هل يعوق ختان الإناث حلم الزواج، ولماذا؟
ختان الإناث قضية محل جدل متجدد، يؤيده كثيرون ويمارسونه في الخفاء ضد البنات، أما رسميا فهو ممنوع ومجرم قانونا، بعقوبات تصل إلى الحبس، لكن الأثر النفسي للختان على الفتيات لا خلاف عليه، ويتحول إلى شعور بالخوف بمجرد ذكر الكلمة أمامهن، لكن هل يصل لأبعد من ذلك؟
تجارب الختان مرتبطة في أذهان كثيرات بالخوف والصدمة النفسية، وحتى اللاتي لا يتذكرن الألم الذي حدث لهن وقتها، فهن قلقات من تأثير الختان على حياتهن الزوجية.
استشارية العلاقات الأسرية، الدكتورة غادة السمني، تقول إن الختان انتهاك لصحة المرأة النفسية، بالإضافة للتشوهات العضوية التي يسببها للجهاز التناسلي للمرأة.
وتضيف: «مع الأسف الختان عادة انتشرت في المجتمع لاعتقاد الناس أنه يحمي المرأة من الانحراف ويزيد فرص الزواج، لدرجة أن بعض الرجال قد يرفضوا الزواج من فتاة إذا عرفوا أنها لم تُخضع لعملية الختان».
ألم الختان العضوي يتحول لنفسي
ويقول استشاري الصحة النفسية، الدكتور محمد هاني، إن الأعضاء التناسلية للمرأة منطقة حساسة ومليئة بالأعصاب، وأي قطع جراحي فيها لن يمر بسهولة أبدا، فقطع هذه الأعصاب يؤثر على الحالة النفسية للفتاة، وبعض الفتيات لا تتحمل الألم أو تموت بسبب النزيف.
ويضيف لـ«شبابيك» أن: «المرأة بسبب هرموناتها الأنثوية تكون أكثر عرضة للاكتئاب من الرجل. وتعرضها لشيء صعب مثل الختان، يؤدي لأضرار نفسية تحتاج بعدها للتأهيل النفسي».
الابتزاز الجنسي.. حكاوي مراهقات وقعت أسيرات للحب
علاقة عكسية
يلجأ الأهل للختان لحماية بناتهم من الانحراف الجنسي، لكن استشاري الصحة النفسية يرى أن ما يحدث هو العكس.
ويقول «هاني» إن: «إجراء عملية الختان للبنات في بداية المراهقة أو البلوغ من سن 9 سنوات، بيفتح عنيها على معنى كلمة علاقة جنسية، في سن مبكر جدا تكون غير مستعدة نفسيا لفهم هذه الأمور».
ويضيف: «بدل أن تقضي البنت طفولتها بشكل طبيعي، يُسمعها الأهل كلام كبير عليها عن علاقة أعضائها التناسلية بالزواج. وهذا يجعل تفكيرها في الجنس سابق لأوانه خاصة أن هذا الجيل منفتح على التكنولوجيا في سن مبكر جدا، ومن السهل عليها الوصول لأشياء لا يجب أن تعلم عنها في هذا السن».
ويؤكد «هاني» أن الرغبة الجنسية مصدرها المخ، والختان لا يمنع الإثارة الجنسية، لكنه يمنع الإشباع، أما حماية الفتاة من الوقوع في الخطأ فيكون من خلال التوعية الفكرية والنفسية للبنت منذ طفولتها واحتواء أهلها لها، فتنشأ شخصية ناضجة ولديها مبادئ وأخلاق.
ويحدد الأطباء النفسيون الأضرار التي تحدث للفتاة بسبب الختان في التالي:
- الصدمة نفسية
بسبب القطع الجائر للأعضاء التناسلية والظروف السيئة المحيطة بالعملية تدخل الفتاة في حالة من الصدمة النفسية.
يقول «هاني»: «تحدث عملية الختان فجأة ودون تمهيد من الأهل، ويصاحبها نوع من الإجبار والعنف، بالإضافة لعدم استعداد البنت الصغيرة لفهم ما يحدث لها.. كل هذه الأشياء تجعل البنت الصغيرة تشعر أن أهلها يضحون بها، خاصة إذا كانت في سن كبير نسبيا أو في بداية مرحلة المراهقة وتسمع عن أضرار عملية الختان أو عن الحالات التي توفت بسبب الختان».
اللي بيحصل بينكم في الخطوبة صح ولا غلط؟
- الاكتئاب العام
تقول «السمني» لـ«شبابيك» إن «الفتاة التي خضعت لعملية ختان تصبح مصابة بالإحباط والاكتئاب، وقد يصل الأمر لنوبات صداع غير معروفة السبب، نتيجة للصدمة النفسية التي ترسبت في عقلها منذ أن تمت لها عملية الختان».
