رئيس التحرير أحمد متولي
 في 2017 الضغوط المالية ممكن تجننك.. بس التعامل الصح كده

في 2017 الضغوط المالية ممكن تجننك.. بس التعامل الصح كده

«مش عارف أحوش ومش عارف هتجوز إزاي ولا أعمل مشروع إزاي» بهذه الكلمات يلخص أحمد أبو عرب معاناته بسبب الضغوط المالية التي يواجهها، ولأن حاله لا يختلف عن حال الكثير من الشباب، يوضح «شبابيك» في هذا التقرير كيفية التعامل مع هذه الضغوط كمحاولة لتقليل آثارها السلبية المختلفة، وذلك من خلال الاستعانة باستشاري الطب النفسي، دكتور جمال فرويز، والخبيران الاقتصاديان، دكتور عماد مهنا، ودكتور مدحت نافع.

الضغوط المالية

يعاني أحمد أبو عرب، 22 سنة وحاصل على دبلوم، من ضغوط مالية كثيرة، فعمله كمساعد فني تكييف يوفر له دخل غير ثابت يتراوح ما بين 1000 إلى 1500 جنيه في الشهر، ويتوقف هذا الدخل بمجرد حلول فصل الشتاء، لتوقف التكييفات فيه، ليبدأ أحمد في رحلة البحث عن وظيفة مرة أخرى حتى يتمكن من توفير احتياجاته الأساسية خلال هذا الفصل، وهو ما لم يتمكن منه إلى الآن.

ويحكي «أحمد» معاناته في توفير احتياجاته الأساسية: «أنا لسه مبتدئ في مجال التكييفات، يعني مبقتش فني عشان أقدر اشتغل لصالحي، وشغلي في مجال التكييفات بيكفي 40% بس من الاحتياجات الأساسية، وبعدين ممكن استلف عشان أقدر أوفر تكاليف باقي الشهر.»

وعن مدى إمكانية البحث عن عمل إضافي، يتسائل أحمد: «طيب أجيب وقت منين للشغل الإضافي وأنا بشتغل 10 أو 12 ساعة في اليوم؟»، ويختم حديثه بتساؤل أخر: « قولولي أعمل أيه، وأنا حتى لا أملك مبلغ يكفي لإقامة مشروع خاص؟»

ووجد حسين فؤاد، مدرس، أن الحل الأمثل للتغلب على ضغوطه المالية هو العمل بوظيفة إضافية بجانب عمله في مجال التدريس، ويقول: «أنا شغال الصبح في المدرسة، وأخر النهار شغال بصنعتي، نقاش.»

ويعتبر «حسين» أوفر حظا لأن عمله الإضافي مكنه من إدخار جزء من دخله الشهري لتوفير تكاليف الزواج، حيث ذكر: «دخلي من شغلي الأساسي 2000 جنيه كنت بقدر أوفرهم في الشهر وأصرف من شغلي الإضافي، لكن مع ارتفاع الأسعار مبقتش أقدر أوفر غير 1500 جنيه أو أقل كمان.»

 5 فوائد للضائقة المالية.. مش هيبقى فقر وخراب بيوت

واضطرت نهى عبد الله (اسم مستعار) إلى الخروج للعمل حتى تتمكن من مساعدة زوجها في توفير احتياجات الأسرة بعد ارتفاع الأسعار، وتقول: «أنا مكنتش بشتغل بس نزلت شغل الشهر ده، لأن جوزي بيشتغل مسؤول وردية ومرتبه مش بيكفي، لأن كمان فيه أطفال عايزين بامبرز ولبن وزبادي وغيره، وكده الحل هو شغل تاني لأن مهما حاولت أوفر بردو مش هقدر أكمل الشهر بسبب زيادة الأسعار الرهيبة وثبات المرتب.»

