أصل اللغة العربية.. تكلم بها آدم أم انتقلت عبر نوح لابنه سام؟
احتار المؤرخون العرب والأجانب في معرفة أصل اللغة العربية، وأول من تكلم بها، إلا أن الجميع يكاد يكون اتفقوا على أنها من أول اللغات السامية التي استخدمها الإنسان على الأرض، والاختلاف يدور حول إن كان أول من تكلم بها هو أبو البشر أدم عليه السلام، أو نوح عليه السلام الذي علمها لابنه سام، لذا سميت لغة سامية، وآخرين يرجعونها للرحل الملقب بأبو العرب يعرب بن قحطان.
أقدم اللغات
في مقال نشره بكتابه «عالم الأسرار» نقل الدكتور مصطفى محمود، عن أستاذة علم اللغويات الدكتورة تحية عبد العزيز، والتي تقول في كتابها «اللغة العربية أصل اللغات» إن اللغة العربية هي أصل اللغات وهي منبع كل اللغات في العالم.
يوم ما كنا نتحدث اللغة العربية الفصحى
وتستند الباحثة في قولها إلى أن السبب الأول هو سعة اللغة العربية وغناها وضيق اللغات الأخرى وفقرها النسبي؛ فاللغة اللاتينية بها سبعمائة جذر لغوي فقط، والساكسونية بها ألفا جذر! بينما العربية بها ستة عشر ألف جذر لغوي، يضاف إلى هذه السعة سعة أخرى في التفعيل والاشتقاق والتركيب.
ويتفق معها أستاذ اللغة العربية في الجامعة الأردنية، الدكتور جاسر أبو صفية، وفق ما نشرته صحيفة الغد المحلية، في أن اللغة العربية سابقة جميع لغات العالم مبينا أنها تعني كلام العرب على اختلاف شعوبهم وقبائلهم التي خرجت من جزيرة العرب قبل كتابة التاريخ بقرون طويلة.
شعوب العرب
ويشير الباحث الأردني إلى أن هذه الشعوب هي «الأنباط والحبشيون والقبطيون والسريانيون والعبرانيون بالإضافة إلى الأكديين والبابليين والأشوريين والعمونيين، والأرميين، والعيلاميين، والسومريين» وكلهم بحسبه تحدثوا العربية بفارق اللهجات.
إسماعيل الأصل
لكن تحيلنا بعض المصادر الإسلامية إلى أن أول من تحدث اللغة العربية بشكلها الحالي هو نبي الله إسماعيل، اعتمادا على ما قاله النبي محمد صلى الله عليه وسلم «أولُ مَن فتقَ لسانه بالعربيّة المبينة إسماعيل وهو ابن عشر سنين».
لكن يرد بعض المؤرخين بأن المقصود بأن إسماعيل أول من تحدث العربية، أنه أو من تكلم اللغة العربية الفصيحة التي كانت تتكلم بها قريش من بعده، ونزل بها القرآن الكريم، وأن الحديث لا يعني أنه او من نطق باللغة العربية بالمعني العام.
نوح أول من تكلم
لكن مصادر أخرى تشير إلى أن أول من تحدث العربية هو نبي الله نوح، علمها له جبريل عليه السلام، ثم علمها نوح لابنه سام، الذي أخذت منه اللغات السامية، حيث يقول القرطبي في تفسيره «ج 1 ص 283»: «اختُلف في أوّل من تكلَّم باللسان العربي، فرُوِيَ عن كعب الأحبار أن أولَ من وضع الكتاب العربي والسرياني والكتب كلها وتكلّم بالألسنة كلها آدم عليه السلام، وتشير روايات أخرى إلى أن كعب قال: أولُ من تكلَّم بالعربيّة جبريل عليه السلام، وهو الذي ألقاها على لسان نوح ـ عليه السلام ـ وألقاها نوح على لسان ابنه سام.
يعرب بن قحطان
لكن القرطبي يزيد الأمر تعقيدا عندما ينقل رواية عن ثور بن زيد عن خالد بن معدان عن كعب، أنه قال «أول من تكلَّم بالعربية يَعْرُب بن قحطان».
وبن قحطان هو أول ملك يستوطن اليمن، واسمه يعرب بن قحطان بن عابر بن شالخ بن قينان بن أرفخشذ بن سام بن نوح أبو العرب، ومنه أخذوا اسمهم، وتقول المراجع التاريخية أن يعرب نزل مع أخيه يقطان بن قحطان أرض اليمن وكان قحطان أول من ملك اليمن، ويعتمد هؤلاء الرواة على ما ذكره بعض الشعراء العرب في أشعارهم كما في قول البحتري: «نحن أبناء يعربٍ أعربُ الناس لساناً وأنضرُ الناس عوداً».
لكن بعض المصادر الإسلامية ترد على هذا القول بأن يعرب بن قحطان هو سلالة النبي إسماعيل بن إبراهيم كما نقل عن ابن حزم الأندلس، اعتماد ما قاله النبي محمد «ارموا يا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا».
مخطوطات في سيناء
وتشير بعض المخطوطات التاريخية إلى أن أقدمُ الكتابات العَربية، وجدت مكتوبة بالخط المسندي، في الجنوب الشرقي لشبه الجزيرة العربية، وهي تعود للقرن الثامن قبل الميلاد، كما توجد مخطوطات أخرى تعود للقرون لاحقة، وتمتد للقرن الأول قبل الميلاد، ووجدت في شمال الجزيرة وجنوب العراق وسيناء، وكتبت بالصفائية وهي لهجة عربية قديمة، يقال إنها كانت لغة ثمود.
الكاتب اللبناني المتخصص في شؤون اللغة العربية محمد رشيد ناصر يقول إنه رغم الاختلاف حول أصل اللغة العربية وما إذا كانت منسوبة لأدم أو نوح او غيره من القدماء إلا أن الحقائق التاريخية تؤكد الشعوب الثلاثة «العرب والعبرييين والاراميين» هم في الأصل شعبا واحدا تاريخا ولغة، فالتاريخ يقول إن إبراهيم عليه السلام كان اراميا جنسا ولغة ووطنا، وأن العبرانيين كانوا أحفاده، أما العرب العدنانيين، فهم من ذرية إسماعيل بن إبراهيم «أي أنهم أيضا أحفاده».