- خوف من المجتمع
ويوضح «هاني» أن: «البنت تجد أن المنطقة الحساسة التي يخبرها أهلها دائما بضرورة الحفاظ عليها، تفاجأ أنه يتم لها عملية ختان، وتتعرض على أشخاص غرباء وغصبا عنها. وهذا يؤدي لقلة ثقتها في نفسها وخوف دائم من المجتمع ومن نفسها».
- تكره أنوثتها
تؤكد استشارية العلاقات الأسرية غادة السمني، أن الفتاة تشعر بأن الأهل يعاقبونها لأنها «بنت» فتكره جسمها، ويتولد عندها إحساس بالخوف والرعب من أي شيء يخص هذا الجزء من جسمها، وخصوصا فكرة الزواج.
وتضيف أن: «المشاهد المصاحبة لعملية الختان جميعها تترسخ في عقل البنت. وقد تنسى العملية تماما عندما تكبر، لكن آثارها النفسية تظل باقية».
- عقدة من الزواج
يؤدي الختان لصعوبة تجاوب المرأة مع زوجها في العلاقة الحميمة، أو صعوبة في الوصول للذروة الجنسية، ما يسبب مشاكل نفسية وقلق وتوتر ورهبة من العلاقة.
وتحكي «السمني» عن بعض السيدات اللاتي تعاملت معهن، وتقول إن: «الأمر وصل لدرجة أنها رفضت العلاقة الجنسية تماما، وقالت لزوجها إنها لا تريد تكرارها مرة أخرى، وعرضت عليه الزواج من أخرى، لأنها ترى أنه لا أمل فيها».
ويرى «هاني» أن الفتاة ستحتاج لتأهيل نفسي ولتفهم كبير من الأم، التي سيكون عليها دور كبير في توعيتها بالزواج وطمئنتها أن عملية الختان لن تؤثر عليها إذا استطاعت تجاوز هذه المشاكل النفسية.
ويقول لـ«شبابيك»: «للأسف الأمهات يتعاملن مع البنت بمبدأ (لما تكبر هتفهم). لكن هذا يؤثر على المرأة وزوجها بالسلب، لأن الفتاة تكون متوترة ورافضة للأمر، وهذا أيضًا يؤثر على زوجها».
للمراهقين.. تغيرات نفسية وفكرية هتمر بيها.. تتصرف إزاي؟
فروق فردية
تحكي سارة محمد، (اسم مستعار)، 25 سنة، لـ«شبابيك»: «محستش بأي ضرر نفسي للختان، ولا عضوي. ولا كأن فيه حاجة حصلت من اللي بسمعها عن السوشيال ميديا.. يمكن لأن والدتي اتعاملت مع الموضوع بحكمة وفهمتني وخلتني مستعدة ليه كويس. ويمكن لأن الدكتور كان شاطر وفاهم هو بيعمل إيه.. محستش بأي ألم كمان ولا أضرار جانبية.. بس دايما خايفة الأضرار دي تظهر بعد الزواج».
وهنا يعلق استشاري الصحة النفسية الدكتور محمد هاني أن هذه الأضرار تختلف باختلاف كل فتاة ودرجة تحملها للألم وكذلك مهارة الطبيب، وأيضًا عامل السن يكون مهما، فالبنات اللاتي تحدث لهن العملية تحت الـ9 سنوات، لا يتذكرن العملية من الأساس أو أضرارها.
لكن الدكتورة غادة السمني ترى أنه حتى لو نسيت الفتاة آلام الختان أو لم تتعرض للضرر النفسي، بسبب تفهم الأهل أو مهارة الطبيب، فالختان سيؤثر عليها بعد الزواج.
كيفية التعامل مع أضرار الختان؟
بالنسبة للفتيات اللاتي يعانين من أضرار الختان، تقدم استشارية العلاقات الأسرية الحل في خطوات هي:
- إدارك الفتاة لمدى أضرار الختان النفسية والعضوية هو أول خطوة للعلاج.
- يجب أن تسأل الفتاة أو تتذكر جيدا الظروف المحيطة بالموقف حتى تفهم الموقف الذي مرت به ومدى تأثيرة النفسي عليها.
- تثقيف نفسها علميا حول أضرار الختان وطبيعة العلاقة الزوجية.
- معرفة مدى الضرر العضوي الذي حدث لها، لأن بعض عمليات الختان تؤدي لتشوه شديد في الأعضاء التناسلية.
- الذهاب لطبيب نفسي ليساعدها على تجاوز كل ما سبق.
والخطوة الأخيرة هي دور الزوج وتفهمه لما مرت به زوجته، ومساعدتها، وإعطاءها وقتها حتى تبلغ ذروة العلاقة الحميمة.