ذكريات الخريجين مع اليوم الأول بالجامعة.. السنة الأولى VS السنة الأخيرة
كتب- أميرة موسى:
اللحظات الأولى دائمًا لها طابعها الخاص، ربما الأجمل، الأصعب، الأغرب، أو حتى عكس كل ما سبق، هي دائمًا مميزة، نذهب إليها مدفوعين بالتوقعات. محملين بتصوراتنا الخاصة عن المكان الذي نحن في الطريق إليه، على مشارف خطوة جديدة.
أحمد علي.. معارف سطحية لقليل من الزملاء
ربما يكون هذا الوصف أقرب لطالب يذهب إلى ذاك المبنى الفسيح، المسمى بالجامعة. بعيد بعض الشيء عن مثيله في الفرقة الرابعة، رغم أن اليوم الأول يجمع كلًا منهما. لكن ماذا عن شباب الخريجين الذين يسترجعون الفروق بين أنفسهم باليوم الدراسي الأول، في السنة الأولى مقارنة بالأخيرة.
بين طالب يضبط منبهه في تمام السابعة صباحًا، وطالب «رايح وخلاص» يكمن التغيير الذي أحدثته السنوات لدى أحمد على (28 عامًا) خريج هندسة. اليوم الأول بالجامعة انقضى على نحو لطيف، محاضرات، حفل استقبال لأكبر أسرة طلابية. تبعد عن منزل أحمد مدة يُقدرها بنحو ساعة ونصف، يستقل المترو خلالها.
لطلاب الجامعة.. 5 أسباب تدفعك لحضور المحاضرات
على مدار خمس أعوام لم يكون أحمد صدقات قوية كما اعتقد في البداية. مرت السنوات وكما دخلها وقضى يومه الأول وحيدًا، كان يومه الأول بالسنة الأخيرة كذلك. لم يتخلل الوحدة سوى بعض المعارف السطحية لزملاء، يألف وجوههم، يلوح بيده لهم. ويذهب كلًا إلى واجهته.
العلاقة بين أحمد والأماكن داخل الحرم الجامعي حافظت على استقرارها. يذهب إلى المدرج أولًا ثم الكافيتريا لتناول الطعام، يعود للمحاضرات، وأخيرًا يودعها متجهًا إلى المنزل. لم يقطع هذه الرتابة شغف البدايات ولا المعرفة المُكتسبة بمرور الوقت. كان الوقت نفسه رتيبًا.
ياسمين.. خوف وصدمة من أول يوم جامعة
بعد ضحكة، قطعها جواب ياسمين محمد(24 عاما)، خريجة كلية التربية جامعة الزقازيق، تقول إن الخوف الممزوج بالصدمة كان بطل يومها الأول بالجامعة. لم تنم ليلتها استعدادا لليوم الموعود. تشعر بالقلق والرغبة. تلاشت الأخيرة بنهاية اليوم، وحلت الصدمة مكانها "لما وصلت، كنت عاوزه أمشي"بحسب ياسمين.
المفاجأة التي انتظرتها أن الجامعة التي توقعتها كانت أسوأ من مدرستها الثانوية. الفجوة بين تصورها وبين الواقع كانت كبيرة لدرجة أنها ابتلعت السلالم النظيفة. ابتسامات الطلاب والكافتيريات الجميلة. تشير ياسمين إلى أن اأعضاء هيئة التدريس أيضًا لم يهتموا بتقديم أي شرح لهم.
توزعت ساعات اليوم برفقة زميلاتها اللائي أتين معها من المرحلة الثانوية، بين مدرج الطابق الخامس، والذي تصفه بـ«زفت». اليوم الأول من سنتها الأخيرة بالجامعة كان مغاير تمامًا لكل ما سبق. لم تذهب إلا بعد مرور أسبوعين على بدء الدراسة. قضت يومها بالمنزل. لم تسهر كما حدث في المرة الأولى. نوم وجلسة منزلية عادية جدًا. تشاهد التلفزيون. تتصفح هاتفها. وانتهى اليوم.
في بداية السنة الرابعة شعرت ياسمين أنها ستودع الجامعة قريبًا، هذا ما جعلها تتمنى لو بقت لسنة آخرى. بالرغم من أنها كانت مرهقة دراسيًا، لكن أصدقاء الجامعة، الذين تعرفت عليهم لاحقًا، وذكريات السنين الماضية صنعوا فارقَا في إحساسها.
في حين ظل المدرج هو بطل اليوم الأول في السنة الأولى، كانت حديقة الكلية وشباك المدرج هو ملاذها، الذي قضت فيه معظم أيام السنة الرابعة وليس اليوم الأول منها فقط.
عبدالباسط.. زار الكلية 5 مرات في 5 سنوات
على مدار خمس سنوات في أكاديمية خاصة لدراسة المحاسبة، زار عبد الباسط أحمد (26 عاما) الكلية 5 مرات. استمع للمحاضرات في ثلاث منها. ونام في اثنين. كانت الكلية هي فرصته لترك المنيا والعيش بالقاهرة. لم يكن يحب الأكاديمية. جاء يومه الأول بها بعد شهرين من بدء الدراسة. جلس بين الطلاب في محاضرة اقتصاد، ومنها إلى الكافتيريا ورحل. حتى بدء الامتحانات.
لم يكن يشعر بفرق في المرة الأولى عن مثيلتها بالسنة الأخيرة. الشعور الوحيد الذي تملكه تجاه الكلية ومن فيها هو النفور. يقول «كنت حاسس كل حاجة أقل مني». مضت السنوات بأيامها جميعًا. الكافتيريا هي المكان الوحيد الذي وجد فيه عبد الباسط شيئًا منه بها. لأن «كانوا بيعملوا أكل حلو أوي».
شعوره بالاغتراب غلف علاقاته التي اتسمت هي الأخرى بالغياب. تعرف إلى زميل واحد عبر الإنترنت لأنهما من المحافظة نفسها. وزميل آخر خلال فترة الامتحانات. الوحيدة التي سعى قدر الممكن إلى الحضور بها. «لو كنت في جامعة عادية أو كلية مش أكاديمية كنت أكيد روحت».