تحركات في محكمة الجنايات الدولية ضد البرهان

تحركات في محكمة الجنايات الدولية ضد البرهان

سنوات طوال مرت منذ الأحداث الدامية والحرب الأهلية في دارفور، والتي راح ضحيتها عشرات الالاف من المواطنين من قتلى وجرحى ومهجرين، ولكن الى هذا اليوم لم تتم محاكمة كل المعنيين بارتكاب الجرائم هناك. فالبشير وهو المسؤول الاول عن تلك الجرائم كزنه كان رئيس لأجهزة الدولة كافة، لم يتم تسليمه لمحكمة الجنايات الدولية، رغم حدوث الثورة التي أطاحت به. والسبب هو أن عدد كبير من الضباط المسؤولين في عهد البشير والذين كان لهم دور محوري في الجرائم المرتكبة مازالوا الى اليوم يحتلون مراكز قيادية عليا في السودان.

وطبعاً على رأسهم عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الحالي، فهو دائما كان من أكثر الرافضين لتسليم الجناة الى العدالة الدولية وقد صرح أكثر من مرة علناً أنه يرفض تسليم البشير لتتم محاكمته في محكمة الجنايات الدولية، وطبعاً تذرع البرهان بالسيادة الوطنية وبعدم تدخل العالم بشؤون السودان الداخلية، أي ساق مجموعة الشعارات الفارغة والسخيفة التي يسوقها كل مجرمي الحرب في بلدانهم. فالبرهان كان قد عمل ضابطاً بالاستخبارات العسكرية السودانية في غرب دارفور، وكانت لديه مهمة تنسيق عمل القوات الحكومية خلال صراع الحكومة المركزية مع الجماعات المتمردة، وذلك بين العامين 2003 و 2005 حيث تزامن ذلك ارتكاب جرائم الحرب في عدد من مدن غرب دارفور.

وبعد اطلاح سراح البرهان عاد للعمل هناك والتنسيق بين القوات وتسليح القبائل العربية وتزويدها بالسلاح من أجل الحرب في دارفور، وطبعاً بما أن البرهان قد وقع بالأسر على يد قوات حركة تحرير السودان أثناء تلك الأحداث المأساوية، فقد عاد الى هناك مشحوناً بالحقد وبالرغبة بالثأر.

كما يتهم بعض قادة الجماعات المسلحة السودانية الحاليين البرهان بانه يقوم بتسليح عدد من القبائل في دارفور مستغلاً سلطته كرئيس للمجلس السيادي، وذلك على الرغم من عدة لقاءات جمعته مع كينيث روث، المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس ووتش، وماوسي سيغون، مدير المنظمة في إفريقيا وذلك في العاصمة السودانية الخرطوم. فخلال كل تلك اللقاءات قال البرهان انه متعاون بشكل تام مع المحكمة الجنائية الدولية، بما يخص تسليم المطلوبين بتهمة ارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية في دارفور، وذلك وفقاً لمنظمة هيومن رايتش ووتش.

أي أن تصريحات البرهان كانت متناقضة وبالمحصلة لم تتم عملية تسليم البشير وعدد من المطلوبين دولياً لأنه يعلم أن مثول المتهمين أمام محكمة الجنايات الدولية يعني المزيد من الاتهامات التي ستطاله عاجلاً أم اجلاً. فالمحكمة الجنائية ووفقاً للبند 3-أ من المادة 25 تدرس الاتهمامات المتعلقة بارتكاب جرائم حرب، وتصدر مذكرات اعتقال حتى بحق الأشخاص الذين كان لهم علم بارتكاب الجرائم أو كانوا يشرفون على مرتكبيها، وهي تماما حالة عبد الفتاح البرهان، لانه كان ضابطاً ذو رتبة كبيرة ويشرف على عمل المجموعات المسلحة هناك، وبالتالي أي جريمة حرب ترتكبها اي من الوحدات التابعة له، يتحمل هو جزء منها ويحاسب عليه أمام المحكمة.

فالمادة رقم 25 هامة جداً والبند 3-أ ينص صراحةً على أن الشخص يكون متهماً جنائياً ويكون عرضة للعقاب عن أية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة في حال قيام هذا الشخص ارتكاب هذه الجريمة سواء بصفته الفردية أو بالاشتراك مع آخر أو عن طريق شخص آخر، بغض النظر عما إذا كان ذلك الآخر مسؤولاً جنائياً.

أي أن علم البرهان بأي جرائم مرتكبة من قبل أي قادة عسكريين تحت أمرته يعني انه يتحمل جزء من المسؤولية عن هذه الجرائم، مثله كمثل أي ضابط كبير عمل سابقاً في دارفور، وخصوصاً خلال فترة النزاع المسلح هناك، وهو حتماً يعلم الكثير، كما أن البشير يعلم الكثير من دور البرهان لذلك يخشى البرهان تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية.

والمحكمة المحكمة الجنائية الدولية لا تبني أحكامها وقراراتها على فراغ، فهناك عدد كبير من الشهادات التي قدمها الناجون من المجازر في دارفور على شهادات عدد من الناجين من المجازر في دارفور وخصوصا من قبيلة الفور، وكذلك اعترافات عدد من الذين ارتكبوا هذه الجرائم ولعبوا دوراً بالأحداث حيث حصلت عمليات قتل جماعي وتهجير وحرق للأراضي وتدمير للممتلكات والمنازل، وخصوصا التابعة لقبيلة الفور في عدد من المناطق في وادي صالح في غرب دارفور، حيث يقدر عدد المهجرين من هناك بحوالي عشرين الفاً من المدنيين، وذلك خلال فترة الصراع.

وبغض النظر عن الاتهامات التي قد توجهها محكمة الجنايات الدولية لعبد الفتاح البرهان والتفاصيل المتعلقة بذلك، فنحن بالمنطق والعقل يمكن لنا أن نفهم أن البرهان حتماً له دور بارتكاب الجرائم، أولاً هو كان ضابطاً رفيع المستوى ودوره الرسمي كان متمحوراً حول التنسيق بين عمل أجهزة المخابرات والجيش وبعض الجماعات المسلحة، كما لعب دوراً بتزويد عدد من القبائل المتناحرة بالاسلاح. ثانياً هو كان دائماً يتهرب من قضية تسليم المطلوبين للعدالة الدولية وقالها علناً انه رفض تسليم البشير، وهذا ليس من فراغ. لذلك بات مفهوماً للقاصي والداني أن البرهان سيكون ملاحقاً دوةلياً عاجلاً أم اجلاً، ومنصبه كرئيس للمجلس السيادي لن يحميه من المساءلة، ولكم في البشير عبرة.

 

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب الشباب المصري