عبد الناصر اعتبرها فكرة سخيفة.. كيف تحول عيد الأم من «فكرة» إلى واقع بقرار جمهوري؟

عبد الناصر اعتبرها فكرة سخيفة.. كيف تحول عيد الأم من «فكرة» إلى واقع بقرار جمهوري؟

في 21 مارس من كل عام يحتفل المصريون بعيد الأم، والذي نشأ بفكرة طرحها مؤسس جريدة الأخبار مصطفى أمين، ثم تحولت إلى واقع ولكن بعد أن صادفت بعض المشكلات. الكاتب الراحل روى القصة الكاملة في كتابه «الـ200 فكرة».

بداية الفكرة

يذكر مصطفى أمين أنه بدأ يدعو للاحتفال بعيد الأم في البلاد العربية في كتابه الأول «أمريكا الضاحكة» الذي صدر في عام 1943، ولكن أحدا لم يلتفت لهذه الدعوة.

وبعد ذلك بأكثر من عشر سنوات جاءت سيدة إلى «أخبار اليوم» وطلبت مقابلته هو وشقيقه علي أمين، وشكت لهما أنها كرست كل حياتها لتربية ولدها بعد وفاة زوجها وهي شابة. رفضت أن تتزوج، وكافحت وجاهدت حتى حصل ولدها على بكالوريوس الطب وأصبح طبيبا ناجحا، وخطبت له فتاة جميلة، ودفعت له المهر، وفرشت له شقة، وعندما خرج من بيتها ليسكن مع عروسه الجديدة لم يقل لها «شكرا»، وبعد أن خرجت قال مصطفى لأخيه إن كل الأبناء ينسون أن يقولوا لامهاتهم «شكراً»، واتفقا على الاحتفال بعيد الأم.

وبدأ على أمين يدعو في بابه الذي كان معنوناً بـ«فكرة» للاحتفال بالأم، وهوجمت الفكرة من الصحف الأخرى، واتهمتهما بعض الصحف أنهما يدعوان للاحتفال بعيد الأم لتنصرف الأذهان عن الغزو التركي لسوريا.

فكرة سخيفة

وبحسب مصطفى أمين، «ذات صباح اتصل بي الرئيس جمال عبد الناصر تليفونيا، وقال لي إنه يرى أن الاحتفال بعيد الأم فكرة سخيفة، فهو لا يذكر أمه، وقد ماتت وهو طفل صغير جدا، ولا يعرف كيف يحتفل بها، فهو لا يعرف أين دُفنت، ولهذا يحسن العدول عن هذه الفكرة الغريبة».

«ذهبنا إلى كمال الدين حسين وزير المعارف في تلك الأيام، وكان يعبد أمه، وعرضنا عليه فكرة عيد الأم، فتحمس لها، وقلنا له إن الرئيس عبد الناصر يرفضها، فأخذني وذهبنا إلى الرئيس عبد الناصر وكانت له دالة عليه، واستطاع أن يقنعه، وعدنا ندعو لفكرة عيد الأم من جديد». حسبما روى مصطفى.

ونجح عيد الأم نجاحا مذهلاً، وانتقل إلى البلاد العربية، وأصبح عيدا قوميا.

قرار جمهوري

ويروي: «ثم حدث أن سُجنت في عام 1965، ونُفي على أمين إلى الخارج، ومُنع ذكر اسمينا، وخشيت مراكز القوى أنه إذا احتفلت الأم بعيد الأم في 21 مارس أن يتذكر الناس اسم على أمين واسمي، فصدر قرار جمهوري بتغيير عيد الأم إلى عيد الأسرة».

وانهالت الاحتجاجات على الرئيس جمال عبد الناصر، من أمهات السعودية والكويت والعراق وسوريا والسودان واليمن والمغرب والجزائر وتونس وليبيا والخليج حيث اعتبرن إلغاء عيد الأم اعتداء على كل أم عربية.

وأمام هذه الثورة النسائية العربية، أصدر الرئيس عبد الناصر أمره بالعودة إلى الاحتفال بعيد الأم. وهكذا مات عيد الأسرة بقرار جمهوري كما ولد بقرار جمهوري.

وبينما ذكر البعض أن اختيار مصطفى أمين ليوم 21 مارس كان سببه أنه أول يوم من أيام الربيع، ذكر آخرون أن هذا اليوم هو تاريخ ميلاد والدته التي كان يحبها كثيراً.

المصدر

  • كتاب «الـ200 فكرة». مصطفى أمين.

محمد أحمد

محمد أحمد

صحفي يكتب في التراث والثقافة الشعبية