أما آية سيف النصر، خريجة لغات وترجمة فورية وتعمل بالشئون الإدارية في إحدى الشركات، فراتبها يصل إلى 2800 جنيه وتمتلك سيارة ملاكي، لذلك يظن الكثيرون أنها تعيش حياة مرفهة، إلا أن ذلك على غير الواقع، فبعد الارتفاع الكبير في الأسعار أصبحت تعاني من ضغوط مالية أيضا مثلها مثل باقي الشباب الأقل دخلا. وتقول آية: «مرتبي المفروض 2800 لكن بيوصل لـ 2000 بعد الضرايب وغيره، غير بنزين العربية، بعد ما كنت بفول بـ97 جنيه دلوقت بفولها بـ140 جنيه وده بيكون مرتين تلاتة في الشهر، غير تمن الركنة.»

وتستكمل حديثها: «أنا كمان مخطوبة، ووالدي على المعاش ودخله محدود، يعني أنا اللي عليا الجزء الأكبر من التزامات الجواز والجهاز، وبعد ارتفاع الأسعار طقم الصيني بقى بـ6 آلاف جنيه، وكنت هشتري تليفزيون لقيت الأصلي وصل لـ 7500 جنيه، فقررت إني اتنازل عنه وبدأت اتنازل عن حاجات كتير، حتى في الأساسيات زي الأكل والشرب واللبس.»، وتتابع: «خطيبي كمان بيعاني من نفس الضغوط بعد زيادة أسعار العفش، لدرجة إن متر رخام المطبخ وصل لـ 900 جنيه، عشان كده قررنا منعملش فرح ونكتفي بكتب الكتاب بس.»

الآثار النفسية

يقول استشاري الطب النفسي دكتور جمال فرويز، لـ«شبابيك» إن الضغوط المالية تسبب الكثير من المشاكل النفسية لمن يتعرض لها، إلا أن هذه المشاكل تختلف بإختلاف المرحلة العمرية. ويضيف: «فإذا كان من يعاني من هذه الضغوط في سن صغيرة أي من 16 إلى 24 سنة، وفي فترة تدهور سن المراهقة، فإنه سيتخذ قرارات عنيفة ضد نفسه كوسيلة للتخلص من هذه الضغوط، وفي الغالب يلجأ إلى الانتحار مباشرة دون تفكير.»

ويستكمل حديثه: «وتقل الآثار النفسية للضغوط المالية في المرحلة العمرية الأكبر، حيث يمر الشخص بحالة من القلق أو التوتر والضيق تنتهي بإنتهاء الأزمة المادية. أما إذا كان هذا الشخص لديه استعداد نفسي لمرض عقلي نتيجة لعوامل وراثية، فهذه الضغوط أو الأزمات المالية يمكن أن تتسبب في إصابته ببعض الأمراض العقلية، كالفصام، الهوس، أو الاكتئاب الشديد، إذا كان يحمل جين المرض.»

كيف تتعامل مع هذه الضغوط؟

يؤكد «فرويز» أن جميعنا معرضون لهذه الضغوط المالية، إلا أن طريقة التعامل معها هي التي تحدد مدى حدة آثارها النفسية. ولتجنب المشاكل النفسية الناتجة عن تلك الضغوط قدر الإمكان وللخروج من الضائقة المادية بأقل الخسائر، أوصى استشاري الطب النفسي باتباع النصائح التالية:

- الهدوء والتفكير بمنطقية وعقلانية، لأن التوتر والاستسلام للمشكلة لن يُمكن من حلها بل يؤدي إلى تفاقمها.

- العصف الذهني: ويتطلب الإسترخاء والجلوس في مكان هاديء للتفكير في جميع الحلول الممكنة التي تساعد على تخطي الأزمة المادية.

كأن تفكر مثلا في مدى إمكانية أخذ سلفة من العمل أو أحد أقاربك، أو التقليل من نفقاتك، أو تكوين «جمعية» مع مجموعة من الزملاء، وغيرها من الحلول مع ضرورة وضع إمكانية التنفيذ وتوابع كل حل في الاعتبار قبل الإقدام عليه.

