طيار حربي ورائدا فضاء... في أول مهمة للهبوط على القمر
كان العام 1961 عندما راودت الرئيس الأمريكي جون كنيدي رغبة في إرسال أول رائد فضاء للقمر، في وقت كانت أمريكا تجري أوائل تجاربها بإرسال البشر للفضاء.
وهنا قررت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» أنها لا بد أن تكون قادرة على أخذ تلك المغامرة. وتم تجهيز المركبة الفضائية «أبوللو» لهذه المهمة، بعد ثماني سنوات من حلم الرئيس الأمريكي.
ثلاثة رجال وليس رجل واحد
لم يكن «نيل أرمسترونج» وحده في المركبة ... وهو الرجل الذي عرفه العالم بأول إنسان يخطو على سطح القمر.. كان معه رائدا فضاء آخران، هما «إدوين باز ألدرين» و«ميشيل كولينز» الجنديان المجهولان في أول عملية يقودها بشر للنزول على سطح القمر.
انطلقت «أبوللو 11» في الـ16 من يوليو عام 1969، وبعد أربعة أيام، هبط كل من «أرمسترونج» و«ألدرين» على سطح القمر، بينما ظل «كولينيز» في المركبة، في مدار حول القمر، يجري التجارب ويلتقط الصور.
طاقم الرحلة.. «أرمسترونج» على اليسار، و«كولونيز» في المنتصف، و«ألدرين» على اليسار
كان استكشاف سطح القمر مهمة الرجال الثلاثة، وقد هبطوا على القمر في نفس التوقيت، «نيل» كان قائد الرحلة وأولهم في الخروج من المركبة، لذلك سجلت له تلك اللحظة التاريخية بأنه أول رجل يسير على سطح القمر.
جمع الرجلان عينات من سطح القمر وبعض الأحجار، واستمرا ثلاثة ساعات في إجراء تجاربهم، ورفعا علم أمريكا، ثم عادا إلى المركبة.
اقرأ أيضا⇐«المدينة القديمة أصبحت أثر.. هذه حكاية حلب»
طيار حربي ورائد فضاء
«آرمسترونج» هو في الأصل طيار حربي؛ فمنذ أن أخذه والده في عمر الخمس سنوات في رحلة بالطائرة، وقد وقع في غرام هذه الماكينة العجيبة، في وقت كانت فيه أمريكا في عصرها الذهبي لصناعة الطائرات.
لم يفوت «نيل» الفرصة ليقدم كل ما لديه عندما استعدته البحرية الأمريكية عام 1949 في عمر الـ18 عاما. وبعد تدريب استمر 18 شهرا، أصبح طيارًا جويًا مسئولا عن الهبوط على حاملات الطائرات في البحر.
شارك «أرمسترونج» في الحرب الكورية عام 1950 وحصل على العديد من الجوائز والأوسمة لبراعته الشدية في فن المناورة.
حصل «نيل آرمسترونج» على وسام النجمة الذهبية لخوضه 20 مهمة قتالية في كوريا.
بعد انتهاء خدمته في الجيش الأمريكي، عام 1952 اتجه لدراسة هندسة الطيران بجامعة «بوردو» ليصبح باحث طيار بوكالة «ناسا» بعد تخرجه. وكان أول من قاد مناورة بين مركبتين فضائيتين.
أما اختياره ليكون قائد المركبة «أبوللو 11» المكلفة بالهبوط على سطح القمر، فقد كان تحديًا يختبر مهارته في الطيران إلى أقصى حد، فقد كانت من أهم وأصعب شروط الرحلة أن يعود الطاقم سالمًا دون أي خسائر.
بعد نجاح مهمة «أبوللو 11» قرر «أرمسترونج» أنه لن يقوم بأي مهام أخرى في الفضاء، وسيتفرغ للبحث العلمي، في هندسة الطيران والفضاء.
اقرأ أيضا⇐«حكاية التوقيت الصيفي.. من مندوب أمريكا لرئيس وزراء مصر»
انتصار على روسيا
كانت مهمة «آرمسترونج» انتصارًا لأمريكا على روسيا في مجال العلوم، بعد أن أخذت روسيا الخطوة الأولى، وأرسلت أول إنسان للفضاء وهو «يوري جاجارين».
توفي «نيل آرمسترونج» عام 2012 في الثانية والثمانين من عمره. ورغم حياته الحافلة بالإنجازات والبحث العلمي، كان يفضل أن يبقيها بعيدًا عن الأضواء، وكان مُقلًا جدا في إجراء المقابلات الإعلامية، والحفاظ على حياته الخاصة هادئة؛ بعد أن سجل أول خطوة في إنجازات البشرية في علوم الفضاء، أو كما قال هو بعد هبوطه على سطح القمر: «إنها خطوة صغيرة جدا بالنسبة لإنسان.. وكبيرة جدًا بالنسبة للبشرية».
حصل «آرمسترونج» على الدكتوراه الفخرية من عدة جامعات.. وعمل أستاذًا جامعيا في علوم الفضاء
⇓نرشح لك⇓