فيأمره والده أن يشتري جريدة الأهرام كي يقرأوا النعي المنشور فيها، وبعد فترة تتجمع الأسرة على الغداء، يفرش «حلمي» صفحة من الجريدة إياها لوضع الطعام فوقها.
يكتشف أنها صفحة النعي، فيقلبها كي لا تتذكر العائلة سيرة الفقيد على الطعام، وفجأة تنظر الأم لشيء ما على صفحة الجريدة، فيظن أحمد حلمي أنها تذكرت السيرة مجددًا، إلا أنها قرأت إعلانًا يقول: يعلن معهد الفنون المسرحية بالهرم عن قبول دفعات جديدة بمجموع يبدأ من 50%.
كان المعهد يطلب الطلبة في 3 أقسام: التمثيل والنقد والديكور، ولم يكن «حلمي» يتقن إلا الفنون والعمارة، فأدرك أن مستقبله في قسم الديكور وقد كان، ويعلق على الموقف قائلاً «قرأت الفاتحة على الميت اللي نصيبي معاه ابتدى».
الثقافة.. من ميكي لنجيب محفوظ
من جديد تسيطر روح الدعابة على «حلمي» ويصف نفسه بـ«البقرة» لأنه لم يكن يحب القراءة في طفولته، لكنه عندما لاحظ فخر أمه الشديد بأخيه الأكبر الذي يهوى القراءة، قرر أن يفعل مثله وبدأ أول قراءاته بمجلة ميكي التي عشقها بشدة.
ضيع نقوده كلها على المجلة، واشترى كل أعدادها وحتى المجلدات الضخمة منها، وكي لا تفارقه في المواصلات والمشاوير اشترى «ميكي جيب» التي صارت لا تفارق جيبه، وتأثرًا بالشخصية كان ينام وأذنه في عكس اتجاهها حتى يصبح بارز الأذنين مثل «ميكي».
لكنه تعرض بسبب أذنيه الكبيرتين للسخرية، واكتشف أن ثقافته من القراءة لا تساوي شيئًا، فلا أحد يهتم بـ«ميكي» و«بطوط» و«زيزي» وكل أبطال المجلة المحببة له، وظل على حاله حتى قابل الممثل الراحل نور الشريف حين تقدم للمشاركة فيلم «أولى ثانوي».
لم ينجح عاشق ميكي ماوس في الحصول على الدور، لكن نور الشريف أقنعه أن يقرأ لنجيب محفوظ إذا كان يحب التمثيل فعلاً، لبراعة أديب نوبل في وصف الشخصيات، وهذا ما حدث إلا أن «حلمي» ظل ممتنًا لمجلة الطفولة التي عملته الحب، لأن «ميكي» كان يحب صديقه الغبي «بندق».
1000 مبروك.. دور واحد فقط
في ذكرياته مع الأفلام، يحكي أحمد حلمي عن الممثل الذي جسّد دور والده في فيلم 1000 مبروك، وكيف حصل على الدور بعد 40 عامًا من انتظار فرصة للتمثيل، كان اسم هذا الممثل الراحل هو محمود الفيشاوي.
حلم «الفيشاوي» بالعمل في السينما من صغره، لكن والده منعه من ذلك، ليعمل في المصالح الحكومية ويتدرج إلى منصب وكيل أول وزارة الكهرباء، حتى جاءت له فرصة التمثيل في فيلم «1000 مبروك» بحُكم صداقة ابنه للسيناريست مؤلف الفيلم.
يحكي «حلمي» عن طريقة محمود الفيشاوي في التحضير للدور، فهو لم يكن يمثل من الأساس، بل يتعامل مع أحمد حلمي في موقع التصوير مثل ابنه لدرجة الشتيمة والمناداة بالاسم المجرد دون ألقاب.
وينجح الممثل المسن في الدور ويستعد لتقديم أدوار أخرى، لكن الوفاة سبقته بذبحة صدرية في عمر 60 عامًا، فلم يقدم إلا هذا الدور اليتيم مع أحمد حلمي.