كيف أصبحت الأنثى الطرف الأضعف في الحياة والجنس؟ (مقال)
النكاح، الجماع، التزاوج، الزنا، المفاخذة، ممارسة الجنس، ممارسة الحب، المعاشرة الزوجية، الواجب، الوطء، المجامعة والمضاجعة.. كلها أسماء أو إشارات لفعل واحد.
يختلف المسمى حسب ثقافة وحكم الشخص على الفعل، البعض يراه تعبيرا عن الحب - وهم قلة نادرة - والبعض يجده واجبا وحقا للزوج - طبعا طبعا - .. والبعض يراه زنا إذا تم في نطاق غير شرعي.
هناك العديد من المسميات التي أطلقها العرب على ممارسة الجنس وكذلك مسميات عدة للأعضاء الجنسية خاصة الأنثوية.. تفنن العرب قديما في الوصف حسب الحالة والشكل والدرجة والقوة.. وتحظى - بالطبع - الأنثى كذلك بمسميات كثيرة كطرف مهم وعظيم في هذه الممارسة.. هذه المسميات لا تعزز منها ولا حتى تساويها بشريكها في الفعل الحميم الإنساني، بل تصفها بأبشع الأسماء، كتابع، مفعول به بصفة مهينة، لا ترقى لشريكها الرجل/ المُسيطر، الفاعل.
(1)
فيه حاجة اسمها: النزعة الأبوية البطريركية ودي بتظهر كما يقول التيار النسوي في:
سيطرة الأب على العائلة، فالأب هو المحور الذي تنتظم حوله العائلة، وهو رب البيت وعموده، وسيطرة الأب هذه في العائلة، وكذلك في المجتمع كله، تجعل إرادته مطلقة، بحيث تقوم على التسلط من جهة (الذكور)، والخضوع والطاعة من جهة أخرى (الإناث).
وتظهر هذه الأبوية على مستوى العائلة، والمجتمع بأسره، في القيم والتقاليد، وفي وسائل التربية والتنشئة الاجتماعية التي تعمل على ترسيخ القيم والعلاقات الاجتماعية التي يحتاج إليها المجتمع الأبوي والشخصية البطريركية.
وهذا المجتمع الأبوي يتسم بأشكال نوعية من التخلف الاجتماعي والاقتصادي والثقافي تعيق تطوره وتقدمه، مثلما يتسم بالتحجر والجمود وهو ما يدفع إلى تقييم دوني للمرأة، وتقييم مبالغ فيه للذكر الأب.
والتيار النسوي يرى أن المجتمعات العربية التي يسودها هذا النمط الأبوي البطريركي تعد امتدادا للمجتمعات القبيلة القديمة، حيث أفرزت البيئة الصحراوية ونظامها القبلي العشائري نظاما أبويا بطريركيا سيطر على المنطقة العربية، ومازال.
في بداية استخدام المصطلح في الـقرن السابع عشر، كان له معنى إيجابي يتعلق بالخصال الحميدة لحامل اللقب، ثم تطور استخدامه بعد ذلك بشكل سلبي في إشارة إلى القمع الممارس من قبل بعض رجالات الدين المسيحي، حتى دخول الـقرن الـتاسع عشر، حينما استخدمته الحركة النسائية للإشارة إلى خضوع المرأة ورضوخها للذكر.
حتى لا تفهم الزوجة أنك تريدها للجنس فقط.. اعمل الصح
(2)
على المقاهي وفي الشوارع يتبادل الرجال الشتائم بالأم على سبيل الهزار والمداعبة والتندر أو حتى التشاجر أو الإذلال، يصف الرجل صديقه أو عدوه، مداعبا أو سابا بكلمة واحدة: يا بن كذا، وكذا تلك معناها: التي مارس احدهم معها الجنس، حسنا عزيزي الرجل، أليس كل الرجال بما فيهم أنت جئت عن طريق علاقة جنسية حدثت بين أمك وأبيك؟ بل كلنا على وجه الأرض جئنا نتيجة هذا الفعل الحميمي الجميل؟ لماذا تتناسى وأنت ترشق خصمك بهذة الصفة أنك أنت أيضا ابن كذا..
الحقيقة الجلية التي نتناساها أننا كلنا أولاد كذا، وهو شيء لا يُعيب الأم ولا الأب.. ثم لماذا تُلقي بالسبة على الأم ونحن شعب يُقدر دورها ويقدسها ويشتري لها الألاف من أطقم كوبايات في شهر مارس؟ ونبكي حينما نسمع أغنية الست دي أمي للفنان المتقوقع حالد عجاج؟
(3)
تتحول ممارسة الجنس في مصر والبلاد العربية لمفخرة للرجال، ووصمة عار للنساء حتى وإن كانت متزوجة.. فبعض العائلات تعتبر العوز الجنسي والمجاهرة به عند المرأة عيب وقلة أدب ولا يجب أن تطلبه الزوجة من الزوج حتى لا يقال إن وشها مكشوف أو لم تر تربية وحياء، بينما الرجل يتباهى بفتيات الليل اللاتي عرفهن.. وبعلاقات جنسية بالرغم من زواجه المستقر في العلن أمام المجتمع.
