«السرقة» في السينما.. عرض مستمر من أيام إسماعيل ياسين

«السرقة» في السينما.. عرض مستمر من أيام إسماعيل ياسين

كتب- محمد أحمد:

يقتبس صناع السينما في مصر منذ زمن بعيد أفكار الأفلام من أعمال أجنبية ويحاولون تمصيرها لتتلاءم مع البيئة والثقافة المحلية، وتساوى في ذلك صٌناع السينما قديماً وحديثاً.

في هذا التقرير يستعرض «شبابيك» أمثلة لعدد من الأفلام المقتبسة من السينمات العالمية، ورأى النقاد في هذا الأمر الذي تحول إلى ظاهرة في السنوات الأخيرة.

الخمسينات طيش شباب

تاريخ الفن السابع فى مصر يروى لنا أن ظاهرة الاقتباس ضاربة فى جذور السينما المصرية، فعلى سبيل المثال قدمت السينما المصرية عام 1951 فيلم «طيش شباب» وهو سيناريو وإخراج أحمد كامل مرسي، وقصة وحوار علي الزرقاني، وبطولة سميحة مراد، وحسين رياض، ومحمود المليجي، ونور الدمرداش. والفيلم مأخوذ عن الفيلم الأمريكي «العيون السوداء» عام 1940.

وكر الملذات

وفى عام 1957 تم تقديم فيلم «وكر الملذات» من إخراج حسن الإمام، عن قصة وسيناريو وحوار محمد مصطفى سامي، وبطولة صباح، وشكري سرحان، وزوزو نبيل، وحسين رياض. والفيلم مأخوذ عن الفيلم الأمريكي «مكان تحت الشمس» لمؤلفه ومخرجه جورج ستيفنس.

الستينات

neda2-al3osha9

وفي عام 1960 عُرض فيلم «نداء العشاق» للمخرج يوسف شاهين، وسيناريو وحوار عبد الحي أديب ووجيه نجيب، وبطولة برلنتي عبد الحميد، وشكري سرحان، وفريد شوقي، وتوفيق الدقن عن الفيلم الأمريكي «صراع تحت الشمس» للمؤلف والمخرج كينج فيدور.

وفي عام 1961 أخرج حسن الإمام فيلم «الخرساء» عن قصة وسيناريو وحوار محمد مصطفى سامي والمأخوذ عن فيلم «جوني بليندا» لـجون نيجولسكو. والفيلم بطولة سميرة أحمد، وحسن يوسف، وعماد حمدي، وزكي رستم، وزوزو نبيل.

وعن فيلم «سابرينا» لـويللي وايلدر قدم رمسيس نجيب في نفس العام «غرام الأسياد» وهو سيناريو وحوار يوسف السباعي، وبطولة لبنى عبد العزيز، وأحمد مظهر، وعمر الشريف، وشويكار.

السبعينات

وقدم المخرج أشرف فهمي في عام 1974 فيلم «امرأة عاشقة» من سيناريو وحوار مصطفى محرم عن الفيلم الأمريكي «فيدرا» للمخرج رالف ليفي. والفيلم من بطولة شادية، وحسين فهمي، ومحمود مرسي، ومديحة حمدي، وتوفيق الدقن.

وعن الفيلم الفرنسي «المهاجر» والمأخوذ عن رواية «مهاجر برسبان» لـجورج شحادة قدم يوسف شعبان محمد فيلم «الرغبة والثمن» عام 1978، وهو بطولة شكري سرحان، وناهد شريف، وصفاء أبو السعود، ويوسف فخر الدين.

الثمانينات

وفى عام 1983 عُرض فيلم «خمسة باب» والمأخوذ عن الفيلم الأمريكي «ايرما الرقيقة» لـبيلي وايلدر. والفيلم من إخراج نادر جلال، وسيناريو وحوار شريف المنباوي، وبطولة عادل إمام، ونادية الجندي، وفؤاد المهندس.

وفي عام 1986 أخرج حسين الوكيل فيلم «الأنثى» المأخوذ عن الفيلم الفرنسي «وخلق الله المرأة»، وقام ببطولته ليلى علوى، وحسين فهمي، وفاروق الفيشاوي، وأمينة رزق، ومحمود مسعود.

