في ذكرى ميلادهما.. تشابهت أقدار عبدالوهاب ودرويش

في ذكرى ميلادهما.. تشابهت أقدار عبدالوهاب ودرويش

تُرى هل تلتقي الأرواح حقا؟ هل يلعب القدر لعبته ويجمع أقدار المُبدعين سويا؟ هل يمكن أن يكون الحديث حول وجود شهر أو يوم يولد فيه العظماء ليس خيالا؟ أم أن الأمر برمته مجرد مصادفة لا أكثر ولا أقل؟

يُصادف اليوم، 13 مارس، والذي يصادف أيضا ميلاد اثنين من أعظم من جاءوا في مجاليهما، ففي مثل هذا اليوم عام 1902 ولد موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وفي عام 1941 ولد الشاعر الفلسطيني محمود درويش.

«أحس بأن الفن والخاطر شيء مجهول يتعقبني إلى أن يصل إليّ فينطبق علي ولا يتركني حتى يعصرني»، قالها عبدالوهاب، ويقول درويش «أنا من تقول له الحروف الغامضات: أكتب تكن واقرأ تجد.. وإذا أردت القول فافعل.. يتّحد ضدّاك في المعنى وباطنك الشفيف هو القصيد»..

محمد عبدالوهاب اشتهر بوطنيته، وارتبط اسمه بالأغنيات الوطنية، حتى طُلب منه تلحين النشيد الوطني، ومنحه السادات رتبة عسكرية فخرية، وهي «اللواء»، وكذلك اشتهر درويش بإيمانه بقضية وطنه فلسطين، يقول «ما هو الوطن؟ هو الشوق إلى الموت من أجل أن تعيد الحق والأرض. ليس الوطن أرضا، ولكنه الأرض والحق معا، الحق معك، والأرض معهم».

«استمع إلى أم كلثوم كل ليلة منذ كان الخميس جوهرتها النادرة وسائر الأيام كالعقد الفريد. هي ادمان الوحيد وإيقاظ البعيد» عبّر درويش عن حبه للست أم كلثوم، التي غنّى معها «على قد الليل مايطوّل» من ألحان سيد درويش، قبل أن يُلحن لها مجموعة من أنجح أغنياتها، مثل «أنت عمري، أمل حياتي، فكروني، أنت الحب، ودارت الأيام، وأغدا ألقاك».

رافق الفشل عبدالوهاب في زيجتيه، حتى تزوج للمرة الثالثة من نهلة القدسي، وكذلك رافق الفشل درويش، الذي تزوج مرتين، فقرر ألا يكرر التجربة، يقول: «إنني مدمن على الوحدة، لم أشأ أبدا أن يكون لي أولاد، وقد أكون خائفا من المسؤولية، أحب أن أقع في الحب، حين ينتهي الحب، أدرك أنه لم يكن حبا، الحب لا بد أن يُعاش، لا أن يُتذكر».

رغم أن درويش كان يتغنّى بعشقه للقهوة في كل مناسبة، وقال عنها فيما قال «القهوة لا تُشرب على عجل، القهوة أخت الوقت تُحتسى على مهل، القهوة صوت المذاق، صوت الرائحة، القهوة تأمل وتغلغل في النفس وفي الذكريات»، إلا أن ذلك التغلغل لم يطل نفس عبدالوهاب، الذي وصل به الأمر لمنع رواد معهد الموسيقى من تناول القهوة حتى يُتم «البروفة» مع فرقته.

انتهت حياتي درويش وعبدالوهاب نهايات مؤلمة، ففي حين توفي عبد الوهاب في مساء الرابع من مايو 1991، بعد إصابته الخطيرة بجلطة في المخ، بعد أن انزلقت قدماه وسقط على أرضية منزله. أما درويش فقد توفي بعد إجراءه لعملية قلب مفتوح في مركز تكساس الطبي في أمريكا، دخل على إثرها في غيبوبة، ومات بعد أن نزع عنه الأطباء أجهزة الإنعاش، بناءً على وصيته التي تركها قبل العملية.

مرة أخرى تتشابه أقدار محمد عبدالوهاب ومحمود درويش، حين قرر الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك تشييع جنازة محمد عبدالوهاب في جنازة عسكرية في الرابع من مايو 1991. فيما قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس إعلان الحداد ثلاثة أيام في كافة الأراضي الفلسطينية، وتم دفنه في الثالث عشر من أغسطس برام الله، وشارك في جنازته الآلاف من الفلسطينين.

اخترنا لك عشان 2

شيماء عبدالعال

شيماء عبدالعال

صحفية مصرية مهتمة بالكتابة في ملف الأدب والثقافة