الملكة فريدة.. بنت الإسكندرية التي رفضت فساد قصر فاروق
من بين زوجات ملوك مصر في عهد الأسرة العلوية حظيت الملكة فريدة، زوجة الملك فاروق آخر ملوك مصر بشعبية واسعة بين المصريين، حيث كانت تلقب بمعشوقة المصريين، والملكة الثائرة، نظرا لمكافحتها للفساد الذي كان مستشريا في القصر.
فريدة أو صفيناز ذو الفقار، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتحديدا 5 سبتمبر من عام 1921، وتلقت تعليمها بمدرسة «نوتردام دى سيون» الفرنسية في منطقة الرمل.
كان للملكة فريدة هوايات متنوعة حيث أنها كانت بارعة في العزف على البيانو والرسم والصيد، ولم تكن من عائلات شركسية، أو تركية بل تمتد أصولها إلى عائلة ذو الفقار المصرية.
حكاية زواج الملك فاروق من فريدة حيث شاهدها لمرة الأولى في رحلة ملكية شاركت فيها مع والدته الملكة نازلي، عام 1937، وبعد التعارف طلب فاروق الزواج منها.
وفي يناير عام 1938 أقام فاروق حفل زواج أسطوري للملكة فريدة بقصر القبة، وأنجبت منه 3 فتيات هن الأميرة فريال والأميرة فوزية والأميرة فادية، وطلقها بالرغم من عدم رضائه على طلب الطلاق، لأنه كان يحبها كثيراً بل وبكى عندما وقع وثيقة الطلاق.
لطلاق الملكة فريدة قصة فريدة حيث أنها كانت رافضة لمظاهر الفساد التي انتشرت في أواخر عهد فاروق خصوصا في القصر لذا طلبت منه الطلاق وأصرت عليه، لذا حظيت بتقدير كبير بين المصريين حتى أن بعض المظاهرات التي خرجت ضد سياسات فاروق هتفت باسمها.
كان لرؤساء مصر اللاحقين مواقف إيجابية مع الملكة حيث أظهر الرئيس جمال عبد الناصر احتراما بالغا لها، ووافق على رغبتها في السفر خارج البلاد بعدما علم بمنعها من السفر، واستنكر ذلك، وعندما علم برغبتها في العودة بجثمان زوجها السابق ليدفن في مصر أرسل طائرة خاصة لنقل الجثمان من إيطاليا.
أما الرئيس السادات فقابلها في السفارة المصرية بباريس ورحب بها ودعاها للعودة إلى مصر والإقامة بها وأشاد بدورها الوطني في مواجهة الفساد.
الملكة تحكي عن اللقاء الأول
في كتابه فريدة ملكة مصر، الصادر في العام 2010، يكشف الكاتب فاروق هاشم، عن أسرار اختصته بها الملكة فريدة قبل موتها، ويسرد قصة حبها لفاروق والتي يصفها بأنها كانت اسطورية، وخالدة.
هاشم يقول إن قصة حب فريدة لفاروق خالدة خلود الزمان ولا يعكر صفوها إصرار الملكة على الطلاق، حتى أن فاروق ظل يذكرها ويتحدث عن صفاتها، وأنها كانت فريدة حيث تعرفا على بعضها في جبال الألب، حتى أن الصحافة العالمية كانت تصفهما بأنهما أجمل ملك وملكة.
ويدحض كتاب هاشم الروايات التي حاول البعض بها الوقيعة بين الملكة وزوجها فاروق، حيث أنه لم يصدق خيانتها له وأنه على علاقة بالأمير وحيد يسري، أو حتى ما تردد عن علاقاتها بأحد الرسامين الإنجليز، لذا طلب منها السفر إليه والزواج مرة أخرى في إيطاليا بعد عزله من الحكم.
هاشم يؤكد أن فريدة هي الأخرى ظلت تحب فاروق حتى آخر يوم لها في الحياة حتى أنه ينقل عنها كلماته بأن فاروق «اختارني من بين أجمل الفتيات».
ذكريات الطلاق والمهر
ويقول الكاتب: «اعترفت الملكة لي بأنها طلبت الطلاق من زوجها لأنها أرادت أن تحتفظ بذكريات طيبة في قلبها لزوجها الملك، وأنه لم تكره يوما إلا أنها كرهت تصرفاته وخصوصا علاقته بخدمه الإيطاليين، والفساد الذي استشرى في القصر.
ويقول الكاتب الذي تعرف على الملكة فريدة أثناء عمله بالسفارة المصرية في باريس إن فريدة كانت ملكة تعيسة لاقت كثير من العذاب أثناء وجودها في قصر الحكم بالقاهرة، حتى أنها كانت تقول كنت أفضل أن أعيش في كوخ بدلا من العيش وراء أسواء هذه القصور.
وتحكي فريدة عن ليلة زفافها وأنها غادرة منزلها في مصر الجديدة للانتقال للقصر في سيارة ملكية، بعدما ارتدت فستانا صنع خصيصا في أوروبا وكان مكون من خيوط من فضة، بينما ارتدى فاروق بذلته السوداء المرصعة بالذهب والتي كانت مخصصة للقائد الأعلى للجيش المصري.
بعد اتما الزواج أعطى فاروق شيكا قيمته 10 ملايين قرش صاغ لوالد الملكة فريدة مهر لها، وهي ما قدر قيمته وقتها بـ257 ألف دولار، وتم عقد القرآن في ثلاث نسخ الأول ي للملك والثانية لفريدة، والثالثة احتفظ بها شيخ الأزهر الشيخ مصطفى المراغي، وأعلنت الاحتفالات الشعبية لمدة 3 أيام في البلاد واعتبرا اليوم عيدا وطنيا في البلاد شارك فيه 16 مليون مصري جاءوا من خارج القاهرة.