حين أعادت جمعة الغضب روح النضال لطلاب الجامعات.. حكايات من قلب الثورة
تعتبر انتفاضة الطلاب عام 1972 في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، هي آخر الانتفاضات الطلابية الحقيقية، تلتها مشاركات للطلاب في أحداث تضامنية مع القضية الفلسطينية ورفض غزو العراق والتضامن مع مظاهرات عمال المحلة عام 2008.
اندلعت أحداث ثورة 25 يناير في ظل انشغال طلاب الجامعات بامتحانات الفصل الدراسي الأول التي انتهت في معظم الجامعات يوم الخميس 27 يناير 2011، ليكون الطلاب أمام فرصة جديدة لاستعادة روح النضال الطلابي والمشاركة في جمعة الغضب.
جمعة الغضب.. نقطة التحول
سيد المصري أحد طلاب كلية إعلام جامعة القاهرة وقت الثورة، يرى أن 28 يناير كانت نقطة تحول في زيادة الوعي والثقافة الثورية عند الطلاب في الجامعات.
عرف «المصري» أن له حقوق كطالب ومواطن يجب المطالبة بها بعد مشاركته في جمعة الغضب، شعر أنه صوته يصل للعالم كله الذي ينتظر من الشباب المصري التغيير.
رافق طالب كلية الإعلام أحد أصدقاءه ووقعت اشتباكات مع الداخلية بمنطقة دوران شبرا، راح ضحيتها صديقه ما دفعه لاستكمال طريق الثورة بحماس وإصرار.
يقول: «الطالب بعد المرحلة دي بقى صوته مسموع وده انعكس على الجامعات والتغيير اللي حصل فيها بعد ما الطالب دافع عن حقه وطالب بيه».
الدراسة بطعم مختلف
كان يعتقد مصطفى فارس الذي كان يدرس في أحد المعاهد الخاصة عام 2011 أن دعوات التظاهر في 25 يناير وما يليها ستكون مظاهرات عابرة كالتي سبقتها، لكنه تفاجأ بحجم الحشود المشاركة والحماس الذي دب في روح الشباب في هذا الوقت.
تواصل مصطفى مع أصدقائه وقرروا المشاركة في جمعة الغضب، أقنع عائلته أنه سيصلي الجمعة ويعود لكنه نوى التظاهر، وتفاجأ بوجود أشقائه في نفس المظاهرة التي خرج فيها.
خرجت المظاهرة من الهرم وحتى الجيزة وبدأت الاشتباكات، وتعرض «فارس» للضرب، لكنه يؤكد «أجواء تونس قبلنا كانت مديانا أمل غير منطقي واحنا واقفين وسط الغاز والرصاص المطاطي والداخلية عمالة ترجع مع كل طوبة بنحدفها».
على الرغم من سقوط ضحايا ومصابين إلا أن مصطفى شعر بالأمان في هذا اليوم وتسلل إليه إحساس أنهم قادرين على التغيير دون الرجوع خطوة للخلف.
انتهت الثورة وتنحى مبارك، وهكذا وصف مصطفى حاله بعد عودة الدراسة في الفصل الدراسي الثاني «كنت نازل أول يوم في الدراسة وكأني شايل وسام على صدري إني كنت من اللي نزلوا يوم 28 وقعدوا في الميدان وبتعامل كأن الجامعة والبلد كلها بتاعتي، كل ما أشوف حد بيرمي سيجارة أروح أتخانق معاه وأخليه يشيلها ويرميها في الزبالة، أي حد بيكتب علي الحيطة أروح أزعقله وأقوله عيب».
اختتم مصطفى حديثه: «ثورة يناير رجعت الحياة الطلابية من جديد وصنعت معنى جديد لجيل كامل من الطلاب».
بداية الأمل
تذكر محمد حسنين مشاركته في المرحلة الابتدائية في مظاهرات المدارس تضامنا مع الطفل الفلسطيني محمد الدرة، وقرر المشاركة في أحداث ثورة يناير ليستعيد هذه الذكريات.
«حسنين» الذي كان يدرس في الجامعة العمالية وقتها، اتفق مع أصدقائه على التظاهر والانضمام إلى دعوات جمعة الغضب دون علم عائلاتهم، أراد أن يشارك في أهم حدث في تاريخ مصر- حسب وصفه.
لا ينسى «حسنين» هذا اليوم بتفاصيله، رائحة الغاز المسيل للدموع ودم المصابين والضحايا التفاف عدد من العساكر حوله وضربه، يقول «مش هقدر أنسى كل المشاهد دي والضرب رغم إني كنت قبلها دافعت عن عسكري الناس كانت بتضربه».
اشتدت وتيرة الأحداث والاشتباكات بين المتظاهرين والأمن، وانتشر الدخان وقنابل المسيلة للدموع في وسط تجمعات المتظاهرين، ولأول مرة يتعرض محمد حسنين للاختناق ودخوله في حالة إغماء.
لم تفارق «حسنين» روح الفكاهة حتى في هذا اليوم الملتهب، عقب تعرضه للإغماء التف حوله عدد من المتظاهرين يحاولون إفاقته مستخدمين الخل والمياه الغازية، ففاجأهم طالب الجامعة العمالية بقوله «أنا جدي شارك في ثورة 19 وقالى حط بيبسي» فانفض الناس من حوله.
تملّك محمد حسنين شعور الفخر والإحساس بالأمل بعد نظرات المجتمع لهذا الجيل الصغير على أنه جيل المستقبل الذي استطاع أن يغير النظام في مصر، هكذا يقول.