ببلومانيا.. كيف يقودك حب الكتب إلى الجنون؟

ببلومانيا.. كيف يقودك حب الكتب إلى الجنون؟

في عام 1990 حُكم على الأمريكي ستيفن بلومبرج بالسجن 42 عاما، بعد اكتشاف سرقته ما يزيد عن 23 ألف كتاب. واكتشف «بلومبرج» بعدها أنه مريض بالـ «ببلومانيا».

فإذا كنت مهتما بالكتب إلى حد النهم، وغزير القراءة، ولا تبدو طبيعيا إذا رأيت كتابا، وتحتفظ بها جميعا حتى الكتاب الذي لا قيمة له، وربما تنفق جميع أموالك لشرائها، فإن هذه الحالة ستذهب بعقلك.. إنها «ببلومانيا».

ما هي «ببلومانيا»؟

u

هي نوع للوسواس القهري، ويغرم فيه المصاب بالكتب إلى حد الجنون، ويجد فيها سعادة كبيرة. ويقوم بجمع الكتب لدرجة معاملتها ككنز، ومن شدة ولع المصابين بهذا المرض فهم يجمعون الكتب سواء كانت مفيدة أو غير مفيدة لهم وعادة لا يقرأون الكتب التي يشترونها.

المريض بالـ«ببلومانيا» يجد سعادته في شراء الكتب وجمعها، وهي حالة تم تشخيصها لأول مرة في عام 1866 على يد طبيب بريطاني من مدينة مانشيستر يدعى جون فراير.

ويقول الدكتور نورمان وينر في ورقة بحثية قدمت عام 1966، «على الرغم من أن الولع بالكتب مرض إلا أن قليلون هم من يبدون رغبة في الحصول على علاج، نظرا لكونه سلوك مرغوب عند البعض».

ويقول استشاري الطب النفسي الدكتور إبراهيم مجدي، لـ«شبابيك»، إن الهوس الزائد عن الحد بخصوص أي شيء هو مرض، ومريض الـ«ببلومانيا»، يجد متعته في شراء الكتب حتى لو لم يكن يستفيد منها، مشيرا إلى أن هناك أيضا من لديهم هوس بكتب في مجالات محددة وليس بشكل عام مثل المهووس بكتب التاريخ أو كتب العلم.

أعراضها

يضيف «مجدي» لـ«شبابيك» أن من أعراض المرض:

  • جمع الكتب بطريقة مهووسة.
  • شراء عدة نسخ من نفس الكتاب أو الطبعة.
  • السعادة في التواجد بأي مكان به كتب.
  • تخصيص جزء كبير من الدخل والميزانية لشراء الكتب.

كما أن هناك عدة أعراض تتمثل في:

  • انخفاض القلق عند شرائه لكتب.
  • الببليوماني يكون في قمة سعادته حين يحضر معارض الكتب أو يذهب إلى المكاتب العامة.
  • إذا احترق بيته سيعمل على إنقاذ كتبه اولاً.

ffe

كيف يؤثر على المحيطين به؟

يقول استشاري الطب النفسي إن إشغال المكان في حد ذاته بالكتب التي ليس لها معنى هو مضايقة للمتواجدين في نفس المكان، كما أن الإنفاق الزائد عن الحد على الكتب يدفع صاحبه للإفلاس دون أي مزية يحصل عليها.

وأضاف أن كثرة القراءة والشغف بالكتب إلى حد الهوس تؤثر على العلاقات الاجتماعية للفرد بالإضافة إلى التأثير على الحياة العملية أيضاً.

طريق العلاج

gg

يقول الدكتور «مجدي» إن المواجهة أفضل علاج لمريض «ببلومانيا»، مشيرا إلى أنه ينبغي التحدث معه من قبل المحيطين به.

وتابع أن هناك العلاج النفسي والسلوكي والدوائي، وهي:

- النفسي والسلوكي

يتم عن طريق معالجة معارف الشخص عن الكتب وطريقة التعامل المثلى معها، وكيفية التخطيط الجيد للاستفادة من الكتب.