في قضية منى وشيماء وفيديوهاتهم الجنسية.. وبالرغم من أنهن ضحايا من طرف مريض قام بتصويرهن إلا أن المجتمع سارع بالحكم فورا واستنكار هذة العلاقة وفي نفس الوقت البحث عن الفيديو حتى يستمتع بهذا العار، بل أن أم منى عندما دعمت ابنتها في أثناء التحقيقات أنطلقت الشتائم والأحكام عليها كعاهرة وأم عاهرة.. بكل قسوة لا يغفرون بينما «الوارد» في صندوق رسائلهم يحمل رابط الفيديو يتداولونه بينهم كحق مكتسب لمتعتهم..
(4)
تُعرّف منظمة هيومن رايتس واتش «جرائم الشرف» على أنها:
أفعال بغرض الانتقام، غالبًا جريمة قتل، يرتكبها أحد أفراد الأسرة الذكور ضد إحدى أفراد الأسرة الإناث، بدعوى جلبها العار على أسرتها. يمكن للفتاة أو المرأة أن تصبح هدفًا للإنتقام من أحد أفراد أسرتها الذكور لعدة أسباب، من ضمنها: رفض زواج مدبر لها، أو أن تكون ضحية لإحدى الاعتداءات الجنسية – لو حد أغتصبها يقتلوها يعني-، أو محاولتها الطلاق من زوجها - حتى إذا كان زوج عنيف أو مرتكبًا للزنا، شك في سلوكها، رؤيتها مع صديق أو حبيب سواء في مكان عام أو علاق عاطفيه به، إقامة علاق جنسي خارج أطار الزواج، ترتدي ملابس تخالف الشكل المتعارف عليه في العائلة، وأخيرا المثلية الجنسية..
المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية في أخر دراسة له في عام 2016 يقول إن 92% من جرائم قتل السيدات التى وقعت في الفترة الأخيرة تندرج تحت ما يسمى بجرائم الشرف.
70% من هذه الجرائم ارتكبها الأزواج ضد زوجاتهم و20% ارتكبها الأشقاء ضد شقيقاتهم، بينما ارتكب الآباء 7% فقط من هذه الجرائم ضد بناتهم، أما نسبة الـ3% الباقية من جرائم الشرف فقد ارتكبها الأبناء ضد أمهاتهم.
70% من جرائم الشرف لم تقع في حالة تلبس واعتمد فيها الزوج أو الأب أو الأخ على الشائعات وسوء الظن، وهو ما أكدته تحريات المباحث في 60% من هذه الجرائم.
وارتكبت 52% من هذه الجرائم بواسطة السكين أو المطواة أو الساطور، وتمت 11% منها عن طريق الإلقاء من المرتفعات، وحوالى 9% بالخنق سواء باليد أو الحبال أو الإيشارب و8% بالسم و5% نتيجة إطلاق الرصاص و5% نتيجة التعذيب حتى الموت.
تساوت الحالة الاجتماعية للضحية العزباء والمتزوجة بنفس النسبة 42%، في حين كان 39% من الجناة متزوجين، كما كان ضحايا جرائم الشرف سنويا من 900 لـ 2000 جريمة.
(5)
على الرغم من أن نسبة التحرش مرتفعة جدا تتجاوز الـ 98% والتي يقوم بها الذكور تجاه الإناث إلا أن الفتيات والسيدات هن اللواتي يجلبن العار للأسرة، وعند مواجهة الفتاة بالمتحرش في مكان عام تواجه بالكثير من «معلش» أو «خلاص بقى.. هو مش قصده» أو «المسامح كريم».
منذ أسابيع تم التحرش بي في ميكروباص وكانت أبنتي بجواري تجلس وامتدت يد المتحرش من خلفي أسفل الكرسي.. وعندما علا صوتي وبدأت في سبه واجهني كل رجال الميكروباص بمعلش وخلاص بقى يا ست.. هو فيه إيه؟
نجا الفاعل مثل كل مرة، بينما إذا شك أحد رجال الميكروباص في سلوك ابنته لقام بقتلها عادي، وإذا اراد أن يداعب زميله سيذكر عضو أمه التناسلي ضاحكا.. لنتخيل مثلا أن احدهم قال للأخر: «أنف أمك هههه» فيجب على الأخر أن يتوقف ويسأله: «ماله؟» أليس هذا الرد المنطقي على «عضو أمك التناسلي»؟
منطقيا يجب أن يكون كذلك الحوار: - عضو أمك
- ماله؟
(6)
نحن دائما الفتيات والسيدات نأتي بالعار، نغوي، نخطف الأعين بملابسنا الملونة، بضحكاتنا علينا اللعنة، إذا مارسنا الجنس نُطارد بالعار، إذا أحبننا فنحن قللات الأدب.. بينما الذي يمد يده نحوي فهو رجل وغصب عنه..
لو تم تطبيق قانون المجتمع ومحاسبة الرجال الذين يمارسون الجنس بلا زواج والذين يتحرشون والذين يشاهدون أفلام إباحية وينتهكون خصوصية حياة الأخرين في هذا البلد.. كانوا كلهم هيباتوا في القسم حضرتك.
المقال المنشور في قسم شباك يعبر عن رأي كاتبه وليس لشبابيك علاقة بمحتواه