التسعينات

وفي عام 1990 قدم المخرج محمد ياسين فيلم «حنفي الأبهة» الذي لعب بطولته عادل إمام، وسعيد صالح، وسوسن بدر. والعمل مقتبس من الفيلم الأمريكي «48 ساعة» للمخرج والتر هل، وبطولة إيدي مورفي، ونيك نولتي.

العظماء السبعة

وعن الفيلم الأمريكي «العظماء السبع» والمقتبس من الفيلم الياباني «السموراي السبع»، قدم المخرج سمير سيف في عام 1991 فيلمه «شمس الزناتي»، بطولة عادل إمام، ومحمود الجندي، وسوسن بدر.

أفلام حديثة

وفي السنوات الأخيرة اتجه صناع السينما المصرية إلى والاقتباس فيما يمكن اعتباره عملية نقل كاملة «طبق الأصل» من السينما العالمية، وهذا ما حدث مع عدد كبير من الأعمال الأجنبية، ففي عام 2010 عُرض فيلم «سمير وشهير وبهير» والذي قام ببطولته الثلاثي أحمد فهمي، وهشام ماجد، وشيكو. وفكرة الفيلم مقتبسة من الفيلم الأجنبي «العودة إلى المستقبل» من بطولة مايكل جي فوكس، وليا طومسون.

سمير وشهير وبهير

وفي عام 2012 اقتبس نفس الثلاثي فكرة «بنات العم» من الفيلم الأجنبي «هوت شيك» وهو إنتاج 2002 وبطولة روب شنايدر، وراشيل ماك ديمز.

الحرب العالمية التالتة

وكرر الثلاثي فكرة الاقتباس مرة ثالثة عام 2014 في فيلم «الحرب العالمية التالتة»، والمقتبس من الفيلم الأمريكي «ليلة في المتحف»، الذي عُرض عام 2006 ولعب بطولته الممثل بن ستيللر.

ليلة فى المتحف

أما فيلم «جيم أوفر» والذى عُرض عام 2012، من بطولة مي عز الدين، ويسرا، ومحمد نور فمقتبس من الفيلم الأجنبي أو «حماتي وحش كاسر» بطولة جنيفير لوبيز، ومايكل فارتان، وجين فوندا.

توم وجيري

ويأتي فيلم «توم وجيمي» من إنتاج 2013 وبطولة هاني رمزي، حسن حسني، ضمن الأفلام المقتبسة فهو مأخوذ عن الفيلم الأجنبي «دينيس الخطر» بطولة جوان بلورايت، وميسون جامبل، ووالتر ماثو.

movie_46111

أما فيلم «جوازة ميري» والذي لعب بطولته ياسمين عبد العزيز، وحسن الرداد، وكريم محمود عبد العزيز، وعُرض عام 2014 ففكرته مقتبسة من فيلم «هذا معناه الحرب»، بطولة توم هاردي، وكريس بين، وريس ويذرسبون وهو من إنتاج 2012.

جوازة ميري

هذا معناه الحرب

«الهرم الرابع» الذي عُرض هذا العام ولعب بطولته أحمد حاتم، ومريهان حسن، وأخرجه وقام بكتابته بيتر ميمي، فكرته مقتبسة من المسلسل الأمريكي «مستر روبوت» الذي أنُتج العام الماضي.

وعن الفيلم الأجنبي «ملتصق بك»، بطولة مات ديمون، وجريج كينير، والذي عُرض عام 2003، قدم المخرج وائل إحسان فيلم «حسن وبقلظ» في عام 2016، بطولة علي ربيع، ويسرا اللوزي.

تمصير العمل

في كتابها «سينما العنف.. سينما الاغتصاب» تقول الناقدة الفنية أمل فؤاد عريان إن الدافع الرئيسي للاقتباس في السينما المصرية هو نجاح العمل الأول على المستويين الفنى والجماهيري، مشيرة إلى أنه نادراً ما يحقق الفيلم المقتبس نفس النجاح الأول، أو يقدم إضافة أو رؤية جديدة تستحوذ على انتباه المشاهد دون النظر إلى الأصل.

