«جماعة الداوديين» في أمريكا.. قائدهم ادعى النبوة ومارس الجنس مع القاصرات وأمرهم بالانتحار

«جماعة الداوديين» في أمريكا.. قائدهم ادعى النبوة ومارس الجنس مع القاصرات وأمرهم بالانتحار

أفكار شاذة قادت أتباع عدد من الجماعات والطوائف الدينية إلى الموت أو الانتحار، اعتقادا منهم بأن ذلك هو الخلاص الوحيد لهم، بل والتعبير عن إخلاصهم لفكرتهم. وتعد «الداووديين» إحدى هذه الجماعات التي نشأت بالولايات المتحدة الأمريكية استنادا إلى بعض الأفكار الدينية المسيحية، لكنها واجهت نهاية مأساوية.

الظهور الوشيك للمسيح

وكنيسة فرع الداوديين، جماعة تؤمن بالظهور الوشيك للمسيح ليحاسب الحي والميت. تأسست في خمسينيات القرن العشرين على يد بين وزوجته لويس رودن، وكانا يؤمنان بأن ظهور المسيح سيكون مؤشرا على بداية «الأيام الأخيرة للكون».

في عام 1981، انضم فيرنون واين هاول وهو عازف جيتار لأغاني الروك إلى هذه الكنيسة، وسرعان ما أصبح على علاقة وطيدة برئيسة الطائفة لويس رودن، فأقام معها علاقة جنسية وكانت بأواخر السبعينيات من عمرها، وفي تلك الفترة ادعت أنها نبية الجماعة، بينما ادعى هاول أنه آخر الأنبياء وأن الله قد اختاره ليلد منها طفلا، وأن هذا الطفل سيكون هو الابن المختار.

توفيت لويس في 1986. وفي سنة 1990 غير هاول اسمه إلى ديفيد كورش، واستقر مع أكثر من مئة من أتباعه في مجمع أطلق عليه اسم جبل الكرمل، والذي يبعد عشرة أميال عن منطقة واكو بولاية تكساس في أمركيا حيث وقعت حادثة الانتحار الجماعي فيما بعد.

ويرجع تغيير هاول اسمه لـ«كورش» لاعتقاده بأنه أصبح في ذلك الوقت رئيسا لبيت داوود الوارد ذكره في الكتاب المقدس، والذي تقول الروايات اليهودية والمسيحية أن المسيح سيظهر منه، واسم «كورش» هو الاسم العبري لسايروس الملك الفارسي الذي سمح لليهود الذين تشتتوا في بابل على يد نبوخذ نصر بالعودة لفلسطين.

علاقات جنسية

كان كورش يدافع عن أحادية الزواج ويعتبرها الطريقة الوحيدة للعيش، لكنه أعلن فجأة أن تعدد الزوجات مسموح له. في مارس 1986 ضاجع فتاة تبلغ من العمر 14 عاما، وفي سبتمبر من نفس العام أخذ يضاجع سرا ميشيل جونز الشقيقة الصغرى لزوجته والبالغة 12 عاما.

وفي سبتمبر 1986 بدأ يدعي أن لديه 140 زوجة، منهن 60 زوجة شرعية و80 محظية، واستند في شرعية ذلك إلى تفسيره لنشيد سليمان في الكتاب المقدس.

وبحسب عضو الطائفة السابق ديفيد بندز فإن «أساس معتقد كورش في تعدد الزوجات هو رغبته العميقة في ممارسة الجنس مع الفتيات الصغيرات، وعندما يستطيع أن يقنع نفسه بأن تلك هي إرادة الله لا يشعر بالذنب، ويستطيع أن يمارس الجنس مع أكبر عدد من هؤلاء الفتيات».

لكن كورش أنكر في المقابلات العامة جميع التهم الموجهة إليه بشأن تعدد  الزوجات أو التحرش بالصغار، رغم أن أعضاء سابقين بالطائفة ذكروا أن كورش كان يستطيع أن يدعو أيا من نساء المجمع إلى فراشه.

وقد ذكرت تحقيقات الـ «ATF» أي (مكتب مكافحة سوء استخدام الكحول والتبغ والأسلحة والمتفجرات) على لسان عضوة سابقة في الطائفة تدعى جينين بدز، أن لكورش 15 ابنا من مختلف النساء والفتيات الصغيرات في المجمع، وأن بعض هؤلاء الفتيات بعمر 12 عاما، وأنها شخصيا قد ولدت له سبعة أبناء.

وقالت إن كورش كان يستطيع إبطال أي زيجة لزوجين يمكن أن يلتحقا بطائفته، وبذلك يستطيع أن يمارس الجنس لوحده مع هؤلاء النسوة.

