من «بريشت» وحتى «القسوة».. تعرف على أبرز مناهج «أبو الفنون»

من «بريشت» وحتى «القسوة».. تعرف على أبرز مناهج «أبو الفنون»

المسرح مليء بالمناهج التي تعتبر مرجعا لكل من يريد أن يتعلم هذا الفن، وسواء كنت في بداية مشوار التمثيل أو الإخراج، أو كنت طالبًا تدرس فن المسرح، ففي هذا الموضوع نقدم لك نبذة عن بعض تلك المناهج  لتستفيد بها وتثقل نفسك بمعلومات عن «أبو الفنون».

بريشت والتغريب

برتولت بريشت هو شاعر ومخرج وكاتب ألماني، ومن أهم كتاب المسرح في القرن العشرين. وقد أتى بمنهج جديد في الإخراج المسرحي وهو «المسرح الملحمي» الذي اتبع فيه نظرية «التغريب».

  • التغريب

والتغريب بمعنى أن أضع حقيقة الظاهرة الاجتماعية التي اعتادنا عليها واعتقدنا إننا نفهمها في حالة غرابة لكي نفهمها بطريقة صحيحة ونكتشف حقيقتها التي يتضح لنا بعد فهمها إنها ليست في صالحنا ومن ثم نثور عليها لكي نغيرها لأن التغريب يمر بمرحلتين أساسيتين.

المرحلة الأولى هي الفهم والثانية هي التغيير، وبدون التغييرلا يحدث تغريب. وبريشت يريد أن يبقي المشاهد طوال العرض في حالة يقظة حتى يكون واعيا لحقيقة الظاهرة الاجتماعية المعروضة أمامه ومن ثم يثور عليها لكي تتغير.

  • عناصره مسرح بريشت

المسرح الملحمي يختلف عن المسرح الذي اعتدنا رؤيته فـ«بريشت» لا يريدك أن تتأثر شعوريًا بما تراه ولكن يريدك أن تبقى يقظا حتى تتأثر عقليًا وتفهم ما يعرض أمامك من ظاهرة ومن ثم تثور.

فالممثل لا يندمج مع الشخصية ولكنه يؤديها حيث نشعر أنه يتحدث عنها كما لو كان شاهدًا على الأحداث. كما أنه ينظر للشخصية في أثناء تأديته لها نظرة انتقادية لكي يجعل المشاهد ينظر أيضًا لما يحدث حوله بعين الناقد.

ودليل عدم اندماجه هو أننا نجده يقيم حوارا بشكل مباشر مع المتفرج فهو يعرض قضية ومن ثم يريد أن يتناقش فيها مع المتفرج حتى يجعله يفهمها ومن ثم يثور عليها.

ليست هناك إضاءة بل إنارة لكل خشبة المسرح لأن «بريشت» كان يريد أن يصور الواقع كما هو، فواقعنا ليس به إضاءة بل إنارة أي أننا نرى كل شيء أمامنا كما أن تلك الإنارة تجعل المشاهد عقله يقظ لأنه يرى أمامه نور ساطع.

أما الموسيقى والأغاني فهي ليست لها علاقة بالحدث، بمعنى أنه إذا كان الحدث حزينا فالموسيقى نجدها مفرحة والعكس صحيح. والديكور لا بد أن يبين الظاهرة الاجتماعية ويبرزها.

لا يوجد أي شيء ثابت على خشبة المسرح لأن «بريشت» كان يؤمن بفكرة التغيير، وأن العالم يتغير وليس ثابت، وذلك التغيير يدعو إليه من خلال مسرحه حتى يجعل المشاهد عارف حقوقه جيدا، دون أن يضلله أحد.​​​​​​​

ماير هولد والآليات الحيوية

ماير هولد مخرج روسي اهتم بالشكل الخارجي للعرض المسرحي وحاول أن يجد أسلوبا جديدا لتطوير مهارات الجسد لأنه كان يؤمن بأن الحركة أكثر قدرة على التعبير من الكلمات.

  • الأليات الحيوية

وهذا الأسلوب هو البيوميكانيك أو الآليات الحيوية الذي يقوم على المعرفة العميقة لمناطق جسد الممثل حتي يصبح عبارة عن ماكينة حية على خشبة المسرح تستطيع القيام بتشكيلات حركية لا حصر لها تعبر عن عدة معاني مختلفة.​​​​​​​

  • الحركة في مسرح هولد

يقول الفيلسوف وليم جيمس إن الحركة هي التي تستولد المشاعر وليس العكس، وهذا ما يؤمن به «هولد» ويطبق ذلك في مسرحه الذي يعتمد على التعبير الحركي الصادر من الممثل وتلك الحركة تستولد مشاعر تؤثر في الجمهور وليس شرطًا أن يتأثر بها الممثل.

فعندما أخرج «هولد» مسرحية «المفتش العام» قام الممثلون بعمل تشكيل حركي لكي يعبروا عن فكرة الرشوة.

