السنة الهجرية.. قصة التقويم الذي لم يستخدمه المسلمون فقط

السنة الهجرية.. قصة التقويم الذي لم يستخدمه المسلمون فقط

يحتفل المسلمون في بداية شهر محرم بعام هجري جديد، يحيون فيه ذكرى الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، والتي أسست لعهد جديد للدولة الإسلامية. 

التقويم الهجري أو القمري ارتبط في أذهاننا بالشهورالعربية التي تعتمد عليها أغلب الشعائر والمناسبات الدينية الإسلامية مثل الصوم والحج. لكن التقويم القمري الذي استخدمه المسلمون للتأريخ للهجرة لا يقتصر على الدين الإسلامي، فهناك ثقافات أخرى تعتمد التقويم القمري،  مثل التقويم الصيني والتقويم الهندي. 

التقويم القمري أيضا من أقدم التقويمات التي اعتمدت عليها الحضارات القديمة، مثل اليونان والبابليون والسومريون والعبريون، والعرب قبل الإسلام. 

ما هو التقويم القمري؟

التقومي القمري يعتمد على حساب دورة القمر حول الأرض، وهي 12 دورة كاملة خلال السنة الواحدة. كل دورة فيها تعتبر شهرا قمريا كاملا. وبذلك تحتوي السنة القمرية على 12 شهرا.

ويختلف التقويم القمري عن التقويم الميلادي في أن التقويم الميلادي يعتمد على دوران الأرض حول الشمس. ويسمى التقويم الميلادي أيضا بالتقويم الشمسي.

 

الفرق بين التقويم القمري والشمسي؟

وقد تكون سألت نفسك من قبل لماذا يستخدم البعض التقويم القمري والآخر يستخدم التقويم الشمسي؟ أو ما الحاجة لاستخدام التقويمين معا؟

الإجابة هي أن علماء الفلك قديما لاحظوا أن الأرض تدور حول الشمس، ويختلف موقعها بالنسبة للشمس في كل يوم عن اليوم الذي قبله، حتى تتم حركة الأرض حول الشمي 365 يوما، فهي تعود لنفس المكان التي كانت عليه في اليوم الأول من السنة.

هكذا استطاع علماء الفلك حساب السنة الشمسية على أساس دورة الأرض حول الشمس، لكن ظلت عندهم مشكلة واحدة وهي كيف يمكنهم تقسيم الشهور؟

وهنا نظر الفلكيون للقمر ولاحظوا أنه يمر بدورة قمرية، فيبدأ هلالا ثم يكتمل حتى يصير بدرا ثم يبدأ في الاختفاء حتى يتحول إلى محاق. هذه العملية تستغرق 29 يوما ونصف تقريبا.

وإذا كان يمكن للفلكيين حساب السنة الواحدة بسهولة فهي عبارة عن دورة كاملة للأرض حول الشمس، لكن دورة القمر هي شهر واحد فقط ولا يمكن من خلالها حساب سنة كاملة.

ولذلك قرر الفلكييون المزج بين التقويم الشمسي والقمري، وقسموا السنة الشمسية لـ12 شهرا قمريا، لكن بقيت عندهم مشكلة واحدة وهي أن السنة أصبحت 354 يوما فقط، وبقيت 11 يوما لا يعرفون ماذا يفعلون بها؟

أيام النسيء

وحتى يتجنب الفلكيون هذا الفرق في الأيام قرروا إضافة يوم إلى كل شهر شمسي، فأصبحت بعض الشهور الشمسية 30 يوما وبعضها 31 يوما، وبعضها 29 يوما.

وبعد تعديل الشهور الشمسية بهذه الطريقة قسم الفلكيون السنة إلى ثلاثة فصول، بحيث يأتي كل شهر في الفصل ذاته كل عام، فيناير دائما يأتي في الشتاء ومارس في الربيع وهكذا.

لكن مع المقارنة بالشهور العربية فشهر رمضان مثلا يأتي مرة في الصيف ومرة في الشتاء.. فما السبب في ذلك؟

قديما كان الفلكيون يجمعون الـ11 يوما الزائدة ويجعلونها شهرا إضافية على السنة القمرية، كل ثلاث سنوات. وبذلك يأتي الشهر العربي أو القمري موافقا موقعه من فصول السنة في كل عام.

جميع الحضارات التي اعتمدت على التقويم القمري كان تضبطه على فصول السنة بهذه الطريقة. لكن بعد مجيء الإسلام تخلى العرب عن هذه العادة، بعد أن حرم الإسلام التلاعب في حساب الأشهر والسنين تحت اسم «النسيء».

فقبل الإسلام لم يقتصر العرب على زيادة هذه الأيام لضبط التقويم القمري على فصول السنة ولكن أصبح العرب يتلاعبون في حساب السنة بتدبيل الأشهر الحرام، حتى يستطيعون القتال فيها.

أسماء الشهور القمرية

وإذا بحثت عن دلالة أسماء الشهور العربية فستجد أن معظمها يحمل دلالة على فصول السنة. وإن كانت بعض الأقوال فيها متضاربة.

فصفر هو الشهر الذي تصفّر فيه الرياح، وربيع الأول والثاني هما شهور الربيع، وجمادى الأولى هو الشهر الذي تجمد فيه الحبوب على السنابل، ويقال أنه هو الشهر الذي تجمد فيه المياه بسبب شدة البرد.

هذه الدلالات تحمل إشارة لنظام النسيء الذي كان يتعامل به العرب لضبط الشهور القمرية على فصول السنة.

هناك أشهر أخرى تحمل دلالات ليست لها علاقة بفصول السنة، مثل ذو الحجة الذي يتم فيه موسم الحج، وذو القعدة الذي سمي بذلك لأنهم يقعدون عن القتال، وشهر المحرم الذي يحرم فيه القتال أيضا.

اعتماد التقويم الهجري كتقويم للمسلمين

حتى عهد عمر بن الخطاب لم يكن للدولة الإسلامية تقويما خاصا بهم كبقية الدول مثل الدولة الفارسية والبينزطية وغيرها، وهنا اقترح عليه البعض اعتماد السنة الهجرية القمرية كتقويم رسمي للدولة الإسلامية، تبدأ من يوم 1 محرم.

لكن هجرة الرسول نفسها كانت في يوم 21 من شهر ربيع الأول.

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال