أحمد مظهر.. فارس قتلته الوحدة والمرض

أحمد مظهر.. فارس قتلته الوحدة والمرض

في مثل هذا اليوم، الأربعاء 8 مايو عام 2002، كان هو وحده يصارع مرضه الذي توغل في جسده، يحاول أن يُروّضه مثلما عاش عمره كله في ترويض الخيول الجامحة ولكن سنوات عمره التي قاربت الـ85 عاما لم تُسعفه. بعد ثلاثة أيام قضاهم يحاول التشبث بالحياة في مستشفى الصفا بالقاهرة، استسلم أخيرا، ومات أحمد مظهر.

«البرنس»، «فارس السينما المصرية»، «الوسيم» ألقاب التصقت باسمه بمجرد ظهوره فنيًا لأول مرة، رغم بدايته العسكرية الخالصة. قادته الصدفة وحدها ليصبح أحد نجوم السينما، تقفه أمامه النجمات، وتتمنى لقاءه المعجبات.

احمد مظهر

أحمد مظهر من مواليد 8 أكتوبر عام 1917 من أصل تركي وفقًا للكثير من الروايات، التحق بالكلية الحربية وزامل الرئيسين جمال عبدالناصر ومحمد أنور السادات، وتخرجوا سويًا عام 1938. التحق مظهر بسلاح المُشاة ثم انضم لسلاح الفرسان، وتدرّج حتى وصل إلى قيادة مدرسة الفروسية.

عام 1948 كان فارقًا في حياة مظهر، ففيه شارك في حرب فلسطين، وحين عاد قدمه زكي طليمات في مسرحية «الوطن» لأول مرة كممثل، ليبدأ من بعدها سيل الأعمال الفنية والسينمائية.

ظلّ مظهر عسكريًا حتى عام 1951، حين طلب المخرج إبراهيم عز الدين، من وزارة الحربية عددا من الخيول والفرسان للمشاركة بفيلم «ظهور الإسلام»، وكان مظهر قائد مدرسة الفروسية، فلفت نظر عز الدين لوسامته ومهارته في الفروسية، فقرر إسناد الدور الرئيسي بالفيلم لمظهر.

في العام التالي، رشّح الأديب يوسف السباعي مظهر لأداء دور «البرنس علاء» في روايته «رد قلبي» لتحويلها إلى فيلم سينمائي، وكان الدور شبيه بمظهر لفروسيته وأصوله الشركسية، وبالفعل حقق الفيلم نجاحا كبيرا ونجح مظهر في تأدية دور البرنس بجدارة، ما جعل مظهر يتخلى عن بدلته العسكرية عام 1956 ليتفرغ للفن.

بدأ مظهر رحلته الفنية، وأُسندت إليه الكثير من الأدوار المختلفة، إلا أن كثير منها ظغى عليه طبيعة أحمد مظهر الأرستقراطية، مثل دوره في رد قلبي، الأيدي الناعمة، وا إسلاماه، ولعل أبرزهم وأكثرهم شهرة على الإطلاق هو قيامه بالدور الرئيسي في فيلم الناصر صلاح الدين.

الغير متوقع هو النجاح الكبير الذي حققه مظهر في أداء الأدوار الكوميدية، كأفلام لصوص لكن ظرفاء، أضواء المدينة، الجريمة الضاحكة، والعتبة الخضراء. كما نجح في الأدوار الدرامية كأفلام دعاء الكروان، غرام الأسياد، غصن الزيتون، النظارة السوداء، والنمر الأسود.

بجانب الأفلام، نجح مظهر في الأعمال الدرامية، وشارك في عدد من أبرز المسلسلات المصرية مثل ليالي الحلمية، ضمير أبلة حكمت، ضد التيار، على هامش السيرة، ألف ليلة وليلة، وحب في الحقيبة الدبلوماسية.

في عزّ مجده، قرر مظهر الاحتجاب عن الشاشات، حين شعر أن نجمه أوشك أن يأفل، وقرر البقاء في منزله واستثمار وقته فيما يحب، مثل الفروسية وزراعة الأشجار النادرة في حديقته الخاصة، كما تردد ما يُفيد أن عشقه للميكانيكا جعله يفتح مشروعا صغيرا لتصليح السيارات.

ولكن العاشق لا يتوب، وبمجرد أن ناداه الفن مجددا عاد له مهرولا، وقدّم أحد أهم أفلامه، وأهم أفلام السينما المصرية بشكل عام، أمام السندريلا وهو فيلم شفيقة ومتولي.

بعد عدد من الأعمال الفنية الناجحة، عاد مظهر إلى قوقعنه الخاصة، وطارده المرض «التهاب رئوي حاد»، المُدقق يجد أن السجائر كانت رفيقة يدي مظهر، لا يبتعد عنها في فيلم أو حتى لقاء تلفزيوني. تدهورت حالته الصحية، خاصة مع وحدته بعد وفاة زوجته وفرسه المفضل وزواج أبناءه الأربعة.

حين وصلت صحة مظهر إلى أقصى لحظاتها حرجا، نُقل إلى المستشفى وظلّ بها 3 أيام ينازع الموت إلى أن انتصر الأخير، وأُعلن عن وفاة مظهر وفقد الشاشة المصرية والعربية فنانا راقيا وسيما، بدأ عسكريًا وانتهى فارس السينما.

شيماء عبدالعال

شيماء عبدالعال

صحفية مصرية مهتمة بالكتابة في ملف الأدب والثقافة