في ذكرى ميلادها.. «فريال» الأميرة الأتعس حظًا

في ذكرى ميلادها.. «فريال» الأميرة الأتعس حظًا

رغم أنّها الثامنة من مساء الخميس 17 نوفمبر عام 1938، إلّا أنّ الأجواء داخل قصر المنتزه الملكي بالإسكندرية لم تكن بالهدوء المُعتاد في مِثل هذا الوقت المتأخر حينها، فالملكة فريدة على وشك أن تضع أوّل مولود للملك فاروق، ملك مصر، وهو في أوج مجده، وبعد أشهر قليلة فقط من توليه العرش بشكل رسمي مستقل.

[caption id="attachment_19693" align="aligncenter" width="449"] الملكة فريد تحمل أولى بناتها فريال[/caption]

جميع المؤشرات كانت تشي بأن تلك الطفلة المولودة حديثًا "فريال" ستكون أكثر أهل الأرض حظًا، ولِمَ لا وقد طال حسن طالعها جميع من تصادف ميلادهم معها في نفس اليوم، لينالوا ملابس جديدة، مواد غذائية، وجنيهًا واحدًا لكل أسرة، حين كان الجنيه ثروة، بجانب توزيع 5 آلاف جنيه على الفقراء في أنحاء القطر المصري. [caption id="attachment_19691" align="aligncenter" width="426"] الأميرة فريال[/caption]

احتفل الجيش المصري بمولدها، فحلقت الطائرات حول قصر عابدين في عرضٍ عسكري مهيب صباح اليوم التالي، وأعيد نفس العرض مرة ثانية مساءًا بحضور الملك حديث العهد بالأبوة فاروق.

[caption id="attachment_19700" align="aligncenter" width="492"]242209943249 الملك فاروق والملكة فريدة والأميرة فريال[/caption]

حتى عمر الثالثة عشر كانت "فريال" مثال للفتاة المدللة ابنة الملك الأولى، حتى بدأ مؤشر سعادتها في الانهيار عقب اندلاع ثورة 1952، حين وجدت نفسها فجأة تهجر قصرها المنيف، لتصعد على متن يخت "المحروسة" مع أبيها بعد تنازله عن العرش. [caption id="attachment_19690" align="aligncenter" width="450"] الملك فاروق والملكة فريدة وبناتهم[/caption]

وكما يحدث في الروايات المأساوية، حين تصل إلى نقطة تحوّل تنقلب الأمور بعدها إلى الأحداث الكئيبة المتتالية. فالأسرة التي كانت مالكة أمس أصبحت اليوم بدون مصدر للدخل، وما كان أمس متاحًا، رهن إشارتها، أضحى الحصول عليه الآن حلمًا بعيد المنال.

عاشت "فريال" مع والدها وشقيقاتها حتى بلغت الثالثة والعشرين من عمرها، حين وقعت في الحب لأوّل مرّة، وبدلًا من أن تعيش ليالٍ حالمة، وترتدي الفستان الأبيض وتُزف لمن وقعت في غرامه، انقلبت الأمور للنقيض، كعادة الحياة معها، حين رفض والدها زواجها ممن أحبّت لكونه  مجرد رسام يقوم بأعمال الديكورات.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فوالدها، من رفض حُبها بالأمس، وقعًا أسيرًا في غرام مغنية الأوبرا الشهيرة إيرما كانوزا، ودعاها للإقامة معه بفيلته؛ لتضطر "فريال" لترك الفيلا مع شقيقاتها، وتلتحق بكلية السكرتايرية، لتعمل فيما بعد بالسكرتارية وكمدرسة للآلة الكاتبة؛ لتؤمن دخلًا لها، حتى قيل أنها عملت بجمع الثمار من الحدائق لكسب قوت يومها.

5_2_2_2010_53_47

عام 1966 تبدأ الحياة في مصالحة "فريال" حين تتزوج من السويسري "جان بيبر" وتُنجب منه ابنتها الأولى والوحيدة "ياسمين"، ولكن تنقلب الأحوال مجددًا ليتوفى زوجها بعد عامين فقط من زواجهما، لتعيش باقي عمرها مع وحيدة مع ابنتها ياسمين.

وكَسُنّة الحياة، تتزوج ابنتها الوحيدة ياسمين من علي شعراوي، حفيد هدى شعراوي، لتعود فريال إلى وحدتها، لا تجد من يشاركها يومها سوى كلابًا وقططًا وطيورًا قررت تربيتها؛ علّها تؤنس وحدتها.

عام 2002 تتوفى شقيقتها الصُغرى "فادية"، ثم تتبعها  شقيقتهما الثانية "فوزية" عام 2005، لتبقى وحدها بعد وفاة شقيقاتها الصغار.

أيكفي هذا القدر من المصائب المتتالية؟ كلا، لقد كُتبت عليها المُعاناة حتى آخر لحظات حياتها، فبعد عدّة أزمات صحيّة، تكتشف "فريال" إصابتها بالسرطان، حياتها أصبحت على المِحك، مؤشراتها الصحيّة تؤكد فنائها خلال أشهر قليلة، وكأن عذاب انتظار الموت كان ينقصها.

في فجر ثالث أيام عيد الأضحى عام 2009، تتوفى الأميرة "فريال" وحدها، كما عاشت دومًا بمفردها، عن عمر 71 عامًا، بعدما حاربت سرطان المعدة 7 سنوات، انتصر فيها في النهاية، لتلحق بأخواتها، وتسقط آخر ورقة في شجرة بنات الملك فاروق.

شيماء عبدالعال

شيماء عبدالعال

صحفية مصرية مهتمة بالكتابة في ملف الأدب والثقافة