الكوميديان سعيد صالح.. أضحكنا ودخل السجن

الكوميديان سعيد صالح.. أضحكنا ودخل السجن

بأدائه الكوميدي المتمثل في «إفيهات» متنوعة تثير ضحكات جمهوره، وملابسه من جلباب قصير مضحك أو فستان وباروكة حريمي، ولغة جسد كوميدية تعبر عن قوله: «دي شغلانة مش محتاجة شهادة.. دي محتاجة ليونة» و«انت جيت يا رمضان؟»، أطل نجم الكوميديا سعيد صالح أمام جمهوره لتجسيد شخصية «سلطان السكري» في مسرحية «العيال كبرت» التي عرضت عام 1979، ليظل ذلك الاسم واحد من اثنين ارتبطا به بجانب «مرسي الزناتي» من مسرحية «مدرسة المشاغبين».

صورة 1

300، هو رصيد سعيد صالح من العروض المسرحية، التي برزت فيها موهبته الكوميدية بشكل كامل ودعمها بقدرته العبقرية على الارتجال، وغناء وتلحين الأغاني، وتقديم الاستعراضات الموسيقية. ولأن سعيد صالح كوميديان عبقري، خلق لنفسه عالما مسرحيا مكتملا خاص به وحده.

مايسترو الأداء المسرحي

«الأنانية».. صفة لم يعترف بها قاموس سعيد صالح المسرحي؛ فهو النجم الذي رشح في البداية لتجسيد شخصية «بهجت الأباصيري» البطل الأول في مسرحية «الـ2 مليون متفرج»، ولكنه بعد قراءة نص المسرحية، فضّل القيام بدور «مرسي الزناتي»، ورشّح «عادل إمام» للقيام بدور «زعيم الطلبة» في «مدرسة المشاغبين» التي عرضت عام 1973.

ولم يحتكر «مايسترو الارتجال» كذلك تلك الميزة التي اشتهر بها له فقط، فكان حريصا على إظهار ما بداخل زملائه من مواهب أمام الجمهور، حتى وإن لم يكن ذلك متاحا في إطار النص المسرحي؛ وهو ما ظهر عند محاولته استفزاز الفنان أحمد زكي، في مسرحية «العيال كبرت»، لما يعرفه بشأن خفة الدم التي يتمتع بها الأخير، فتجلى «زكي» في مشهد كوميدي ارتجله بالكامل، وقال فيه جملته الشهيرة «أبوك هيسيب البيت يا سلطان» بـ3 طرق مختلفة.

سعيد صالح «ملك المسرح السياسي»

ذلك هو اللقب الذي منحه إياه جمهوره بسبب اهتمامه بتناول القضايا السياسية لمصر والأمة العربية ضمن أحداث مسرحياته بطريقة ساخرة، سواء كانت جميع أحداث المسرحية تناقش قضية سياسية بعينها مثل مسرحية «قاعدين ليه؟» التي عرضت عام 2005، أو يكتفي هو بمشهد أو حتى مجرد جملة واحدة يظهر بها اعتراضه على أشياء عدة، فيسخر من تسليم والدته في مسرحية «العيال كبرت» بجملة «الشرطة في خدمة الشعب» على كونها مثل شعبي شهير، قائلا: «قال على رأي المثل.. الشرطة في خوربة الشعب!».

«ساحر» الخروج عن النص

تجلت عبقرية سعيد صالح في كثرة خروجه عن النص المسرحي بطريقة ساحرة؛ تضيف إلى المسرحية الكثير من الإبداع، وتزيد من ضحكات الجمهور دقيق المتابعة لأداء نجمه المحبوب. «ينكمش بالحرارة ويتبربر بالبرورة».. جملة عادية تقولها «منى» شقيقة الزعيم عادل إمام بينما يساعدها في دراستها، ولكن في حضور عبقرية كوميدية مثل سعيد صالح، لم تمر تلك الجملة مرور الكرام، فتظل في ذهنه حتى يجد الوقت المناسب ليقولها فوق خشبة المسرح، وتقابل بضحكات متتالية من الجمهور فور سماعهم إياها، وتبقى تلك الجملة فيما بعد من أشهر «إفيهات» مسرحية «مدرسة المشاغبين».