  • محاولة تطوير مهارات اتخاذ القرار الخاص بالكتب، مثل أن يُسأل:
    • هل كنت حقا بحاجة إلى هذا الكتاب؟
    • ما كنت تنوي القيام به مع هذا الكتاب؟
    • ولماذا اشتريته؟

- التأمل والاسترخاء يساعد على التغلب على تلك الحالة. - وأيضا العلاج بالتنويم المغناطيسي.

– العلاج الدوائي

ويشمل مهدئات كـ:فلوكستين، سيرترالين، الباروكستين، كلوميبرامين، ديسيبرامين، الفينلافاكسين.

كما توصلت دراسات إلى أن جرعة عالية من إينوسيتول (فيتامينB8 )، يظهر فاعلية في علاج الوسواس القهري.

اقرأ أيضا: للقراء.. 8 أمكان لشراء الكتب النادرة بأسعار رمزية

أشهر المولعين بالكتب

  • ستيفن بلومبرج

يعد المواطن الأمريكي ستيفن بلومبرج، هو الأشهر من حيث ولعه باقتناء الكتب، حيث قام بسرقة نحو 24 ألف كتاب، بقيمة 5 مليون دولار، في عام 1990، وتم الحكم عليه بالسجن لمدة 42 عاما، إلا أن طبيبه النفسي الدكتور ويليام لوجان، قدم للمحكمة ما يثبت أنه يعاني من السلوك القهري، والفصام وهو ما عزز ولعه بالكتب فتم تخفيف الحكم لعامين مع إلزامه برد الكتب التي استولى عليها.

ويعتبر «بلومبرج» أنجح لص كتب في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية بحسب ويكيبيديا النسخة الإنجليزية. والغريب أنها لم تكن المرة الأولى ولا الأخيرة في القبض على «بلومبرج» في أثناء سرقته حيث ضبط عدة مرات في 1997 و2003 و2004 .

  • السير توماس فيليبس

كاتب انجليزي، ولد عام 1792 وتوفي عام 1872، وعرف عنه أنه يجمع الكتب والمخطوطات، حتى أنه ترك بعد وفاته مكتبة تضم أكثر من 40 ألف كتاب و60 ألف مخطوطة. ووصف بأنه مجنون كتب.

«توماس» لم يكن يزور مكانا إلا واشترى منه كتابا، حتى أنه تمكن من الحصول على كتب قيمة من جامعة أكسفورد، وحتى قوائم الطعام في المطاعم كان يحتفظ بها.

  • ابن الملقن

هو الحافظ عمر بن علي السراح أبو حفص المعروف بابن الملقن، وهو أحد كبار علماء الحديث والتاريخ والفقه، وهو من الأندلس، عُرف عنه حبه الشديد لاقتناء الكتب.

قال عنه ابن حجر: بلغني أنه حضر في الطاعون العام بيع كتب شخص من المحدثين، فكان وصيه لا يبيع إلا بالنقد الحاضر، قال: فتوجهت إلى منزلي فأخذت كيساً من الدراهم، ودخلت الحلقة فصببته فصرت لا أزيد في الكتاب شيئا إلا قال: بع له، فكان فيما اشتريت، مسند الإمام أحمد بثلاثين درهما.

وقال المقريزي في عقوده أنه كان يتحصل له من ريع الربع كل يوم مثقال ذهب مع رخاء الأسعار وعدم العيال.

دون كيشوت وببلومانيا

في رواية دون كيشوت، تأليف سارفانتس، يحكي عن قصة نبيل يُدعى «كيبكزادا»، كان يعيش في مقاطعة اسبانية تدعى «لامانش»، وكان مولعا بكتب الفروسية إلى الحد الذي جعله يعتقد في نفسه أنه فارس.

ارتدى «كيكزادا» درع الفرسان وامتطى حصانه وسمى نفسه «دون كيشوت» وقام بمغامرات وهمية باعتباره فارس، هو كان يعتقد أنه فارس حقيقي وعليه تحرير العالم من الشر لأن هذا ما يفعله الفرسان، وقادته حالته تلك إلى محاربة طواحين الهواء لاعتقاده أنهم أعداء.

الحالة التي مر بها دون كيشوت في الرواية هي «ببلومانيا».

المصدر

  • المراجع: 1, 2, 3, 4

محمد ربيع

محمد ربيع

صحفي مصري مهتم بالأوضاع الاجتماعية والإنسانية