في ذكرى موقعة الجمل.. أوامر «مبارك» لم تُنفذ بعد
«إن هذا الوطن العزيز هو وطني مثلما هو وطن كل مصري ومصرية.. فيه عشت، وحاربت من أجله، ودافعت عن أرضه وسيادته ومصالحه، وعلى أرضه أموت، وسيحكم التاريخ علي وعلى غيري.. بما لنا وبما علينا».
قالها الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، مساء الثلاثاء الأول من فبراير 2011، في خطاب وصف بالعاطفي، جاء وسط غضب شعبي غير مسبوق في مصر.
أثار الخطاب تعاطف الكثيرين، إلا المحتشدين بميدان التحرير، زادهم غضبا وثورة، ليأتي الصباح ويحمل معه لهم مفاجأة.
25 تصريح لحسني مبارك عن «فوضى» ثورة يناير (فيديو)
وكأن الزمن قد عاد للخلف بالفعل، وكأن آلة زمنية ما قد نقلت مصر بالكامل من عام 2011 إلى القرون الوسطى، فبعد أيام من قطع جميع وسائل التواصل، من إنترنت وشبكات الهواتف المحمولة الثلاث، ظهر طيف من جمال وخيول وبغال، يعتليها رجال ملثمين يُشهرون العُصي والأسلحة البيضاء، يشبهون الغزاة، الهرج يعم ويتفرق الجمع بعد أن ألجمتهم المفاجأة الغريبة، تنشق صفوف المعتصمين، قبل أن تلتحم من جديد.
«ستخرج مصر من الظروف الراهنة أقوى مما كانت عليه قبلها، أكثر ثقة وتماسكًا واستقرارًا، سيخرج منها شعبنا وهو أكثر وعيًا بما يحقق مصالحه، وأكثر حرصًا على عدم التفريط في مصيره ومستقبله» هكذا تحدث مبارك
ما الحل؟ المهاجمون لديهم ما يقويهم، عنصر المفاجأة، الخيول والجِمال، الأسلحة الجاهزة، التنظيم، كل تلك الأمور تُرجح كَفتهم وتدعم هجومهم. تفتق ذهن أحد المعتصمين، فلنضرب أرجل الخيول، وبالفعل.. سقط المُهاجم الأول.. ليتكرر الأمر بطول الشوارع والميدان، وعرضهما.
من يسقط منهم يشبعه المعتصمين ضربًا وركلًا، يسقط جرحى.. فقتلى.. ترى على الشاشات مشهد غير اعتيادي، مصريون لا يختلفون ظاهريًا عن بعضهم أبدًا، بحيث لا يمكنك التفرقة بين المعتصم والمُهاجم، يقاتلون بعضهم بعضًا.
البعض يُرجع ذلك الهجوم للنظام الحاكم حينها، والغرض واضح وهو فض الاعتصام بميدان التحرير، بعد أن فشل التعامل الأمني في ذلك تمامًا، اتهامات هنا وهناك بأن بعض رموز نظام «مبارك» هم من دبروا لهذا الأمر، وقاموا بتأجير الخيول وأصحابها من «نزلة السمان» كي يُخيفوا المعتصمين؛ ليتركوا الميدان الذي تواجدوا به قبل أيام مضت.
ولكن حكمًا قضائيًا بالبراءة كان حاسمًا، ليترك القضية مفتوحة بدمٍ لم يجف بعد، ما زال يصرخ مطالبًا بالقصاص ممن أراقه، وإن بقي مجهولًا إلى الآن.
«إنني أطالب السلطات الرقابية والقضائية بأن تتخذ على الفور ما يلزم من إجراءات لمواصلة ملاحقة الفاسدين، والتحقيق مع المتسببين في ما شهدته مصر من انفلات أمني، ومن قاموا بأعمال السلب والنهب، وإشعال الحرائق وترويع الآمنين». هكذا تمنى مبارك!.. ليبقى السؤال، من قتل الثوار يوم موقعة الجمل؟