وفي كواليس مسرحية العيال كبرت، يفاجأ سعيد صالح، ببكاء نادية شكري، والتي تجسد شخصية «أخته سوسو» ضمن أحداث المسرحية، فيسألها عن سبب بكائها، لتقول له أن والدها وأصدقائه يجلسون في الصف الأول من المسرح، وهي في هذا الوقت كانت على خلاف كبير معه، فكان رده الفوري «ولا يهمك»، وتابعه بلجوئه إلى عصاه السحرية «الارتجال»، فذهب فوق خشبة المسرح، ونظر إلى والدها الجالس بين الجمهور، وقال له:«مالك يا عم شكري.. مزعل بنتك ليه؟»، لتدوي ضحكات الجمهور في أرجاء المسرح كما تعود منه. وبعد انتهاء المسرحية، يجمع سعيد صالح نادية ووالدها قائلا له:«مفيش حاجة تستحق الزعل.. خد بنتك في حضنك يا عم شكري».

صورة 2

وبالرغم من حبه للخروج عن النص بشكل مبدع، تسبب له ذلك في بعض الأزمات الشخصية، فكانت جملته الارتجالية بإحدى مسرحياته في أوائل الثمانينات،«أمي اتجوزت ثلاثة مرات.. الأول أكلنا المش والتاني علمنا الغش والتالت لا بيهش ولا بينش»، والتي كانت يقصد بها مصر،  سببا في سجنه لعدة شهور.

ولأنه سعيد صالح المشاغب الذي يضرب بأي شئ لا يعجبه عرض الحائط، لم تؤثر هذه التجربة عليه بالسلب، بل قال عن تلك الفترة التي قضاها بالسجن إنها كانت أجمل أيام حياته، لأنه تعرف خلالها على شخصيات رائعة.

صوت «مرسي الزناتي» ضيف على مسرحية «ريا وسكينة»

وبعد تجربة السجن، عاد سعيد صالح إلى بيته المحبب «المسرح» مجددا، ولكن بصوته فقط كمذيع راديو ضمن أحداث مسرحية «ريا وسكينة» التي عرضت عام 1983. وبالرغم من غياب تعبيرات وجهه ولغة جسده على المسرح وقتها، إلا أنه لم يفشل أبدا في رسم ابتسامات متعددة على وجوه المتفرجين. ثم عاود الظهور في عروض مسرحية متعددة بعد ذلك.

«سلطان» الأغاني فوق خشبة المسرح

الغناء بمسرحياته كان من أحب الأشياء إلى قلبه، فهو نجم الكوميديا الذي لم يكتف بأدائه الصوتي لعدد من الأغاني فوق خشبة المسرح، بل قام بتلحين بعضهم أيضا، مثل أغنية «أنا اتلهيت» من مسرحية «كعبلون» التي عرضت عام 1985.

وفي نفس المسرحية، ومن ألحانه أيضا، وكلمات أحمد فؤاد نجم، غنى سعيد صالح «ممنوع من السفر».

أما في مسرحية «البعبع» التي عرضت عام 1990، غنى نجم الكوميديا «بحبك يا بلدي».

ذلك بجانب مشاركته بكوبليه «حظوظ الدنيا» في الاستعراض الشهير بمسرحية «مدرسة المشاغبين».

«سعيد صالح» فنان مصري من مواليد 31 يوليو عام 1938، وحصل على ليسانس آداب القاهرة عام 1960. واكتشفه الفنان حسن يوسف ليقدم أول بطولاته المسرحية في مسرحية «هاللو شلبي» عام 1969.. وتوفى «سلطان السكري» في 1 أغسطس من عام 2014.

أماني عماد

أماني عماد

صحفية مهتمة بمجال الفنون والثقافة.. تهوى الكتابة عن السينما والأفلام، بجانب كتابة سيناريوهات أفلام واسكتشات وقصص قصيرة.