صالح حسب الله يكتب: أسس التعامل على جسد الإنسان
ما دام أن التدخل على جسد الإنسان بات أمرا لا محالة فلا مفر من وضع قواعد تدور في فلكها كل القوانين الوطنية للدول المنظمة للاتفاقية.
و يمكن أن نجمل هذه الأسس في أربعة: أولها مجانية التدخل على جسد الإنسان، فهذا هو المحور الأول للتعامل علي جسد الإنسان، إذ أن أي تدخل هنا عليه لنقل عضو منه أو أحد مشتقاته لن يسمح به إذا كان هناك مقابل مادي لهذه العملية، فجسد الإنسان يجب أن لا ينزل لمرتبة الأشياء.
كما أن مبدأ السمو والكرامة التي نادت به المواثيق الدولية يتنافى بكل تأكيد مع البيع والشراء لأعضاء الجسد أو مشتقاته.
إذا فأي عملية من هذا القبيل يجب أن تكون تبرعية من جانب المستقطع منه (المعطي) والمنقول إليه (المتلقي) وهذا ما جاء في الفصل السادس من الاتفاقية الأوربية الذي ترجم حظر المقابل أو الاستفادة من الجسد الإنساني أو أحد مكوناته.
وزيادة في الحرص على ذلك نصت الاتفاقية على عدم جواز استعمال العضو المستقطع في أي غرض آخر غير المتفق عليه إلا بموافقة صاحب الشأن (المعطي).
صالح حسب الله يكتب: الإرهاب بين الدين والعلمانية
هذا من جانب، ومن جانب آخر فقد نص الإعلان العالمي للجين البشري في المادة الرابعة منه على أن الجين البشري يجب أن لا يكون بطبيعته مصدرا للمكاسب المادية.
وجدير بالذكر أن الأساس القانون لدخول الجسد منطقة التعامل القانوني عليه حُسمت سلفا بإقرار كل القوانين الأوربية وبعض قوانين الدول الأخرى، وأقرت مبدأ قابلية الجسد للتعامل عليه، وبقيت قضية المقابل المادي لهذا التعامل، وهل يجب أن يتم بشكل تبرعي أم بمقابل.!؟
فما نصت عليه المادة 1128 من القانون الفرنسي من أن الأشياء هي فقط محل التعامل القانوني، وبات محل شك كبير خاصة مع عمليات نقل الأعضاء والمنتجات والأنسجة البشرية التي تتم كل يوم أغلبها بمقابل وبعضها بدون مقابل، وهذا ما حدا البعض للإقرار بأن الجسد الإنساني وإن كان لا يعد شيئا تجاريا إلا أنه يقع في منطقة التعامل القانوني، وأن فكرة الأشياء التي تقع خارج التجارة القانونية تتنوع طبقا لنوع العقد، فقد يعتبر شيئا التجارة بالنسبة لعقد ما، ولا يعتبر كذلك بالنسبة لعقد آخر .
وقد ركزت الفتوى الصادرة عن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة المصري على هذه المبادئ حيث سجلت أن «الرضا» بنقل عضو لا يعتبر من التصرفات التي ترد على محل قابل للتعامل فيه لأن جسم الإنسان وأي شيء منه لا يرد عليه القابلية للتعامل.
وإعمالا للمادة «81» من القانون المدني فإن جسم الإنسان وعضو خارج عن دائرة التعامل ومن ثم فإن الرضا في شأن الجسم الآدمي لا يقوم به تصرف لازم مما يمكن أن يجبر عليه التصرف بالقضاء، لأنه لا يتعلق بحق مالي يدخل في دائرة القابلية للتعامل، وإنما هو إذن وإجازة تتعلق بحق من الحقوق اللصيقة بالشخص بموجب إنسانيته وليس بموجب شخصيته القانونية.
ويلاحظ وجود قوائم أسعار للأعضاء المرغوب نقلها، هذه الأسعار خرافية ولا تمت بصلة لنفقات حفظ العضو ونقله، فكل ما يقال بصدد التبرع هو من جانب المستقطع منه والذي لا يحصل على شيء يذكر، أما المتلقي فيدفع مبالغ طائلة للمؤسسة المعالجة نظير إتمام العملية، وتحت بنود شتى، والمعروف أن هناك تجارة دولية لنقل الأعضاء سواء بطريق مشروع أو غير مشروع.