  • الممثل عند هولد

كما قولنا فهو ماكينة حية على خشبة المسرح. ويراه أيضًا إنه مثل لاعب الأكروبات الذي يفعل مجموعة كبيرة من التشكيلات الحركية.

وإذا نطق بعض الكلمات عليه أن يقولها بأسلوب خالي من التوتر والبكائية وتطويلات المد الشعري. وإذا كان يعبر حركيًا عن تراجيديات عميقة عليه أن يبتعد عن المبالغات الأدائية من النحيب والصراخ.

ستانيسلافسكي والواقعية السيكولوجية

 قسطنطين ستانيسلافسكي هو مخرج وممثل مسرحي روسي شهير. ويعتبر أحد مؤسسي المسرح الحديث. وكان يتبع في مسرحه أسلوب الواقعية السيكولوجية.

  • الواقعية  السيكولوجية

تقوم على أن الممثل عليه أن يغوص في أعماق الشخصية التي يقدمها لكي يصل إلى دوافعها النفسية، ومن ثم يصبح هو والشخصية روحا واحدة لكي يعبر عنها بواقعية على خشبة المسرح، والجمهور يشعر أنه متقمص الشخصية وليس أنه يؤديها ظاهريًا فقط.

  • ممثل ستانيسلافسكي

الممثل عند «ستانيسلافسكي» هو جوهر العمل المسرحي وهو القادر على نقل فكرة النص على خشبة المسرح.

 ويؤمن «ستانيسلافسكي» أن كل العناصر المسرحية يجب توظيفها لكي تساعد الممثل على الوصول للإحساس المناسب عند تقمصه للشخصية.

  • العناصر المسرحية والممثل

يرى «ستان» أن الحركة لا بد أن تتوافر مع الحالة الروحية التي يشعر بها الممثل وأن الإضاءة لا بد أن تعكس الحالة المزاجية العامة للممثل. أما الموسيقى فيجب أن تخلق للممثل حالة مزاجية تساعده على معايشة مشاعرالشخصية.

 

جروتوفسكي والمسرح الفقير

جيرزي جروتوفسكي هو مخرج ومدرب مسرحي بولندي رفض فكرة التركيز على عناصر العرض المسرحي ونادى بفكرة «المسرح الفقير»، لأنه كان يرى أن المسرح ليس في ثراء السينما فهو فقير لا يستطيع أن ينفق مثل التليفزيون فلا بد أن يكون متقشفًا لذا نادى بممثل قديس لمسرح فقير.

ومسرحه يتم فيه التركيز على العلاقة بين الممثل والمتفرج دون التركيز على أي عناصر أخرى. والممثل  هو ممثل مقدس يقوم بفعل تضحية بمعنى إنه يضحي بذاته ويكشف روحه لكي يستطيع أن يعبر عن ما يدور بداخل روح المتفرج. لكي تعرف معلومات أكثر عن المسرح اضغط هنا

ساكس ميننجن والدقة التاريخية

تطور دور المخرج المسرحي من خلال العرض الأول الذي قام به المخرج جورج التاني الشهير بساكس ميننجن في برلين عام 1874، وأصبح للمخرج دور محدد يقوم بيه. 

وقد أسس «ميننجن» مدرسة تسمى الدقة التاريخية وكان حريص أن يكون أمينا في تقديم الحقائق التاريخية،  وأصبحت فرقته «ميننجرز» متميزة في تقديم المسرحيات التي ترجع لحقب تاريخية قديمة. ولكي تعرف ما الذي يفعله لكي يكون دقيقا في تقديم الأحداث التاريخية اضغط هنا

أنطونين أرتو ومسرح القسوة

أرتو هو شاعر سريالي وممثل وناقد وكاتب ومخرج مسرحي فرنسي أسس مسرح القسوة الذي يقوم على عرض ما يدور في لاوعي المتفرج من صور قاسية  تحدث في المجتمع من عنف، جنس، جريمة، مخدرات وذلك حتى يشرك الجميع في معاناة الإنسانية حيث أنه أراد إزالة الفجوة بين حياة الفرد الاجتماعية وما يشعر به في لا وعيه. بغرض أن يحرر ذهنه من كل شيء ويجعله في حالة تسمح باستقبال العواطف والأفكار السامية التي توجد خلال الأسطورة التي يعرضها كأنها حلم.

  • عناصر مسرح أرتو

الممثل يعتمد على الحركة بشكل كبير، والكلام أيضًا الذي يستخدمه من أجل خلق إيقاع موسيقي كأن يكرر جملة بنبرات ونغمات مختلفة للوصول إلى شكل من أشكال التوازن الهارموني، كما أنه يرتجل ولا يعتمد على نص مكتوب. 

وركز «أرتو» على الضوء والصوت الذي كثيرا من الأحيان يكون عاليا ومزعجا. وذلك لكي يجعل الجمهور يشعر بالفزع الذي يخدم فكرة مسرح القسوة.

 

الكلمات المفتاحية

رغدة جلال الدين

رغدة جلال الدين

صحفية مصرية تكتب في المجال الفني، إلى جانب كونها ممثلة ومغنية بفرقة «بهججة»