للصحفيين.. الجرأة حلوة لكن بهذه الطرق تهرب بقصتك سالما
تخيل هذا.. تقرأ في أحد الأخبار أن مدينة ما تتعرض لقصف عنيف، مثلما تتعرض مدينة حلب حاليا للقصف، ولكن يخلو الخبر من أي صور حيّة من قلب المعاناة السورية، هل سيكون تأثيرها بنفس مقدار تأثير صورة واحدة لكهل أو طفل تمزق جسده؟
الصورة هي ما ينقل جزءًا من الحقيقة إلى من لا يرونها، هي أقوى من الكلمات مهما أطلت التعبير عن حجم المأساة في الواقع، ولكن كي يلتقط الصحفي تلك الصورة التي نقلت لك الحقيقة، فقد غامر بحياته وسلامته الشخصية.
العمل الصحفي أو الإعلامي بشكل عام في مكان يشهد نزاعا مسلحا يعني خطرا داهما يهدد حياة الصحفي طوال الوقت، وإن كنت تعمل في هذا المجال أو تفكر في خوض التجربة، فهناك عدد من النصائح يجب أن تنتبه إليها أولا.
تلك النصائح لا تُوجه فقط للصحفيين في سوريا أو ليبيا أو البلاد التي تشهد حروبا بشكل عام، بل تمتد للصحفيين المسؤولين عن تغطية الاشتباكات المسلحة التي قد تحدث حتى في شوارع مصر.
التتبع
وقعت حوادث مشابهة، خاصة في سوريا وفلسطين، حين تقوم القوات الأمن بتتبع هواتف الصحفيين واستهدافهم واغتيالهم فجأة قبل حتى أن يتأهب الصحفي للهروب أو الاختباء.
كصحفي، يجب أن يكون الشك غريزة لديك، خاصة في تلك الظروف، قد يكون كلا الطرفين المتنازعين يتتبعانك، خاصة مع ظهور الهواتف الذكية التي تمكن أي طرف من معرفة مكانك بالضبط، لذا أمامك طريقتين للهروب من ذلك التتبع.
الأولى أن تلجأ لشراء أحد الهواتف الذكية باهظة الثمن التي لا يمكن تتبعها أو التجسس عليها؛ لاحتوائها على شفرات لا يمكن حلّها. أما الطريقة الأخرى فهي التخلي عن الهاتف بشكل كبير في معاملاتك، والاعتماد على المقابلات الشخصية بدلا من التحدث عبر الهاتف.
"70% من حالات قتل الصحفيين حدثت في أماكن تشهد حروبا" الوكالة
لا تذهب للعمل في مكان غير آمن وخطر عليك كصحفي حر أو freelance، إما أن تكون تابعا لوكالة أو موقع إخباري أو لا تذهب من الأساس.
العمل كصحفي حر يعني أن تبيع المادة بالقطعة لإحدى الوكالات، مما يجعلك تغامر وتقترب من مناطق الخطر أكثر؛ كي تحصل على لقطة مميزة ومختلفة تنال عليها مقابلا مرضيا.
أما إن كنت تعمل لصالح إحدى الوكالات بشكل ثابت، فهذا يعني أن راتبك تتقاضاه بشكل ثابت مما يُدخل عليك الطمأنينة ويجعلك أكثر حرصا على حياتك.
مهارات البقاء على قيد الحياة
منظمة دعم الإعلام الدولي أُنشأت في الأساس لتصبح مكرسة لمساعدة الصحفيين المسؤولين عن تغطية مناطق الحروب أو النزاع المسلح عموما.
تقدم تلك المنظمة مجموعة من الدورات في الإسعافات الأولية ودورات كيف تبقى حيًا. تُزودك هذه الدورات بالمهارات اللازمة والضرورية لك كي تتعامل مع الجروح. كما تُعلمك كي تتصرف إن وقعت في منتصف النزاع وتنجو بنفسك دون خسائر.
تعلّم الثقافة
بشكل عام، إن كنت ستنتقل للعمل ببلد آخر يختلف عن ثقافة بلدك فعليك دراسة ثقافة ذلك البلد جيدا، ما بالك إن كان يشهد حربا أهلية؟ غالبا تشهد مناطق الحروب اختلافات ثقافية وفكرية، مما يعني أن مظهرك كصحفي أجنبي سيكون لافتا للأنظار وهذا آخر ما تحتاج إليه.
الصحفيات الأجنبيات حين يأتين لتغطية أحداث في بلاد عربية يعلمن أن عليهن الالتزام بملابس أكثر احتشاما من الملابس المعتادة في بلادها. الصحفي الذكي فقط هو من يكون مستعدا للتأقلم مع ثقافة أهل البلد، سواء اتفق معها أو رفضها.
لا تغامر
تذكر هذا، حياتك أغلى وأهم من القصة الخبرية، سلامتك الشخصية هي أول ما يجب عليك التفكير فيه والحرص عليه، إن تعرضت للخطر لن ترى لقطتك النور بأي حال، ولكن إن نجوت أنت فقد ترويها.
تجنب مواضع الخطر، لا يتعلق الأمر بالشجاعة بقدر ما يتعلق بحرصك على روحك وسلامتك، لا داعي لأن تعرض نفسك للموت فداء صورة أو مقطع فيديو، أو أن تتعرض للاعتقال أو السجن.
الكاميرا لم تستشهد .. وبقيت الشاهد الوحيد ! مؤلم هذا الفيديو جدا :( Posted by عايش يونس on Thursday, April 28, 2016
اتبع الآخرين
ستجلس لتفكر أي مكان أصلح لأن تذهب إليه، وحين تجد عزوفا من الصحفيين عن مكان بعينه تعتقد أن الفرصة قد جاءتك وعليك اقتناصها والتوجه إلى ذلك المكان كي تصبح أنت المصدر الوحيد، أو أحد المصادر القليلة عن الأخبار بها، وهذا خاطيء تماما.
هناك حكمة ما بالتأكيد من عزوف الجميع عن ذلك المكان، بالتأكيد نسبة الخطر به أعلى من أي مكان آخر، التفرّد والخروج عن السرب جيد عادة، ولكن في هذه الحالة ليس كذلك، اتبع الآخرين، أن يهجر الجميع مكانا ما فهذا يعني بالتبعية أن تهجره أنت أيضا.
تعلم متى تهرب
هناك شكل نمطي في أذهاننا عن الصحفي المغامر المقدام، الذي يقتحم الخطر ليتلقط صورة تهز العالم، حسنا هذا جيد وحلم كل صحفي، ولكن لكل شيء حدود.
في لحظة بعينها عليك أن تهرب، وتترك جميع القصص وراءك وتنجو بحياتك. بقاؤك سالما يعني أن لديك إمكانية للعودة في وقت لاحق، أما استمرارك في نفس المكان قد يعني رحيلك عن الدنيا بالكامل.