هل يشعر الإنسان بالموت؟.. نقاش علمي حول اللحظات الأخيرة
هل فكرت مرة فيما هي أعرض اقتراب الموت، وهل للموت أعرض، هل يشعر به أصحابه، أم أنهم يتنبؤون باقترابه منهم، ويخبرون من حولهم أنه ينظرونه بكل سرور، لا أحد يكاد يجزم بإيجابيات هذه التساؤلات سواء سلبا أم إيجابا، لكن توجد محاولات غير قليلة للوصول لحقيقة التنبؤ بالموت أو الشعور به، تظهر أحيانا على صفحات التواصل الاجتماعي، أو حتى في أحاديث رثاء الأحبة.
«كان حاسس بقرب أجله» هذه الجملة تردد كثيرا في اجتماعات الموت، يطلقها أصدقاء المتوفى نعيا له أو حتى ضمن سرد موضوعي لمحاسن الميت أو صفاته.
انتظر ملك الموت
في السادس من يناير 2018، كتب إيهاب جعفر، صاحب أحد الحسابات النشطة على فيس بوك، «حينما يأتي ملك الموت سأنظر فيه مبتسماً واسأله أين هي الحياة التي تريد أن تسلبها مني أصلا» ليفاجئ أصدقائه بموته بعد يومين من كتابته هذه الكلمات، مفسرين ذلك بأن الرجل الأربعيني كان يشعر باقتراب الرحيل.
في الثامن والعشرين من ديسمبر 2018 كتبت فتاة تدعى «دينا خالد» على صفحتها بطريقة ساخرة «سانتا ده بتاع العيال التوتو.. انما انا مستنية ملك الموت» لينعيها أيضا أصدقائها بعد أسبوع فهل يشعر الموتى باقتراب آجلاهم؟
ليس له تفسير علمي
استشاري الطب النفسي في جامعة القاهرة الدكتور جمال فرويز، يقول إنه يمكن أن يشعر الميت باقتراب أجله، فيعتريه شعور داخلي يمكن أن يكون اكتئاب، أو فرحة زائدة أو أي شعور مفاجئ لا يعرف مصدره.
في تصريحاته لـ«شبابيك» يؤكد الطبيب أن العلم لا يجزم بأن من يذكر الموت في أحاديثه أو يكتبه في منشوراته على فيس بوك أو غيره يشعر بأنه سيموت قريبا، مؤكدا أنه لو حدثت حالة مشابهة لذلك فإنها تكون محض صدفة.
بعض الناس ينتابهم إحساس لا شعوري بأنهم سيموتون قريبا، بينما آخرون يموتون وهو في أعز انتصاراتهم، لذا لا يمكن الجزم بأن للموت مشاعر تسبقه، أو إحساس معين يمكن رصده أو حتى نفيه.
غامض
«إن البشر مفتونون بالموت، وأظن أن الكثير من هذا السحر ينبع من حقيقة أن معظمنا لا يستطيع فهم الموت بكامله» تبرهن شبكة «بوستل ديجيتال» الأمريكية في تقرير لها، على غموض وعظمة الموت، فلا يمكن القطع بشكل جازم ما يحدث للأشخاص قبل موتهم، أو كيف يشعرون بقدوم الموت نحوهم.
ووتقول الشبكة في تقريرها نحن نعرف ما يحدث للجسم عندما يموت «ينفد الأكسجين الخاص بك، مما يؤدي إلى إبطاء الدورة الدموية، مما يجعل بشرتك متوترة وتبدو أطرافك باردة، يصبح التنفس أصعب، ويصبح التنفس الذي يمكنك القيام به صاخبًا.
الأشخاص الذين يموتون بسبب المرض، على سبيل المثال، لا يستطيعون عادةً وصف ما يشعرون به؛ كما قالت مارغريت كامبل، وهي ممرضة منذ عقود في جامعة واين ستيت.
شعور محتمل
في العام 2016، ذكرت مجلة «ذا أتلانتيك» أن هناك بعض الأحاسيس قد تنذر الناس بقرب أجلهم، لا سيما إن كانوا مرضى، فعندما يتقرب الشخص من أجله يبدأ في الشعور بالمرض أو النعاس الدائم، ونتيجة لذلك فإن الكثير من الحديث حول الموت في هذه المواقف يتركز حول ما يراه أولئك الذين يراقبونه، وليس ما يشعر به الشخص نفسه.
«صحوة الموت أو الموت النشط»
في التقرير تقر المجلة الأمريكية إلى ما يسميه العرف المصري «صحوة الموت» وهي حالة تعتري الشخص قبل موته بأيام حيث يشعر بأنه يتمتع بنشاط غير مسبوق، حيث تقول أخصائية الرعاية التلطيفية جيمس هالينبيك، التي تحدث مع The Atlantic بأن شيء يسمى «الموت النشط» يحدث خلال الأيام القليلة الأخيرة من شخص يموت بشكل تدريجي.
بعد هذه الفترة وفق ما تقوله الأخصائية يميل الشخص إلى فقدان حواسه في ترتيب معين: الجوع والعطش هم أول من يذهبون؛ ثم يفقد القدرة على الكلام، تليها القدرة على الرؤية، عادةً ما تستمر السمع واللمس لفترة أطول قليلاً، لكنهما في نهاية المطاف يذهبان أيضًا.
إيجابية ما قبل الموت
الباحثة في جامعة نورث كارولينا، تشابل هيل، أجرت دراسة قارنت فيها بين مرضى مصابين بأمراض قاسية، ونزلاء محكوم عليهم بالإعدام، وأشخاص آخرين قيل لهم أن يتصوروا أنهم يموتون.
17 شابا يتمنون الموت في 2019
وأظهرت النتائج التي توصلت إليها الباحثة أنه كلما اقتربت من الموت، كلما كانت النظرة المستقبلية أكثر إيجابية، وربما يكون ذلك لأنك أصبحت أكثر قبولًا للموت عندما تكون أقل تجريدًا ويجب أن تواجه حقيقة ذلك، أو ربما لأنك تمتلك أحلامًا ورؤى سلمية.
ستيف تايلور وهو محاضر كبير في علم النفس بجامعة ليدز بيكيت في المملكة المتحدة، يقول في مقال له إن عدد كبير من الدراسات، أظهرت أنه عندما يصبح الناس أكثر وعيا بموتهم، فإنهم يميلون إلى أن يصبحوا أكثر قومية، وقبلية وأكثر ماديًا، مشيرا إلى أن هناك قدر كبير من الأدلة تؤكد أن الوعي بالموت يمكن أن يكون له تأثير إيجابي قوي، ويحدث تحولًا جذريًا في الموقف والمنظور، ويظهر ذلك في تعاملات الشخص، حتى أن بعض التفاسير الشعبية لأفعال بعض الناس غير المتوقعة منهم تكون بأنه ربما سيموت.