حرب أكتوبر.. صراع الطلاب مع السادات يهزم إسرائيل
لعب طلاب الجامعات دورَا كبيرًا في التمهيد لحرب 6 أكتوبر، بتنظيم العديد من التظاهرات للمطالبة بالحرب ورد الكرامة بعد نكسة يونيو 1967، وهو ما قابله الرئيس الراحل أنور السادات بالعنف.
الحركة الطلابية كانت لها دوافع وطنية رغبة في استعادة الأراضي المحتلة، واكتشف الطلاب وقتها أن قضية الديمقراطية قضية أساسية لا تنفصل عن القضية الوطنية، وأن الموقف الاجتماعي والانحياز للطبقات الفقيرة ضرورة؛ لأنهم يدفعون الثمن دائمًا.
كان هدف الطلاب إبان نكسة يونيو هو «النضال لتحرير الأرض المحتلة، والنضال من أجل الطبقات الفقيرة، وتحمل الطبقات الغنية جزءًا مما يتحمله المعدمون، وتحقيق الديمقراطية».
ومثلت الحركة الطلابية في يناير 1972 منحنى هام في النضال الطبقي، ورغم انحسارها وفشلها في التوسع، إلا أنها مهدت الطريق للنضالات التي قام بها أفراد الجيش خلال حرب أكتوبر 1973، والتي صنعت أعظم انتصارات الجيش حتى الأن.
وبسبب شعور الطلاب بأن السادات كان سيماطل فى قرار الحرب مع إسرائيل، قامت الحركة الطلابية بإصدار بيان فى 24 يناير عام 1972 تقرر الخروج في مظاهرات حاشدة ضد التفريط في سيناء، وتدعوا لفتح باب التطوع للالتحاق بالجيش، لخوض حرب التحرير.
جاء ذلك فى إطار ما عرف بانتفاضة الطلاب ضد السادات، بسبب عوامل عديدة مفجرة لهذه الانتفاضة فى 1972 منها خطاب السادات في 10 يناير، ومرارة هزيمة يونيو 1967، وحالة اللا سلم واللا حرب التي عاشتها البلاد منذ تولى السادات الحكم، وسيطرة الحزب الأوحد على العمل السياسي، وانعدام حرية الصحافة.
وبالفعل اندلعت مظاهرات الطلبة في جميع أنحاء الجمهورية تطالب الرئيس السادات بالثأر، ولكن قوات الأمن قابلتها بجميع أشكال العنف من ضرب وتعذيب واعتقال.
وبسبب المشهد الاسطوري الذي صنعه الطلاب عام 1972 حين احتلوا ميدان التحرير في ليلة قارسة البرد، كتب أمل دنقل قصيدته الشهيرة «الكعكة الحجرية».
ويرى بعض المحللين أن السادات كان يعتزم «الحسم» بعيدا عن الحرب؛ غير أن غضبة الشعب المصري التي ظهرت في تضامنه مع الطلاب المطالبين بحرب تحرير دفعته إلى قبول قرار الحرب الذي كان مقررا بعد النكسة.
وخلال الحرب لم يقل شأن طلاب الجامعات عن الجندي في المعركة الذي كان سلاحه لا يفارق يده، ولكن اختلفت أسلحة الطالب ما بين «راية»، و«هتافات»، و«تبرع بالدم».
وجاء دور الطلاب بارزًا لشعورهم بقدر المسؤولية التي يتحملونها تجاه وطنهم، فأصبح حلم تحرير الأرض يجري بدمائهم، وخلال حرب أكتوبر، ساعد ذلك في رفع الروح المعنوية للجنود والقادة على الجبهة، وتوافد المئات من طلاب الجامعات على المستشفيات الحكومية والعسكرية لتقديم الدعم اللازم للمصابين.
ويقول الكاتب ابراهيم عيسى في أحد لقاءاته على إذاعة «نجوم أف أم» إن الجيش تم تشكيله من شباب وطلاب مصر المثقف والمتعلم وخريجي الجامعات، وهذا مكنهم من التعامل مع الأسلحة بشكل أسرع، وأن التعليم والعلم شارك بدرجة كبيرة في حرب أكتوبر، إلى جانب التخطيط والتنظيم، والعمل الجماعي المنظم.
وانتهت حرب أكتوبر لتضع الحركة الطلابية في مصر في معطيات وأحداث أخرى، وتعتبر هذه نهاية الحركة الطلابية القوية في مصر، ومع بداية سياسة التعدد الحزبي بدأ الطلاب وقياداتهم في الانتماء للأحزاب السياسية الجديدة.
وبعد انتهاء الحرب وظهور ما يعرف بسياسة الانفتاح التي أظهرت انحياز السادات للتوصيات الغربية التي هددت بعض المكتسبات الاجتماعية للفقراء، بدأت تظهر على السطح القضية الاجتماعية والمطالب الاقتصادية فضلا عن المطالب الديمقراطية المنادية بالتخلص من الحزب الواحد وفتح الطريق أمام تعددية حزبية وصحافة حرة.
ومهما قيل أن طلاب الجامعات نسوا تاريخهم وتضحياتهم، إلا أنهم سرعان ما يفاجئون الجميع، بل يفاجئون أنفسهم، والتاريخ خير شاهد على ذلك.