بهذه الطرق ستوفر مرتبك حتى آخر الشهر

ومن جانبه، أكد الخبير الاقتصادي، دكتور عماد مهنا أن 70 % أو أكثر من الشعب المصري يعانون من الضغوط المالية بسبب سوء الأحوال الاقتصادية، بل أصبحوا يمرون بأزمة في توفير الاحتياجات الأساسية نظرا لارتفاع الأسعار.

وأوضح «مهنا» أن التعامل الصحيح مع الضغوط المالية يتمثل في محاولة تقليل الإنفاق وتحسين الدخل، ويكون ذلك عن طريق:

- التركيز على الأساسيات وتحديد الأولويات، بحيث يتم الإنفاق على الاحتياجات الأهم أولا وتأجيل المهم، ويتطلب ذلك وضع خطة مكتوبة.

- التخفيض من السلع الاستفزازية مثل الإلكترونيات والهواتف المحمولة، لأنها تستهلك 60% من الدخل.

- البحث عن مصادر إضافية للدخل، كالعمل في وظيفة أخرى بجانب الوظيفة الأساسية.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن تجارة العقارات تعتبر من أكثر أنواع الاستثمار تحقيقا للربح وتساعد على تحسين الدخل بشكل كبير، لافتا إلى أنها تعتبر من أكثر القطاعات استقرارا.

كما نصح «مهنا» بضرورة استثمار النقود بأي طريقة بدلا من إدخارها في المنزل، وإن كانت لا تكفي كرأس مال لإقامة مشروع بشكل مستقل، فيمكن استثمارها في المشاريع الخاصة لأحد أصدقائك أو أقاربك، أي أن يكون مشروع قائم بالفعل وناجح، فيمكن أن يخفف ذلك من الضغوط المالية أو يسهم ذلك في حل أزمة مادية يمكن أن تتعرض لها في المستقبل.

وقتك ع النت.. استغل 5 مواقع للشغل والمكسب مضمون

ويرى الخبير الاقتصادي، دكتور مدحت نافع، أن الحل الأمثل للتغلب على الضغوط المالية هو إقامة مشروعات صغيرة أو متناهية الصغر، التي لا يزيد رأس مالها عن 20 ألف جنيه تقريبا، ويمكن أن يشترك في المشروع 6 أفراد، مشيرا إلى أن هناك جمعيات ومؤسسات لتمويل هذه المشروعات.

ويقترح مدحت إقامة ورش صغيرة لتصنيع وليس بيع المنتجات المنزلية مثلا، لأنها لا تحتاج لرأس مال كبير وفي الوقت نفسه مطلوبة في جميع البيوت المصرية، والسوق المحلية تحتاج منتجات بسيطة وتكاليفها قليلة جدا، ويمكن أن تعتمد في البداية على التصنيع اليدوي أو الأنوال أو غيره من الخامات البدائية غير المكلفة.

ويضيف: «ومن الممكن البحث عن المنتجات البسيطة التي يتم استيرادها من الصين ليتم تصنيعها في هذه الورش وبيعها، وبمرور الوقت سيبدأ المشروع في الإزدهار لتصل في النهاية إلى مرحلة التصدير للخارج.»

أما عن الإدخار، فيقول نافع إن أسوأ نوع من أنواع الإدخار هو إدخار النقود بالمنزل، لأنه يحول دون استثمارها وتحقيق ربح إضافي، ومشيرا إلى أنه يمكن استثمارها في البنك أو البورصة أو حتى في مشروع قائم بالفعل وهو ما نصح به «مهنا» أيضا.

ويوصي الخبير، بالبعد عن الوظائف التي ليس لها مستقبل أي التي يظل الراتب ثابت فيها رغم مرور عدة سنوات، موضحا: «يعني لو عارف إن مرتبك في شغلك اللي انت فيه مش هيزيد عن 3 آلاف جنيه مثلا بعد مرور 3 أو خمس سنين يبقى الأفضل تسيبه أو تدور على شغل تاني جنبه يكون مستقبله أحسن.»

أسماء أبو بكر

أسماء أبو بكر

عن كاتب المقال: صحفية مصرية حاصلة على كلية الإعلام من جامعة القاهرة، تهتم بشؤون الطلاب