بداية النهاية

بدأت البلاغات تنهال على الجهات الشرطية بوجود تدريبات عسكرية على إطلاق النار داخل المجمع، وكذلك عن أفعال كورش المريبة وتحرشه بالأطفال وتعدد زوجاته رغم إنكاره ذلك، وفي صباح يوم 28 فبراير أغار مكتب «ATF» على جبل الكرمل، وأسفرت الغارة عن مقتل أربعة من عناصر المكتب وستة من عناصر الطائفة.

وبعد هذه الغارة بقليل تولى فريق إنقاذ الرهائن التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالية زمام قيادة العملية، فأجرى اتصالات مع كورش وهو داخل المجمع على مدار 51 يوما.

وبينما كان الحصار مستمرا، حاول كورش كسب الوقت قبل الاستسلام وقد كان مصابا بطلق ناري. كانت أحاديثه مع المفاوضين مليئة بالتعابير الإنجيلية.

وقد تعامل المفاوضون الفيدراليون مع الموقف كأزمة رهائن، رغم إرسال أعضاء الطائفة لشريط فيديو مدته ساعتين يوضحون فيه بوضوح وثقة أسباب اختيارهم البقاء بإرادتهم الحرة مع كورش.

حاصرت وكالات تنفيذ القانون الفيدرالية «FBI +ATF» المجمع مدة 51 يوما، وانتهى الحصار بناء على أوامر النائب العام السيدة جانيت رينو بناء على توصيات ضباط مكتب التحقيقات بشن هجوم نهائي على المجمع، وذلك لإخراج أعضاء الطائفة قسرا من مبانيهم.

حريق مقصود

وأثناء الهجوم أحاطت النيران بمبنى الكنيسة، ما أدى إلى نشوب حريق قتل فيه حوالي 76 شخصا من بينهم 17 طفلاً تحت سن السابعة عشر وكورش نفسه. وأرجعت التحقيقات سبب نشوب الحريق إلى عمل مقصود قام به أعضاء الجماعة داخل البناية.

ورغم أن تقارير اتهمت قوات الأمن بالتسبب في ذلك، إلا أن سجلات تشريح الجثث أشارت إلى أن حوالي 20 شخصا من أعضاء الطائفة قد قُتلوا بالرصاص بما فيهم خمسة أطفال، وأن الكبار الذين ماتوا بفعل إصابتهم بطلقات نارية هم الذين قتلوا أنفسهم بعد أن قتلوا الأطفال الصغار.

وما يعزز هذا الاعتقاد كما يقول بعض الهاربين من طائفته أن كورش كان يقول لجماعته أن الطريق الوحيد لخدمة الله هو أن تكون راغبا في الموت، بل إنه كان يقول للأطفال أن الانتحار قد يكون ضروريا يوما ما، وشرح لهم كيف ينتحرون بتناول سم السيانيد أو بإطلاق النار على أنفسهم.

كان كورش يعلم أتباعه أيضا أهمية الشهادة من أجل القضية، وفي نفس الوقت أخذ يكدس الأسلحة والأطعمة في المجمع للدفاع عن نفسه من هجمات المرتدين أو عناصر الحكومة الذين كان يسميهم «البابليين».

وقد أثبتت التحقيقات أن العديد من القتلى قُتلوا بطلقة واحدة في الرأس وطفل واحد بطعنة سكين، ما يرجح حصول عملية قتل مع انتحار جماعي.


فلول الجماعة

على كلٍ، دفن ديفيد كورش في مقبرة بمدينة تايلر بتكساس، لكن أفكاره لم تمت، بل استمرت في عقول مريديه، فاعتقد بعض أعضاء الطائفة أن كورش سيعود يوما ما إلى الأرض، وأن ذلك سيكون بعد 1335 يوما من وفاته استنادا إلى الآية 12 من الإصحاح 12 من سفر دانيال أي في 14 ديسمبر 1996.

بينما  آمنت جماعة «HIDDEN MANNA» أن ظهور كورش سيكون في 6 أغسطس 2000، ثم قالوا في 20 أكتوبر 2000، ثم قالوا إن ذلك سيحدث في مارس 2012، بينما تجنب غيرهم ذكر أي تاريخ لعودته.

وخلال الذكرى الثانية لهذا الحادث أي في أبريل 1995 قام ثيموثي ماكفيه بتفجير المبنى الاتحادي في مدينة أوكلاهوما، ما أدى إلى مصرع 168 شخصا من بينهم 19 طفلاً. وقال للمحققين إنه حانق على الحكومة بسبب هجومها على طائفة الداووديين في 1993.

أدين ماكفيه بالجريمة في 1997، وحُكم عليه بالإعدام، وطلب عدم الاستئناف وتنفيذ الحكم. وفي 11 يونيو أُعُدم بحقنة قاتلة.

المصدر

  • كتاب «الانتحار الجماعي. أكبر عمليات الانتحار الجماعي في التاريخ». صادق عيد علي الركابي.

محمد أحمد

محمد أحمد

صحفي يكتب في التراث والثقافة الشعبية