هل الوشم حلال؟ رأي جمهور الفقهاء والمذاهب المختلفة

هل الوشم حلال؟ رأي جمهور الفقهاء والمذاهب المختلفة

يهوى بعض الأشخاص رسم الحنة أو الوشم في مناطق مختلفة من الجسم، كنوع من الزينة، ويختلف شكله أو لونه ورسوماته من شخص لآخر، ولكن التساؤل الذي يتردد في أذهان الكثيرين: هل الوشم حلال أم ماذا؟، نُجيب عن هذا التساؤل بشئ من التفصيل في هذه السطور.

دليل تحريم الوشم في القرآن

الوشم الذي يتم فيه ثقب الجلد بإبرة وحقن صبغة زرقاء أو غيرها من الألوان، محرم بجميع أشكاله، سواء أكان يسبب ألما أم لا، لأنه ينطوي على تغيير خلق الله، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم، لعن من يرسم وشما.

في الصحيحين، روى عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه: (لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله).

أما عن آيات الوشم في القرآن التي تؤكد على تحريمه، فلا يوجد نص صريح في القرآن يُفيد بتحرم الوشم تحديدا، ولكن جاءت الآية رقم 119من سورة النساء، تُحرم تغيير خلق الله، والوشم يدخل ضمن الأفعال التي تُغير خلق الله، قال الله تعالى:

(ولأضلنهم ولأمنينهم ولأمُرنهم فليُبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله، ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خُسرانا مبينا)

فتوى دار الإفتاء عن الوشم

وفقا لما جاء على الموقع الالكتروني لدار الإفتاء المصرية، فإن الوشم حرام سواء للرجال أو النساء، والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله الواشمة والمستوشمة)، بالإضافة إلى أن الوشم معناه غرز الجلد بالإبرة حتى يخرج الدم ثم يتم وضع مواد في هذه الأماكن تحت الجلد فتختلط بالدم فيكون هناك تغير لخلق الله ونجاسة.

رغم تحريم الوشم، إلا أن الرسومات التي تتم بطريقة أخرى وتكون غير دائمة، مثل رسم الحنة، فهى جائزة شرعا ومسموح بها من قبل العلماء المسلمين.

حكم الوشم في المذاهب الأربعة

أجمع غالبية العلماء المسلمين على أن الوشم محرم، بناء على الحديث الشريف السابق ذكره، ورغم أن أسباب التحريم لم يتم ذكرها في صحيح البخاري، إلا أن العلماء حددوا أسبابا وحججا مختلفة، هى:

  • يعتبر الوشم تشويه للجسم، وبالتالي تغيير خلق الله.
  • الطريقة التي يتم عمل الوشم بها تسبب ألم غير ضروري، وتزداد فيها احتمالية الإصابة بضرر.
  • الوشم يغطي الجسم الطبيعي، وبالتالي فهو شكل من أشكال الخداع.
  • غالبا ما يزين غير المؤمنين أنفسهم بهذه الطريقة، لذلك فإن الوشم يعتبر تقليد للكفار، وهذا محرم.

يقول أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر سعد الدين الهلالي، أن هناك اختلاف بين الفقهاء في الوشم، فجمهور الفقهاء أفتوا بحرمته، وبعض المالكية وبعض الشافعية أكدوا أنه من الكبائر، وعلى خلاف ذلك أفتى بعض العلماء المتأخرين من المذهب المالكي بعدم حرمته لكنهم أكدوا أنه مكروه فقط وليس محرم، لأنه ينطوي على ألم وإيذاء للجسد. أما الرأي الرابع، فهو لبعض المالكية وبعض الحنفية، الذين أفتوا أن الوشم يجوز إذا كان تجملا للزوج.

هل الوشم يمنع الوضوء؟

من الممكن أن يرسم البعض الوشم في أعضاء الوضوء، وفي هذه الحالة رأى بعض العلماء أن وجود وشم دائم لا يفسد الوضوء، لأنه تحت الجلد وبالتالي لا يمنع الماء من الوصول إلى الجلد، إلا أن هناك رأي آخر، يفيد بالتيمم مكان الوشم، لأن الماء لم يصل إليه، إذا لم يغطه اللحم، أما إذا اللحم غطاه فالوضوء صحيح في هذه الحالة، لأن الماء وصل للجلد.

يُذكر أن جمهور العلماء والفقهاء أكدوا أنه إذا أمكن إزالة الوشم دون التسبب في ضرر للجسم، ففي هذه الحالة تكون إزالته واجبة، لأنه حرام، لكن إذا كانت إزالته مقرونة بإلحاق الأذى أو الضرر، في هذه الحالة لا إثم عليه بشرط التوبة الصادقة لله سبحانه وتعالى عن هذا الفعل.

المصدر

أسماء أبو بكر

أسماء أبو بكر

عن كاتب المقال: صحفية مصرية حاصلة على كلية الإعلام من جامعة القاهرة، تهتم بشؤون الطلاب