رئيس التحرير أحمد متولي
 القاهرة الخامسة عالميا في تعاطي الحشيش.. فلماذا يهرب المصريون للمخدرات؟

القاهرة الخامسة عالميا في تعاطي الحشيش.. فلماذا يهرب المصريون للمخدرات؟

في القرن السابع الهجري أبدى بعض المتصوفة المصريين تذمرهم من محاربة السلطات للحشيش، وكانت مصر تحت الحكم المملوكي وقتها، ليسجل ذلك التاريخ أول تداول علني للحشيش كمخدر في مصر، ليتحول الأمر بعد قرابة 8 قرون وتكون القاهرة في المركز الخامس لاستخدام الحشيش بين عواصم العالم.

في آخر إحصاء رصدي لها ذكرت وكالة «إيه بي سي دي» الألمانية للخدمات الإعلامية أن مدينة القاهرة تحتل المركز الخامس في قائمة المدن الأكثر استخداما للحشيش، بمعدل استهلاك وصل 32.59 طن حشيش في عام 2018 تقريبا.

وذكر المؤشر «Weed Index 2018» أن أكثر المدن المستهلكة للحشيش أو القن هي مدينة نيويورك الأمريكية، حيث تحتل المركز الأول باستهلاك الحشيش بلغ 77.44 طن، تليها كراتشي الباكستانية بـ41.95 طن، ودلهي الهندية بـ38.26 طن، ولوس أنجلوس الأمريكية 36.06 طن.

استشاري الطب النفسي، الدكتور جمال فرويز يقول إن الإحصائية تكاد تكون واقعية، لأن مصر من الدول الأعلى في استهلاك المخدرات عموما، خصوصا الحشيش، مؤكدا أن هذا الانتشار يرجع لعدة أسباب، أولها غياب الوازع الأخلاقي والديني لدي قطاعات كبيرة من المصريين.

مبررات التعاطي

ويقول الطبيب في تصريحات لـ«شبابيك» إن هناك مبررات كثيرة يسوقها مدمني المخدرات كمبرر للتعاطي، منها اعتقاد البعض أنه يساهم في القدرة الجنسية، كما آخرين يرونه هروبا من واقعهم، وأنه يخلصهم من ضغوط الحياة.

كما أن المتعاطي يعتقد أن الحشيش تحديدا ليس إدمان، وأنه يمكنه التوقف عن التعاطي في الوقت الذي يريده، وللأسف هذه الرؤية غير صحيحة، وفقا لجمال فرويز.

أمراض عقلية

ويشير الطبيب إلى 8% من متعاطي الحشيش يصابون بأمراض عقلية، أي أنه من بين كل 100 متعاطي يصاب ثمانية بأمراض عقلية، كما أن حوالي 80% من حوادث السيارات تكون ناتجة عن خضوع السائق لمخدر الحشيش، والذي يؤخر عملية الإدراك عند المتعاطي ويجعله يتخذ قرارات متأخرة قد تتسبب في كوارث.

وبخصوص القدرة الجنسية يؤكد فرويز أن متعاطي المخدرات عموما يشعر في بداية الأمر بتحسن أدائه جنسيا، لكنه بعد فترة يتحول لمريض لأن المخدرات في الأصل تضعف القدرة الجنسية، وأن ما يشاع عنها مجرد أوهام لا علاقة لها بالطب.

طلاب الجامعات

الإحصاءات التي تشير لزيادة معدلات لا تتوقف ما تنتجه المنظمات غير الحكومية فبحسب دراسة لصندوق مكافحه وعلاج الإدمان، صادرة عام 2015، تخطت مصر المعدلات العالمية المتعارف عليها والتي تبلغ نسبتها 5%، ووصلت الآن إلى 7%.

 ويؤكد التقرير أن النسبة الأكبر من مدمني المخدرات من طلاب الجامعات، كما أن مخدر الحشيش يحتل المرتبة الأولى في مصر.

أسباب الإدمان

 وأكدت الدراسة أن الأسباب الرئيسية للإدمان هي «ضعف الشخصية، غياب الوازع الديني، والرغبة في خوض التجربة وحب الاستطلاع، غياب القدوة، الفقر والقهر، وضعف دور الأسرة، وفشل التجارب العاطفية».

سبب سياسي

وعطفا على ما سبق يقول أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، الدكتور سعيد صادق، إن هناك عدة أسباب لانتشار المخدرات في مصر، الأول سياسي، حيث أنه بعد قيام ثورة يناير 2011، خرجت ترجيحات تقول إن سبب الغضب الشعبي عموما هو إحكام القبضة الأمنية، وعدم السماح بتداول المخدرات، وهو ما أسفر عن تفاعل الناس مع دعوات الغضب.

ويضيف في تصريحات لـ«شبابيك» ربما تكون نسب التعاطي المرتفعة وزيادة معدلات اللجوء للمخدرات سياسة أمنية، تجنبا للصدام أو لإلهاء الناس بشكل عام.

ثقافة سائدة

السبب الثاني من وجهة نظر صادق هو الثقافة المصرية السادة التي تنظر للأمر على أنه مجرد دخان قريب من السجائر، ولا يختلف كثيرا عنها، ومن يشرب ذلك فلا مانع من تجربة الآخر، إضافة لنظر البعض على أن تناول مثل هذه المشروبات نوع من النضج سواء على المستوى الفكري أو حتى الأبوي.

ويلفت صادق إلى وجود ثقافة شعبية أخرى تنتشر بين الحرفين بخصوص الحشيش وهي أنه يزيد من قدرتهم الجنسية، خصوصا وأن المصريين مهوسون جنسيا، ويعمل على زيادة الطاقة وقوة التحمل، لذا يلجأ إليه من يعملون في أعمال شاقة لفترات طويلة.

تقليد الشلة

ويشير أستاذ علم الاجتماع أن هناك سبب رابع لانتشار المخدرات عموما، وهو التقليد فعادة لو أحد أفراد الشلة يتناول مثل هذه المشروبات يقدمها لأصدقائها وكأنها من واجب الضيافة، والكرم، وبالتالي يدخل أشخاص جدد في طريق الإدمان من هذه الزاوية.

حجم الإنفاق 

ومن ناحية أخرى يكشف رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية، الدكتور عادل عامر، حجم إنفاق المصريين على المخدرات والدخان سنويا حيث يصل لنحو 140 مليار جنيه سنويًا، على الرغم أن الضرائب المفروضة على هذه المنتجات تصل إلى 200%.

عامر قال في تصريحات لجريدة عالم المال إن حجم الإنفاق على المخدرات في مصر تجاوز الدخل الشهري لقناة السويس، مشيرًا إلى أن نحو 20 مليون شخص يتعاطون مادة الحشيش بينما العدد الضخم الذي يقرب من أكثر من 40 مليون يتعاطون نبات البانجو، منوهًا بأن كمية الإنفاق اليومي على المخدرات بأنواعها في مصر تجاوز رقما ضخما يقدر بـ 60 مليون جنيه أي أن الانفاق على المخدرات تجاوز الـ 800’70 مليون جنيهًا شهريًا.

عبدالغني دياب

عبدالغني دياب

صحفي مصري متخصص في الشؤون السياسية والاجتماعية