شباب واجهوا العنف الأسري ونجحوا.. نماذج من السينما المصرية

شباب واجهوا العنف الأسري ونجحوا.. نماذج من السينما المصرية

تتكرر حوادث التنمر ضد المراهقين والأطفال، وأصبح شائعا أن يتنمر الطلاب على أصدقائهم أو الأستاذ في المدرسة بالتلاميذ أو بين المارة في الشوارع، لكن الأصعب هو أن يمارس الأب والأم هذا السلوك مع الأبناء، بما يصل للتقليل من شأنهم وتحقير ما يقومون به.

أساليب التربية متنوعة ومتعددة لكن الخاطئ منها يطغى بين الأسر المصرية، وفي محاكاة للواقع، تحدثت أفلام سينمائية عن إهانة الأبوين للأبناء، فكيف تعامل الشباب مع هذا الأسلوب من التربية، وما نتيجة تكرار الإهانات وممارسة أسلوب التقليل من شأن الابن باستمرار؟

فول الصين العظيم

يا جدعان أفهموني، قولت ليكم قبل كدا أنا منفعش أبقى مجرم

(يوجهون مسدساتهم إليه) إييييه؟!

هحاول هحاول

يا جدي أنا عايزكو تفهموني، أنا جايب مجموع محدش جابوا 51% يعني ممكن أدخل أي كلية

عايز تطلع دكتور وتفضحنا يا محي

في الغالب نتفاعل مع مشهد البطل محي الذي يجسده محمد هنيدي في فيلم «فول الصين العظيم» بكثير من الضحك، ولا شيء آخر. حياة الشاب الذي يعيش في أجواء إجرامية، لأنه ولد في عائلة من المجرمين، يفشل في التعايش مع أحلامهم له، ليكون خلفًا لأبيه وجده.

الناظر

جه الزمن اللي ابني الساقط يدافع عني، خلاص كل اللي بنيته ضاع

متخفش يا بابا، كل حاجة هتتصلح إن شاء الله

يعني هتعملي إيه يا ساقط ثانوية، يا عرة طلاب مدرسة عاشور

في فيلم «الناظر» يجسد علاء ولي الدين شخصية صلاح، الذي يتعرض لكافة أنواع التنمر من أسرته، تحديدًا من الأب الذي لا يظهر إلا عصبيا، عالي الصوت، منتقدًا، يسب أو يأمر بصوت منفر. بالرغم من أنه كان السبب في فشل الابن الدراسي، الذي أصبح سبب لوصم صلاح بالفشل من قبل المحيطين به.

زكي شان

تاني يا هايف يا تافه تاني

لا يا بابا ما هو أنا هفهمك

تفهمني إيه، روحت لهم تاني، عشان يأخدوا هدومك ويضربوك، أنت مبتحسش

يلعب أحمد حلمي في فيلم «زكي شان» دور الشاب، خفيف الظل، المشاكس لوالده، لا يثق به الأخير. يواصل توبيخه. يتوقع فشله بشكل دائم في أي عمل يقوم به، لا يتوقف عن إهانته، الخط الدرامي في البداية يميل بالمشاهدين إلى تقبل حالة الإهانة المتعمدة، لأن زكي متعثر في عمله، ضعيف البنية، لديه ردود جاهزة ومرحة في الوقت نفسه، لما يقوله الأب.

حينما يتحول الحب إلى عنف

ترى الناقدة الفنية حنان شومان أن السينما هي انعكاس لما يحدث في الواقع، مرآة للمجتمع. الهدف من الأعمال الفنية هو الإمتاع والتسلية. مشيرة إلى أن السينما معنية بتقديم حكايات الناس في أفلامها. فإذا الواقع عنيفًا، أو لطيفًا، ستكون الأفلام كذلك.

وفقًا لمنظمة اليونيسف 1.1 مليار من مقدمي الرعاية يعتقدون بأن العقوبة البدنية شكل عقابي ضروري للتأديب.

دائرة الحياة المثالية التي يجد الشخص نفسه مضطرًا للدخول إليها، رغبة في الحصول على القبول والرضا من الأسرة، تدفع المجتمع للتصالح مع الإساءة والعنف، طالما أن المصدر هو الأب أو الأم. تُشتهر جمل من نوعية «أبوها وبيربيها»، أو «دا ابني أعمل فيه اللي عاوزه»، أمرًا مكرر في حالات غضب الآباء على الأبناء. كذلك مع وقوع حوادث ضرب أو اعتداءات أسرية.

تنعكس هذه الفكرة من الواقع إلى شاشات السينما في الكثير من الأفلام، هذه النماذج الثلاثة بالأعلى، تبدو مسلية وكوميدية في أحداثها التي تنتهي في العادة بانتصار البطل بعد تحقيق ذاته، لأن الحب دائمًا ما يرتبط في وعينا بالصلاح.

يفقد الحب الأسري أهم سماته، في كونه غير مشروط. دائمًا هناك شروط لتحظى بالتقدير من الآخرين، يُفترض في حب الوالدين أن يخالف هذه القاعدة، لأنه وحده حب الأم والأب، حبًا غريزيًا.

السينما مرآة الواقع

لا تشبه حكايات الأبطال الثلاثة محي، صلاح، وزكي، إلا واقعها، حيث يقترن اعتراف الأم في بعضها أو الأب في بعضها الآخر، بالنجاح الذي يحققونه، في عكس اتجاه البداية، يسافر محي إلى الصين، يواجه صعوبات من نوع آخر، يحافظ على مبدأه ولا يتورط في الإجرام الذي كان سبب هروبه من مصر. بالرغم من صورة الشاب الجبان لكنه يستطيع التغلب على خوفه بمعاونه عائلة صينية، فعلت معه ما لم تفعله الأسرة.

وهكذا صلاح الذي ينجح في إعادة تشكيل المدرسة الذي فشل أبوه في قيادتها إلى ما ينبغي أن تكون عليه، يتزوج وينجب، وحتى زكي الذي يحوز ثقة صاحب الشركة التي يعمل بها والده، بعد نجاحه في القيام بدور حارس الأمن، الذي هو أبعد ما يكون عن شخصيته الأولى.

في كتاب «علم صغارك الاستقامة والجرأة دون إكراه» للكاتب آيان توفلر، يوضح كيف تتحول فكرة أن أولادنا امتداد لنا إلى مشكلة تصيب العلاقة معهم. «يصبح الإنجاز عن طريق التشويه بالوكالة شائعًا أكثر»، يشرح الكاتب التشوه الذي يصيب الأبناء نتيجة عدم قدرة الآباء على رؤية أبنائهم في صور أقل قيمة مما يرونه هم.

في الثلاثة أفلام تأخر رضا الأهل على الأبطال إلى أن تجاوزوا العقبات التي طرحها كل فيلم، المفارقة أن نجاح الأبطال لم يأتي نتيجة لدعم الأهل، لقد وجدوا الحب والحماية خارج إطار الأسرة، هذا ما ينصح توفلر بمعالجته في قوله «تصبح الحاجة إلى الفصل بين احتياجات الأهل، والطفل.. نتيجة الإدراك السلبي.. ربما يشعر الأبوان أن مهنة الطفل وشهرته، هما مثل قطار منطلق بسرعة هائلة».

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب الشباب المصري