ورغم ذلك تشير «عريان» إلى أن هناك مخرجين وكتاب سيناريو استطاعوا تقديم رؤية مصرية في عديد من الأفلام المقتبسة، وعبروا عن شريحة اجتماعية وفق خصوصية مصرية وتكنيك فني مختلف عن الأصل، وهذا ما حدث في فيلم «نداء العشاق» للمخرج يوسف شاهين والمأخوذ عن فيلم الأمريكي «صراع تحت الشمس»، وكذلك المخرج حسام الدين مصطفى الذي نجح في تمصير فيلمه «توحيدة» ليكون إبداعاً موازياً لقصة «فاني»، فالفيلم الأول تدور أحداثه في محلج القطن والثانى عن حياة البحر والعلاقات بين الشرائح التي تنتمي إلى الطبقات المتوسطة.

الناقد الفني رامي العقاد لـ«شبابيك» إن الاقتباس من السينما العالمية ضارب وممتد في تاريخ السينما المصرية، فهناك أفلام اقُتبست بالكامل في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي منها أفلام كاملة لإسماعيل ياسين وهي طبق الأصل من أفلام عالمية، كما أن عددا من مشاهد أفلامه الأخرى مأخوذة من أفلام شارلي شابلن.

ويوضح أنه في القرن الماضي كان صُناع السينما المصرية يقتبسون بعض الأعمال إلا أنهم يضفون عليها الروح المصرية ويصبغونها بالبيئة والثقافة المحلية، ولكن في السنوات الأخيرة أصبحوا يستسهلون في الاقتباس لدرجة أنهم لا يسعون لتغيير «أفيش الفيلم»، وهذا يُخرج العمل وكأنه مسخاً خالياً من الإبداع.

ويشير «العقاد» إلى أن شيوع ظاهرة اقتباس أفكار الأفلام السينمائية يعبر عن حالة من الافلاس الفني لدى المؤلفين وكتاب السيناريو، مؤكداً أن التقليد ساهم في تدني مستوى الفيلم المصري وهذا يبرر قلة الأعمال المصرية التي تشارك فى مهرجانات عالمية، خاصة أن هذه المهرجانات لا تقبل بالأفلام المقتبسة من أفلام اخرى.

وأبدى اندهاشه من عدم وجود جهات رقابية مصرية منوط بها مراقبة الأفلام المقتبسة وتوقيع جزاءات على صُناعها، مشيراً إلى أن جهاز الرقابة على المصنفات الفنية ونقابة المهن التمثيلية يقفان موقف المتفرج من هذه الظاهرة التي تهدد صناعة السينما المصرية في مقتل.

من جانبه قال إيهاب فهمي عضو مجلس نقابة المهن التمثيلية لـ«شبابيك» إن نقابة السينمائيين هي الجهة المنوط بها مواجهة ظاهرة الاقتباس أو سرقة أفكار الأفلام السينمائية، لأن هذه الظاهرة تتعلق بالسيناريو في المقام الأول وهو أمر يدخل في نطاق مسؤوليات «السينمائيين» وليس «التمثيليين» المنوط بها كل ما يتعلق بأمر التمثيل والممثلين فقط.

مسعد فودة نقيب السينمائيين أكد بدوره أن النقل والاقتباس أمر متعارف عليه في التراث الحضاري والإنساني، لكن النقل طبق الأصل في الفن وتحديداً في السينما يحول العمل الفني إلى «مسخ» خاصة إذا تجاهل صناع العمل معطيات البيئة المحلية.

وقال «فودة» لـ«شبابيك» إن الاقتباس وسرقة الأفكار يؤثران سلباً على مستوى التأليف وكتابة السيناريو في مصر، مشيراً إلى أنه مع ازدياد وتيرة الاقتباس فلن نجد كُتاباً يعبرون عن تفاصيل الحياة المصرية ومعطياتها بعد أن اتجه صناع السينما إلى الاستسهال والنقل من السينمات العالمية.

وأوضح أنه من الأحرى بصناع العمل الفني المقتبس أن ينوهوا في مقدمة الفيلم إلى أنه مقتبس، وبدون هذا التنويه يعتبر العمل مسروقاً.

وقال «فودة» إن مواجهة هذه الظاهرة الآخذة في التزايد تتوقف بشكل أساسي على ضمير الفنان الذي يقوم باقتباس العمل، خاصة أنه لا يوجد نص قانوني يعاقب المُقتبسين ما دام أن صناع العمل الأول لم يتقدموا بأي شكوى لجهاز الرقابة على المصنفات الفنية حتى تحقق فيها.

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر