رئيس التحرير أحمد متولي
 كاميليا.. قصة غريبة عن عشيقة الملك المتهمة بالتخابر مع الموساد

كاميليا.. قصة غريبة عن عشيقة الملك المتهمة بالتخابر مع الموساد

الفنانة كاميليا صاحبة إثارة وألغاز منذ مولدها في عام 1919 حتى وفاتها في 1950، إلا أن الأكثر تعقيدا في حياتها القصيرة هو ما ارتبط بطريقة وفاتها، وما إن كانت قضاءً وقدراً أم بفعل فاعل، خاصة في ظل ما تردد حول عمالتها للموساد. طاهر البهي حاول حل هذه الألغاز في كتابه «الفنانون والمخابرات».

اسمها الحقيقي هو ليليان فيكتور كوهين. ورغم نسبها إلى هذا الأب إلا أن كثيرين أكدوا أن لا صلة لها بهذا الرجل، فالأم «أولجا» - اليونانية الأصل – تزوجت 3 مرات. الزواج الأول من موظف سكندري مسلم الديانة، والثاني من تاجر موبيليا سكندري أيضاً مسيحي، بينما كان الثالث من يهودي يدعى فيكتور كوهين.

ولسبب غير مفهوم اختارت «أولجا» الزوج الثالث لتنسب ابنتها المولودة له، إلا أن «فيكتور» أنكر هذا النسب، وانتزع من الأم تعهداً بألا ترثه هذه الابنة المزعومة، ما اضطر الأم إلى تعميد ابنتها في الكنيسة استناداً إلى ديانتها.

وكبرت الابنة وتفجرت فيها معالم الأنوثة مبكراً ما ساعد على التحاقها بالمجال الفني الذي اقتحمت من خلاله عالم الكبار في المجتمع حتى وصلت إلى رأس السلطة المتمثل في الملك فاروق والذي تسببت علاقته بها في اتهامها بالتجسس عليه، وعلى الدولة المصرية لصالح الكيان الصهيوني وقتئذ.

شبكة تجسس على الملك

هناك فريق يرى أن كاميليا كانت عضواً نشطاً في شبكة التجسس على الملك وعلى الأوضاع السياسية في مصر في تلك الفترة المهمة من فترات الصراع العربي الإسرائيلي، مستنداً في ذلك إلى علاقة كاميليا الخاصة جداً بالملك فاروق الذي كان يدللها بـ«كامي».

تغلغلت كاميليا داخل عقل ومشاعر الملك حتى أنها عرفت قرار طلاقه من الملكة فريدة قبل إعلان الخبر رسمياً، وعلى هذا فقد توافرت لها الظروف التي تجعلها على دراية بأدق الأحداث والتفاصيل داخل القصر أكثر من أي شخص آخر، كما اقتربت واخترقت دائرة مجتمع رجال السياسة والمال، معتمدة على أنوثتها الطاغية وموهبتها في استقطاب الرجال.

تغلغلت كاميليا داخل عقل ومشاعر الملك حتى أنها عرفت قرار طلاقه من الملكة فريدة قبل إعلان الخبر رسمياً، وعلى هذا فقد توافرت لها الظروف التي تجعلها على دراية بأدق الأحداث والتفاصيل داخل القصر أكثر من أي شخص آخر، كما اقتربت واخترقت دائرة مجتمع رجال السياسة والمال، معتمدة على أنوثتها الطاغية وموهبتها في استقطاب الرجال.

وفي كتابه «فنانات في الشارع السياسي» يؤكد حنفي المحلاوي أن كاميليا كانت عميلة للموساد في الفترة من عام 1948 حتى وفاتها عام 1950.

ونفس الرأي يتبناه أستاذ التاريخ الدكتور محمود متولي، فيقول إن كاميليا كانت مزودة ببعض التعليمات من الوكالة اليهودية في تل أبيب، وكان في استطاعتها السفر في أي وقت تحت ستار عملها بالتمثيل، وحدد قبرص كمكان لالتقائها مع عملاء الوكالة.

ولا يستبعد «متولي» أن تكون أخبار سير العمليات الحربية في فلسطين التي كانت تحت بصر الملك فاروق تصل إلى كاميليا أثناء علاقتها به.

علاقة غرامية

المعارضين لفكرة عمالة كاميليا للموساد يعتقدون أن الملك فاروق هو الذي أشاع هذه التهمة عنها عندما ملّ الحياة معها وأراد أن يتخلص منها. بل إن أصحاب هذا الرأي يرون أن الملك هو الذي دبر لها حادث الطائرة عندما اكتشف أنها تخونه مع غيره من الرجال.

وقالوا إن سلاح الطيران الملكي لم يقم بالبحث عن الطائرة المفقودة داخل الأراضي المصرية، والتي تم الكشف عنها بعد ذلك محترقة عند مدينة الدلنجات بمحافظة البحيرة.

مفارقات غريبة

ولكن كيف وقع الحادث؟ كانت كاميليا تشعر بآلام متكررة في معدتها وأرادت أن تطمئن على صحتها وتعالج هذا المرض، فاتصلت بأحد أشهر الأطباء الأجانب الذي أعطاها موعداً بعد يومين، واتصلت بشركة طيران «t.w.a» وطلبت حجز تذكرة في أقرب وقت ممكن.

ولكن موظف الحجز اعتذر لها بأن العدد مكتمل على الرحلة، إلا أنها قابلت اعتذاره برد عنيف فكيف لا تجد مكاناً على الطائرة وهي النجمة اللامعة التي عرفت طريقها إلى العالمية عن طريق المنتجين اليهود في الفيلم الإنجليزي «طريق السموم».

أغلقت كاميليا السماعة، وذهبت لتسهر مع مجموعة من الأصدقاء منهم المطرب الراحل فريد الأطرش، وسرعان ما دق الهاتف وكان المتحدث هو نفسه موظف شركة الطيران الذي قام بمحاولات عديدة حتى عرف بمكان وجودها.

أخبرها الموظف أن أحد الركاب اعتذر عن الرحلة (كان هذا الراكب هو الكاتب أنيس منصور) وأن باستطاعتها السفر مكانه من مطار القاهرة في اليوم التالي.

استقلت كاميليا الطائرة مع ستة ركاب من مطار القاهرة وأقلعت من المطار، وكان آخر اتصال لها عن طريق اللاسلكي في الساعة الواحدة والنصف صباحاً وانقطعت الأخبار بعد ذلك، وسقطت الطائرة وسط الحقول وتفحمت الجثث.

وقرر الطبيب الشرعي الذي عاين جثة كاميليا أن سبب الوفاة هو الجروح النارية وما صاحبها من صدمة عصبية وكسور في عظام الساقين.

وأغرب ما في الحادث أنهم لم يجدوا شيئاً من متعلقاتها سوى خاتم سوليتير قيل أنه مهدي لها من الملك فاروق الذي اُتهم بتدبير الحادث. والشيء الثاني هو «فردة حذاء» من الستان الأخضر بلون الفستان الذي كانت ترتديه.

من دبر الحادث؟ من قتل كاميليا؟ ما هي انتماءاتها؟ هل كانت على صلة بالوكالة اليهودية؟ هل كانت مسيحية متدينة كما يزعم البعض؟ هل كانت عميلة للموساد؟ أسئلة عديدة ماتت إجاباتها عند لحظة احتراقها مع حطام الطائرة.

المصدر

  • كتاب «الفنانون والمخابرات». طاهر البهي.

محمد أحمد

محمد أحمد

صحفي يكتب في التراث والثقافة الشعبية