100 يوم على «مركب الجنس»
«كنت دائما أتوق لمعرفة الدافع وراء نزوع الناس للقتال، وما الذي يجري في الدماغ حينها». يقول سانتياغو جينوفز، العالم الذي قضى حياته في دراسة السلوك العنيف، قبل أن يبدأ رحلته المغامرة على «مركب الجنس» لتحقيق أمنيته.
مغامرة بدأت باختطاف
في عام 1972 وأثناء عودته من مؤتمر حول تاريخ العنف في مونتيري تعرضت طائرة جونفيز إلى عملية اختطاف من قبل 5 مسلحين، وكان عدد الرهائن 103 آخرين.
أطلق سراح الرهائن في عملية تبادلية مع مسجونين سياسيين.
أوحت عملية الخطف إلى جونفيز مغامرة تهدف لدراسة السلوك البشري، معتمدا على تجربة لعالم الأنثروبولوجيا النرويجي ثور هييردال.
شارك جينوفز في رحلة لإثبات أن أفارقة وصلوا إلى أمريكا قبل كولومبوس، وعمل العالمان معا حين شاركا في رحلة لفريق أبحر في قارب؛ لمحاولة إثبات أن الأفارقة ربما يكونون قد وصلوا إلى القارة الأمريكية قبل كريستوفر كولومبوس بسنوات.
مركب الجنس
استخدم جينوفز التجربة كمختبر عائم ليرصد سلوك مجموعة من الناس العائمين معا في بحر مضطرب.
وخلال التجربة ظن جينوفز أن مجموعة من الناس يسافرون معا في بحر مضطرب قد تكون مختبرا عظيما لرصد السلوك البشري.
كان المركب بطول 12 مترا وعرض 7 أمتار وكان فيه مقصورة بطول 4 أمتار وعرض 3.7 مترا، وكان هناك حيزا ليستلقي الركاب على أرضية القارب لكن لم يكن بإمكانهم الوقوف، كما أن القارب ليس له محرك أو فيه كهرباء ولا توجد له قوارب إسناد.
كانت دورات المياه في الخارج، هي أماكن النوم على متن القارب وكانت مكشوفة.
صعد عشرة أشخاص إلى القارب لقضاء 100 يوم على سطحه في رحلة من جزر الكناري إلى المكسيك برفقة جينوف، وأعلن عن التجربة كرحلة استكشاف في عدة مطبوعات في أنحاء العالم بحثا عن متطوعين.
اتصل به المئات، اختار منهم أربعة رجال وست نساء من جنسيات وخلفيات دينية واجتماعية مختلفة.
أربعة فقط لم يكونوا متزوجين، واختيروا لخلق توتر ضمن المجموعة، حسب ما قال جينوفز.
وفي عام 1973 أبحر المركب باتجاه جزيرة كوزوميل المكسيكية، وعينت السويدية ماريا بيونستام البالغة من العمر 30 عاما قبطانا للمركب، وتركت المهام الهامشية للرجال؛ لأن جينوفز كان يريد التحقق من أن إسناد مهام قيادية لنساء سيؤدي إلى درجة أقل أو أكبر من العنف.
وسائل الإعلام
بدون أي مقدمات أو مبررات، تناولت وسائل الإعلام أخبار مركب «أكالي» التي وصفت بأنها «حفلات جنس جماعي على قارب الحب»، ثم أطلق عليه بعد ذلك «مركب الجنس»، ولكن الواقع على متن القارب كان مختلفا تماما.
كان تحفيز العلاقات الجنسية أحد أهداف التجارب التي أعدها جينوف، وأوضح قائلا: «أظهرت دراسات علمية على القرود أن الصلة بين العنف والرغبة الجنسية، التي ترتبط بمعظم النزاعات بين الذكور، مرتبط بوجود الإناث في مرحلة الإباضة».
وأضاف أنه اختار أشخاصا جذابين جنسيا للتأكد من أن الموضوع ينطبق على البشر أيضا.
الحياة على المركب
انخرط عدة أفراد من المجموعة بنشاطات جنسية، لكنها لم تؤد إلى عداوات وتوتر ملحوظ.
لكن الجنس كان واحدا فقط من السلوكيات البشرية التي أراد جينوف رصدها، وفي الواقع كانت له أهداف أبعد، وحين سُئل عن الأهداف الحقيقية للدراسة، قال إنه أراد اكتشاف كيفية تحقيق السلام في العالم، ومن أجل تحقيق ذلك أراد جينوفز فهم العدوانية البشرية.
لكن، ومع مرور الوقت، المظهر العدواني الوحيد الذي نشأ كان بسبب ظهور سمكة القرش وليس بسبب نزاعات بين أعضاء الفريق.
بعد مضي 51 يوما كان جينوفز محبطا، وكتب: «لا أحد هنا يتذكر أننا نحاول إيجاد إجابة للسؤال الأكثر أهمية في عصرنا: هل نستطيع أن نعيش بلا حروب؟».
كما نسي أيضا المشاعر المرضية التي انتابت الأعضاء الآخرين في الفريق.
وصول المركب
حين وصل القارب إلى المكسيك عزل الطاقم بمن فيهم جينوفز لمدة أسبوع وخضعوا لفحوص طبية وسيكولوجية.
وتعرض الأكاديمي للاكتئاب خلال الرحلة وتبرأت جامعته من الرحلة بسبب عنوان «قارب الجنس» التي خرجت بها الصحف، لكنه استمر في مسيرته الأكاديمية حتى وفاته عام 2013.
بالنسبة للمشاركين، انتهت الرحلة كما بدأت، كمغامرة، بالرغم من الصعوبات لم ينشأ خلاف على متن القارب، بل نشأت صلات بين أعضاء الفريق ما زالت قائمة حتى اليوم.